الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

استحقاقات تداهم الاتفاق.. هل ينجح ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل؟

استحقاقات تداهم الاتفاق.. هل ينجح ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "للخبر بقية" تلقي الضوء على تطورات ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل (الصورة: غيتي)
يرتفع صوت الخلاف الإسرائيلي الداخلي في ظل صمت لبناني واستعجال أميركي لترسيم الحدود، مع اقتراب استحقاقات انتخابية في لبنان وإسرائيل.

هي مرحلة نصف النهائي قبل الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، حيث اختتمت جولات النقاش ووضعت الملاحظات بانتظار الصيغة النهائية بين الجانبين في الساعات المقبلة.

ولكن مسودة الاتفاق تعوم على سطح الأخذ والرد، فبعد التفاؤل المشترك والتعديلات اللبنانية والرد الإسرائيلي على الرد، غرق الجميع في بحرٍ من التشاؤم والتهديدات.

فبالنسبة لبيروت، ما يجري هو خلاف إسرائيلي بحت وحسابات انتخابية بين رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد ومنافسه زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، حيث يقود الأخير معركة عودته للحكومة على أكتاف لابيد، فاتحًا الهجوم عليه من بوابة "تنازلاته للبنان" في ملف الترسيم، وهو ما أحال الأمر إلى خيار التجميد.

ضخ أميركي لجرعات دبلوماسية

ولعلّ المفارقة اللافتة للانتباه انّ صوت الخلاف الإسرائيلي العالي واكبه تأهب عسكري بالتزامن مع بدء الشركة المشغلة لحقل "كاريش" ربط المنصة بأنابيب التوصيل بهدف الضخ التجريبي العكسي للغاز.

من جهته، رفع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس السقف، بحديثه عن أن أي استخراج للغاز من الحقل سيكون باتفاق أم دونه حتى، لكن الجانب الأميركي أبلغ لبنان مسبقًا بأن ما يحصل الآن مجرد فحصٍ لتدفق الغاز وليس إنتاجًا له.

ويبدو أن واشنطن تحاول ضخ جرعات دبلوماسية للتهدئة، وسط تجاهل تل أبيب لتحذيرات حزب الله، بينما يتحرك الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين على وقع كلمتي سر هما حاجة أوروبا إلى الغاز والاستقرار بين لبنان وإسرائيل.

كما يكثف هوكشتاين جهوده لجسر الخلاف بين لابيد ونتنياهو وضمان عدم مراوغة الأخير ونقضه الاتفاق في حال فوزه.

مواعيد الاستحقاقات تلاحق الأطراف الثلاثة

وفي ميزان الحسابات السياسية، احتدمت عقارب مواعيد الاستحقاقات لتلاحق الأطراف الثلاثة، فلبنانيًا يصبح المنصب الرئاسي فارغًا أواخر الشهر الجاري، ومطلع الشهر المقبل يحل موعد الانتخابات الإسرائيلية، تليها الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي.

وتقلّل هذه المحطات الثلاث، من نسب نشوب حرب، وتسرّع احتمال إنجاز اتفاق الترسيم، لكنّ مراقبين يحذّرون من أن الأمور أعقد من ذلك، إذ إن هناك مسارًا قضائيًا إسرائيليًا اسمه المحكمة العليا، إلى جانب تصويت الكنيست على أيّ اتفاق.

يقود ذلك إلى الاستنتاج بأنّ كلّ هذه العوامل الداخلية والخارجية قد تحسم بجولة نهائية واحدة، أو قد تمتدّ لأشواط عديدة مقبلة، ما يبقي الترقب سيد الموقف حتى إشعار آخر.

ربع الساعة الأخيرة

ومن بيروت، يرجح إلياس فرحات الباحث المتخصص في الشؤون الإستراتيجية أن يكون ملف ترسيم الحدود البحرية قد دخل في "ربع الساعة الأخيرة"، أي أن الأطراف مقبلة على إتمام الاتفاق، ولا سيما بعد تسجيل "أمر غير عادي" وهو اتصال هاتفي بين الوسيط الأميركي ورئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون.

ويقول فرحات: "هذا الاتصال خارج إطار البروتوكول ولو لم يكن هناك أمر حاسم لما كان مستوى الاتصال بين هوكشتاين وصل إلى رئيس الجمهورية مباشرة الذي هو أعلى سلطة مفاوِضة بعد أن كان يتم الاتصال عادة بوزير الخارجية أو بنائب رئيس مجلس النواب".

في هذا الخصوص يكشف فرحات في حديث مع "العربي"، عن وجود تسريبات تفيد بأنه تم الاتفاق على كل التفاصيل التي أدرجها لبنان وسلمها للجانب الأميركي الذي أحالها بدوره إلى الجانب الإسرائيلي، "وأن نصًا نهائيًا يبدو أنه سيعد خلال ساعات ويسلّم إلى لبنان وإسرائيل من أجل الموافقة النهائية عليه".

مصلحة إسرائيلية رغم التهديدات

بدوره، يتوقف الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية علي الأعور عند تهديدات نتنياهو بالانسحاب من الاتفاق حتى ولو تم إبرامه، مشيرًا إلى أن الأخير يريد استغلال هذا الظرف للترويج لنفسه في حملته الانتخابية.

فعلى المستوى الدولي والسياسي لا يستطيع نتنياهو أن يتراجع عن هذا الاتفاق في حال وقع عليه يائير لابيد وبني غانتس، هذا فضلًا عن وجود مصلحة إسرائيلية في توقيع هذا الاتفاق والابتعاد عن شبح الحرب، وهذا ما ألمح إليه غانتس يوم أمس عندما أكد أن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان سيؤدي إلى استقرار في الجبهة الشمالية، وفق الأعور.

ويضيف الباحث من القدس: "هذا الاتفاق يضمن المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية لإسرائيل. كما أن هناك اتفاقًا في الشارع والإعلام الإسرائيلي على أن ترسيم الحدود البحرية سيشكل استقرارًا في الشمال، ويبعد اعتماد لبنان على إيران وهذا ما تسعى إليه تل أبيب وواشنطن".

 المكاسب الأميركية

أما عن صدى هذا الإنجاز لإدارة بايدن في الانتخابات النصفية في حال تحقيقه، فيربط عزيز فهمي الكاتب المتخصص بالشأن الأميركي التطورات الأخيرة بـ"الصفعة" التي وجهت إلى الرئيس الأميركي من قبل "أوبك +" التي خفضت إنتاج النفط بـ2 مليون برميل يوميًا، رغم أنه طلب منهم العكس.

ويشرح لـ"العربي" أن "سعر النفط في العالم وداخل السوق الأميركي أصبح عاملًا مؤثرًا على عمل الإدارة الأميركية الغارقة في الصراع الأوكراني الروسي واحتمال الصراع في بحر الصين، أي لا تريد أبدًا فتح جبهة ثالثة ساخنة تؤدي إلى مزيد من الارتفاع في أسعار النفط في وقت تخوض فيه البلاد الانتخابات النصفية"

ويشدد من واشنطن، على أن ارتفاع أسعار النفط سيؤثر بشكل مباشر وحتمي على حظوظ الحزب الديمقراطي في الانتخابات المرتقبة، لا سيما وأن استطلاعات الرأي تظهر أن التوازن داخل الكونغرس بين الحزبين تبين لغطًا كبيرًا حول من سيكون الفائز مع ترجيح الكفة للجمهوريين.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close