حذّر بحث جديد من أن إزالة الغابات على نطاق واسع، بدءًا من الأمازون وصولًا إلى غابات إفريقيا وجنوب شرق آسيا، تتسبّب بانخفاض معدلات تساقط الأمطار في المناطق الاستوائية.
وتوصّل الباحثون إلى أنّ المنطقة التي تُواجه الخطر الأكبر هي حوض الكونغو، الذي يُتوقَع أن يشهد تسارعًا في عملية إزالة الغابات خلال السنوات المقبلة، ما قد يؤدي إلى انخفاض تساقط الأمطار بنسبة قد تتعدى الـ10% بحلول نهاية القرن.
واستند البحث، الذي نُشرت نتائجه الأربعاء في مجلة "نيتشر"، إلى صور التقطتها الأقمار الاصطناعية مدى العقود الأخيرة، لتؤكد توقّعات أفادت بها نماذج حاسوبية خاصة بتغيّر المناخ بأنّ معدلات هطول الأمطار ستنخفض في المناطق الاستوائية مع تزايد عمليات إزالة الغابات.
وقال معد الدراسة الرئيسي كالوم سميث من جامعة ليدز: إنّ نتائج البحث تنطوي على مخاوف إضافية من "أننا قد نصل إلى نقطة تعجز فيها الغابات المطيرة على الاستمرار".
ودعا سميث إلى التزام أكبر بحفظ الغابات، فيما خلص الباحثون إلى أن استعادة مساحات كبيرة من الغابات المدمّرة قد يوقف تدهور معدلات هطول الأمطار بنسبة معينة.
وتُعرَف أهمية الغابات الاستوائية على المناخ العالمي لأنها تمتصّ وتخزّن ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، إلا أن آثار إزالة الأشجار على الظروف المناخية المحلية رُصدت في مناطق معينة فقط.
تراجع إنتاج المحاصيل
وتُهدّد إزالة الغابات، المدفوعة بإنتاج محاصيل سلعية كزيت النخيل وفول الصويا، وتربية المواشي، وعمليات استغلال الأخشاب، بتفاقم ظواهر التغيّر المناخي وتدمير التنوّع البيولوجي.
وقد تؤدي إزالة الغابات إلى إلحاق أضرار بالمجتمعات.
وأكد الباحثون أنّ إنتاج المحاصيل قد ينخفض تزامنًا مع إزالة الغابات، في حين أن الجفاف المتزايد يمكن أن يؤدي إلى زيادة في وتيرة الحرائق، وهو ما ينجم عنه انخفاض إجمالي في الإنتاجية بمناطق الغابات الاستوائية.
واستنادًا إلى بيانات جُمعت في الأمازون والكونغو وجنوب شرق آسيا بين عامي 2003 و2017، توصّل سميث وزملاؤه إلى أنّ إزالة الغابات على نطاق واسع، تعطّل دورة المياه، كما تؤدي إلى انخفاض كبير في معدلات هطول الأمطار، مع تسجيل الخسائر الأكبر خلال مواسم المتساقطات.
وتُعيد الأشجار بخار الماء إلى الهواء من خلال أوراقها، مما قد يؤدي إلى هطول أمطار محلية.
وحذّر العلماء من أنّ التغيّر المناخي المتزامن مع تدمير الغابات في حوض الأمازون، وهو أكبر منطقة حيوية استوائية في العالم، يدفع الغابة الاستوائية نحو "نقطة تحوّل" ستجعلها منطقةً مشابهة لسهول السافانا.
وحطّمت ظاهرة إزالة الغابات في منطقة الأمازون البرازيلية خلال النصف الأول من عام 2022، جميع الأرقام القياسية، حيث أظهرت بيانات المعهد الوطني لأبحاث الفضاء أن منطقة غابة الأمازون في البرازيل خسرت بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران 2022 ما مقداره 3988 كيلومترًا مربعًا بسبب قطع الأشجار.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان في حديث سابق إلى "العربي" أن الأمازون هي رئة الكرة الأرضية، وهي من أهم الأنظمة البيئة على مستوى العالم، وهي تعد إسفنجة لامتصاص ثاني أوكسيد الكربون، مشدّدًا على أن "العالم بأكمله هو نظام حيوي واحد، وأن ما يجري في البرازيل يؤثر على مناطق أخرى، وعلى جميع المؤشرات المناخية الحيوية".