الإثنين 16 Sep / September 2024

لإنجاح انتقالها البيئي.. ألمانيا تطوي صفحة الطاقة النووية نهائيًا

لإنجاح انتقالها البيئي.. ألمانيا تطوي صفحة الطاقة النووية نهائيًا

شارك القصة

ناقشت فقرة ضمن "الأخيرة" السباق النووي الأوروبي لحل أزمة الطاقة (الصورة: غيتي)
تنفّذ ألمانيا قرار التخلّص التدريجي من الطاقة النووية المتخذ عام 2002، حيث تغلق آخر ثلاثة مفاعلات السبت المقبل.

بينما تعتمد الكثير من الدول الغربية على الطاقة النووية، تطوي ألمانيا، الرائدة اقتصاديًا في أوروبا، هذه الصفحة نهائيًا، مع إغلاق آخر ثلاثة مفاعلات نووية السبت، رغم الجدل المتواصل حول الموضوع.

على ضفاف نهر نيكار، وعلى مقربة من مدينة شتوتغارت في جنوب ألمانيا، سيُصبح البخار الأبيض المنبعث من محطة بادن فورتمبيرغ للطاقة النووية قريبًا مجرد ذكرى.

وكذلك الأمر يسري على مجمعي "إيسار 2" بمنطقة بافاريا شرق البلاد، وإيمسلاند شمالًا، في الطرف الآخر من ألمانيا قرب الحدود الهولندية.

معوّلة على إنجاح انتقالها البيئي من دون الاعتماد على الطاقة الذرية، تنفّذ ألمانيا قرار التخلّص التدريجي من الطاقة النووية المتخذ عام 2002، والذي سرّعته أنجيلا ميركل عام 2011، بعد كارثة فوكوشيما في اليابان.

وحينها، قالت المستشارة الألمانية إنّ كارثة فوكوشيما أظهرت أنه "حتى في بلد عالي التقنية مثل اليابان، لا يمكن السيطرة على المخاطر المرتبطة بالطاقة النووية بنسبة 100%".

وأقنع هذا الإعلان الرأي العام، في بلد تأجّجت فيه حركة قوية مناهضة للطاقة النووية في بادئ الأمر، بفعل مخاوف من صراع مرتبط بالحرب الباردة، ثمّ إثر حوادث مثل تشيرنوبيل.

وكادت الحرب الروسية على أوكرانيا، أن تدفع برلين إلى إعادة نظر شاملة في الموضوع: فمع حرمان ألمانيا من الغاز الروسي بعدما قطعت موسكو الجزء الأكبر منه، وجدت برلين نفسها معرّضة لأحلك السيناريوهات، من خطر إغلاق مصانعها إلى خطر الحرمان من التدفئة في عزّ الشتاء.

تختبر محطة نيكارفيستهايم للطاقة النووية ساعاتها الأخيرة
تختبر محطة نيكارفيستهايم للطاقة النووية ساعاتها الأخيرة- غيتي

"لا مجال للعودة إلى الوراء"

قبل أشهر قليلة من الموعد المبدئي لإغلاق المفاعلات الثلاثة الأخيرة، في 31 ديمسبر/كانون الأول الماضي، بدأت رياح الرأي العام تتحوّل. وقال يوشين وينكلر، رئيس بلدية نيكارفيستهايم، حيث تختبر محطة الطاقة ساعاتها الأخيرة، إنه "مع ارتفاع أسعار الطاقة، وموضوع المناخ المشتعل، علت بطبيعة الحال أصوات للمطالبة بتمديد عمل المحطات".

وأخيرًا، قرّرت حكومة أولاف شولتس التي ينضوي فيها حزب الخضر، الأكثر عداءً للطاقة النووية، تمديد تشغيل المفاعلات لتأمين الإمدادات حتى 15 ابريل/نيسان المقبل.

وأوضح وينكلر: "ربما كان ليتجدّد النقاش فيما لو شهدنا شتاء أكثر صعوبة، أو في حال حصل انقطاع في التيار الكهربائي ونقص في الغاز. لكن الشتاء الذي مرّ علينا لم تتخلّله مشكلات كثيرة"، بفضل الاستيراد الهائل للغاز الطبيعي المسال.

وبالنسبة لرئيس بلدية البلدة التي يبلغ عدد سكانها 4 آلاف نسمة، يعمل أكثر من 150 منهم في محطة توليد الكهرباء، يبدو أن "العجلة بدأت بالدوران" ولم يعد هناك وقت "للرجوع إلى الوراء".

منذ عام 2003، أغلقت ألمانيا ستة عشر مفاعلًا. ووفّرت المحطات الثلاثة الأخيرة 6% من الطاقة المنتجة في البلاد العام الماضي، بعدما أمّنت الطاقة النووية 30.8% من إجمالي كميات الطاقة في البلاد عام 1997.

وفي الوقت نفسه، بلغت حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج التوليد 46% عام 2022، مقارنة بأقل من 25% قبل عشر سنوات.

مصادر طاقة جديدة

ومع ذلك، فإن وتيرة التقدّم الحالية في مصادر الطاقة المتجدّدة لا تُرضي الحكومة ولا الناشطين البيئيين، ولن تحقّق ألمانيا أهدافها المناخية من دون جهود إضافية قوية.

وقال يورغ زاكمان، المتخصص في قضايا الطاقة في مركز بروغل للبحوث في بروكسل: "هذه الأهداف طموحة أصلًا حتى من دون التخلّص التدريجي من الطاقة النووية، وفي كل مرة نحرم فيها أنفسنا من خيار تقني، نجعل الأمور أكثر صعوبة".

وتعتبر المعادلة أكثر تعقيدًا في ظل هدف إغلاق جميع محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في البلاد بحلول عام 2038، مع إغلاق نسبة كبيرة منها بحلول عام 2030.

ولا يزال الفحم يمثّل ثلث إنتاج الكهرباء في ألمانيا، بزيادة قدرها 8% العام الماضي لتعويض غياب الغاز الروسي.

وأكد شولتس ضرورة تركيب ألمانيا "4 إلى 5 توربينات رياح كل يوم" خلال السنوات القليلة المقبلة لتغطية احتياجاتها. وتُعدّ هذه الأرقام مرتفعة مقارنة بنصب 551 توربينة عام 2022.

ومن شأن سلسلة من التخفيفات في القيود التنظيمية التي اعتُمدت في الأشهر الأخيرة، أن تتيح تسريع الوتيرة.

وأوضح اتحاد القطاع (BWE) أنّ "عملية التخطيط والموافقة على مشروع طاقة الرياح تستغرق ما بين 4 إلى 5 سنوات في المتوسط"، مضيفًا أنّ تسريع الوتيرة بعام أو عامين يُشكّل "تقدّمًا كبيرًا" بالفعل.

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
Close