أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون أن بلاده ستتسلم الصيغة النهائية لاقتراح ترسيم حدودها البحرية مع إسرائيل في غضون ساعات.
وأضاف عون أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين أبلغه في اتصال هاتفي بأنه تم تحديد الملاحظات بشأن الاقتراح.
كما جاء في بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، أن "الجانب اللبناني سوف يدرس الصيغة النهائية لاقتراح المبعوث الأميركي بشكل دقيق، تمهيدًا لاتخاذ القرار المناسب".
وتواجه السلطات اللبنانية انتقادات واسعة بسبب مسودة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، نظرًا للقبول بحقل قانا الافتراضي وضبابية كمية الموارد الباطنية بداخله، وعلى النقيض يرى خبراء أن الاتفاق يتضمن إيجابيات، ومكاسب سياسية وإستراتيجية.
ماذا في سطور الاتفاق؟
وفي هذا السياق، تُطرح أسئلة كثيرة عما تخفيه سطور ورقة هوكشتاين، خصوصًا فيما يتعلق بالثروات التي سيتحصل عليها كل طرف، ولا سيما أنه حتى لو تبين وجود ثروات في قانا، فإن استخراجها والاستفادة منها يحتاجان إلى مسار تقني طويل، ومع ذلك فإن لبنان يعول على الحقول الأخرى الملحقة بقانا.
ويقول نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بو صعب، إن "الاتفاق هو توازن في المصالح وتوزيع عادل للعائدات، وليس فيه غالب ولا مغلوب".
وبحسب مراسلة "العربي"، إذا ما تم الاتفاق، سيبقى أمام الاستفادة منه مسار قد يكون أطول وأكثر تعقيدًا من مسار التوصل إلى الاتفاق ذاته.
وكانت إسرائيل بدأت عمليات الضخ التجريبي من الساحل باتجاه منصة استخراج الغاز من حقل "كاريش" لفحص جاهزية شبكة الأنابيب والإمدادات، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الطاقة الإسرائيلية.
ووفق مصادر إسرائيلية، فقد بدأ خلال مرحلة الفحص الأخير، ضخ الغاز من حقل "كاريش" إلى الشاطئ، بعد أن أرجئت لاعتبارات لوجستية خاصة بشركة "إنرجيان" للطاقة.
#لبنان يعتبر حقل قانا انتصارا أمام اسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية#العربي_اليوم تقرير: جويس الحاج خوري pic.twitter.com/dq4t2C24SM
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 10, 2022
أداء المفاوض اللبناني
وفي هذا الإطار، يشير الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير، إلى أن معلومات كثيرة سُربت خلال الساعات القليلة الماضية في الإعلام الإسرائيلي، تباينت بين أن إسرائيل ترفض الملاحظات اللبنانية، وبين رغبة إسرائيلية في الوصول إلى الاتفاق نظرًا للمصالح الإستراتيجية الإسرائيلية، وخاصة خوفًا من حصول انفجار أمني كبير.
ويضيف في حديث إلى "العربي"، من العاصمة اللبنانية بيروت، أن ما جرى في الساعات الماضية يؤكد أن أداء المفاوض اللبناني كان في الاتجاه الصحيح، وأن لبنان من خلال كل المعنيين بملف ترسيم الحدود، يسعى للحصول على ثروته، والاستقرار الأمني والاقتصادي.
وحول السيناريوهات التي قد يلجأ إليها حزب الله فيما لو بدأت إسرائيل استخراج الغاز باتفاق أو بدونه، يقول قصير: إن "حزب الله أعلن سابقًا بأنه يقف خلف الموقف اللبناني الرسمي، أما إذا ذهبت إسرائيل لاستخراج الغاز والنفط من حقل كاريش بدون اتفاق فسينفذ تهديداته".
ما هي الرسائل الإسرائيلية؟
وحول دلالات بدء إسرائيل الضخ التجريبي العكسي، يوضح الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي، أن إسرائيل تريد بهذه الخطوة إرسال عدة رسائل في أكثر من اتجاه، منها إلى حزب الله اللبناني، بأن تل أبيب مصرة على المضي في مشروع استخراج الغاز.
ويشير البرغوثي في حديث لـ"العربي"، من رام الله، إلى أن مصادر إسرائيلية أفادت بأن تل أبيب أكدت أن ما تقوم به يأتي في الإطار التجريبي للمنصة والأنابيب، وليس في إطار عمليات استخراج غاز بشكل مباشر.
ومن الرسائل الأخرى التي تريد إسرائيل توجيهها، من خلال بدء الضخ التجريبي، حسب البرغوثي؛ الرد على الضغوط التي تواجهها من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو الذي يتهمها بالتنازل عن مياه تخص إسرائيل، لذلك تسعى تل أبيب بتهديد حزب الله لإيصال رسالة إلى جمهورها بأنها ستدافع عن مصالحها من ناحية، وتريد أن تخفف من حدة انتقادات نتنياهو من ناحية أخرى، وفي الوقت نفسه ترسل رسائل من خلال الوسطاء تؤكد بأنها لا تريد الذهاب إلى التصعيد.
ويلفت البرغوثي، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد يريد أن يحدث اختراقًا دوليًا لصالح إسرائيل عبر جعلها مصدرًا للغاز المطلوب بشدة في العالم، وتحقيق مكاسب كبيرة لتل أبيب من خلال استخراج الغاز، كما أنه يسعى إلى تحقيق اتفاق مع دولة عربية ولو كان مبدئيًا في ترسيم الحدود.
وكان الوسيط الأميركي سلم مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، كلاً من لبنان وإسرائيل مسودة اتفاق لترسيم الحدود البحرية بينهما، إلا أن الطرفين أبديا ملاحظات عليها.
وفي وقت سابق، أعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان، أن ملاحظات بيروت على مسودة اتفاق لترسيم الحدود تضمن حقوقها في التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي.
والخميس، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، التعديلات اللبنانية المقترحة على مسودة اتفاق الحدود البحرية.
ويتنازع لبنان وإسرائيل على منطقة بحرية غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترًا مربعًا، وتتوسط واشنطن في مفاوضات غير مباشرة بينهما لتسوية الخلاف وترسيم الحدود.