أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الجمعة، استعداده لـ"صنع السلام"، مع إسرائيل، فيما تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بمواصلة الجهود الرامية لدعم حل عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وخلال مؤتمر صحفي عقده مع الرئيس الأميركي في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، قال عباس مخاطبًا بايدن: "أنتهز فرصة زيارتكم للمنطقة لأقول: إنني أمد يدي لقادة إسرائيل لصنع سلام الشجعان، وقد حصل ذلك منذ زمن، ونحن نمد أيدينا مع كل قادة إسرائيل من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة".
وتابع: "ثقتنا بكم وبإدارتكم كبيرة، ومستعدون للعمل معكم يدًا بيد، لتحقيق السلام القائم على الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، والاتفاقات الموقعة بيننا وبين إسرائيل، بما يضمن الأمن والاستقرار الدائم لجميع دول المنطقة".
وأضاف: "السلام يبدأ من فلسطين والقدس، من هنا نمد أيدينا للسلام والعمل معكم".
وطالب الرئيس الفلسطيني بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حيث قال مخاطبًا بايدن: "أما آن للاحتلال أن ينتهي، وأن ينال شعبنا حقوقه وفق قرارات الشرعية الدولية".
"إنهاء الاحتلال"
وقال عباس: "مفتاح السلام في المنطقة يبدأ بالاعتراف بدولة فلسطين، وتمكين الشعب من نيل حقوقه المشروعة وفق القرارات الشرعية الدولية، وإنهاء قضايا الوضع الدائم بما فيها اللاجئين".
وأشار إلى أن السبيل في ذلك يبدأ بـ"إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة المستقلة على الحدود المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأكد عباس أنه يحترم قرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة، والتزامه بنبذ الإرهاب والعنف ومحاربته له في المنطقة والعالم".
وأضاف: "إذا أرادت إسرائيل أن تكون دولة طبيعية في المنطقة، فلا يمكنها أن تستمر بالتصرف كدولة فوق القانون وهذا يستدعي أن تلغي احتلالها، وعندها فقط سيتم قبول إسرائيل لتعيش بسلام مع الجوار مع دول وشعوب المنطقة استنادًا للمبادرة العربية للسلام".
وتابع: "فرصة حل الدولتين، قد تكون متاحة اليوم فقط، ولا ندري ما الذي سيحصل في المستقبل".
ولفت عباس إلى أنه أكد للرئيس الأميركي "أهمية إعادة تثبيت الأسس التي قامت عليها عملية السلام المستندة لقرارات الشرعية الدولية على أساس حل الدولتين".
"لسنا إرهابيين"
وطالب عباس، الرئيس الأميركي بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وإزالة المنظمة عن قوائم الإرهاب"، مضيفًا: "لسنا إرهابيين".
وتابع مخاطبًا بايدن: "نتطلع إلى جهود إدارتكم لطيْ صفحات الاحتلال، وإنهاء أعمال التمييز العنصري ضد أبناء شعبنا، ووقف الأعمال الأحادية التي تقوض حل الدولتين".
ومضى يقول: "نتطلع أيضًا لوقف الاستيطان وعنف المستوطنين واحترام الوضع التاريخي في الأماكن المقدسة في القدس تحت الوصاية الأردنية، ووقف طرد الفلسطينيين، وهدم المنازل، والاقتحامات، والتوقف عن القتل والاعتقالات اليومية".
كما دعا عباس إلى محاسبة قتلة الصحفية شيرين أبو عاقلة، مشددًا على وجوب محاسبة قتلتها، "لأن استمرار القتل يؤدي إلى تصعيد من ناحية، وفقدان الامل في غدًا أفضل".
دعم حل عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني
من جهته، أبدى الرئيس الأميركي جو بايدن تشاؤمه حيال نجاح خيار "حل الدولتين" (فلسطينية وإسرائيلية).
وقال: "خيار حل الدولتين هدف بعيد جدًا الآن، في ظل ما يجري من أمور وقيود على الحرية والسفر، والقلق على أطفالكم اليومي".
ورغم ذلك، جدد بايدن إعلان دعمه لخيار حل الدولتين.
وقال في هذا الصدد: "أنا من الداعمين الأوائل لحل الدولتين، والتزامي به لم يتغير، دولتان على حدود عام 1967، مع تبادل للأراضي متفق عليه من أجل تحقيق الأمن والازدهار للجميع".
وتابع: "من حق الشعب الفلسطيني الحصول على دولة مستقلة ذات سيادة قابل للحياة، دولتان لشعبين لهما جذور عميقة يعيشان جنبًا إلى جنب، يتمتعان بالحقوق والحرية والكرامة وهذا محور الموضوع".
وأكمل: "الشعب الفلسطيني يتألم، ونشعر بحزنكم وبإحباطكم، ولكن لا نفقد الأمل لخلق أفق سياسي، ولن نسمح أن يُسرق منا المستقبل".
وفيما يتعلق بالصحفية شيرين أبو عاقلة، التي تحمل الجنسية الأميركية، وصف بايدن حادث استشهادها بـ"المأساوي".
وأضاف: "كانت أميركية فخورة بأن تكون فلسطينية، تعمل عملًا حيويًا من أجل المستقبل".
وتابع: "أبو عاقلة كانت تقوم بعملها، وسوف نركز التحقيق لكشف النقاب عن أسباب مقتلها".
مساعدات أميركية
وبشأن مدينة القدس، قال الرئيس الأميركي إنها "مهمة للإسرائيليين والفلسطينيين ويجب أن تكون مدينة لكل من يعيش فيها"، مضيفًا: "من حق الجميع التمتع بحرية ممارسة الأديان بسلام وكرامة".
وعبّر عن احترامه لـ"الوضع القائم في القدس، والوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة".
وخلال المؤتمر، أعلن الرئيس الأميركي عن تقديم 200 مليون دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، و100 مليون لمنظومة المستشفيات بالقدس".
وأشار إلى أنه "ينخرط في محادثات مع إسرائيل لتحسين الظروف الاقتصادية للشعب الفلسطيني، وبناء شبكة الجيل الرابع للهواتف، وتقديم الطاقة المتجددة".
"زيارة مشؤومة"
وتعليقًا على زيارة بايدن إلى بيت لحم ولقائه عباس، أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" رفضها لما أسمتها بالزيارة "المشؤومة"، وما يسمى إعلان "بايدن-لابيد" الذي أكد فيه الرئيس الأميركي الانحياز التام للإدارة الأميركية لصالح الاحتلال الإسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية.
والخميس وقّع بايدن ورئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد في القدس "إعلان القدس" بشأن الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتضمن الإعلان، التزامًا أميركيًا بأمن إسرائيل ورفض حيازة طهران سلاحًا نوويًا.
وأكدت حماس على لسان القيادي في الحركة إسماعيل رضوان رفضها أيضًا للمساعي الأميركية تجاه دمج إسرائيل ضمن المنطقة العربية والتي بدأت بوادرها بفتح المجال الجوي السعودي للطيران الإسرائيلي، والتي اعتبرها سابقة خطيرة ستعرض أمن المنطقة العربية للخطر.
وأكد رضوان في حديث إلى "العربي" من غزة، رفض الحركة لكل ما جاء في إعلان "بايدن-لابيد"، محذرًا من مغبة الدخول في أحلاف مع الاحتلال الإسرائيلي.
وحول استعداد الرئيس الفلسطيني لصنع السلام مع إسرائيل، أكد رضوان أيضًا رفض حماس ما وصفها بالمراهنة من قبل محمود عباس والعودة إلى مربع المفاوضات العبثية، معتبرًا أن هذه الخطوة تسويق للوهم للشعب الفلسطيني، ما يشجع إسرائيل على الاستمرار في جرائمها.
واستهجن القيادي في حماس إصرار الرئيس الفلسطيني والسلطة الفلسطينية على الرهان على الإدارة الأميركية والإسرائيلية، داعيًا عباس والسلطة إلى ضرورة وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وسحب الاعتراف بالسلام الصهيوني، وإنهاء "حقبة أوسلو"، حسب قوله.
وكان بايدن قد وصل إسرائيل الأربعاء الماضي، وهي الزيارة الشرق الأوسطية الأولى له كرئيس.
ومن المقرر أن يختم بايدن الجمعة زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية، قبل أن يتوجه إلى المملكة العربية السعودية.