أعلنت الأمم المتّحدة اليوم الخميس أن عدد الأطفال العاملين في العالم ارتفع للمرة الأولى منذ عقدين، محذّرة من أن ملايين آخرين معرّضين لخطر العمل بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19.
وقالت منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتّحدة للطفولة (يونيسيف) في تقرير مشترك: حتى مطلع العام 2020 "ارتفع عدد الأطفال العاملين في العالم إلى 160 مليون طفل، بزيادة 8.4 مليون طفل في السنوات الأربع الماضية".
تداعيات كورونا
وحذّر التقرير من أن "تسعة ملايين طفل إضافي في العالم معرّضون لخطر الاضطرار إلى العمل بحلول نهاية عام 2022 بسبب الجائحة"، في حين "قد يرتفع هذا الرقم إلى 46 مليونًا إذا لم تتوفّر لهم إمكانية الحصول على الحماية الاجتماعية الضرورية".
ظاهرة عمالة الأطفال تنتشر في #موريتانيا بسبب الفقر وربع الأطفال لا يذهبون إلى المدرسة pic.twitter.com/JEPIVcCa7O
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 19, 2021
ولفت التقرير إلى أنّ "الصدمات الاقتصادية الإضافية وإغلاق المدارس بسبب كوفيد-19 يعنيان أنّ الأطفال العاملين أصلًا قد يعملون ساعات أطول أو في ظروف تزداد سوءًا، في حين سيضطر كثيرون غيرهم إلى مزاولة أسوأ أشكال عمل الأطفال بسبب خسارة وظائف ودخل أفراد الأسر الضعيفة".
ونُشر التقرير، وعنوانه "عمل الأطفال: التقديرات العالمية لعام 2020 والاتّجاهات وطريق المستقبل"، عشية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في 12 يونيو/ حزيران، علمًا بأنّه يصدر مرة كل أربع سنوات.
وأعرب التقرير عن الأسف لأنّ "التقدّم نحو إنهاء عمل الأطفال قد توقّف لأول مرة منذ 20 عامًا، ممّا يعاكس الاتجاه السابق الذي سجّل انخفاض عدد الأطفال العاملين بمقدار 94 مليون طفل بين عامي 2000 و2016".
نصف العاملين بين 5 و11 عامًا
ولاحظ التقرير "ارتفاعًا كبيرًا في عدد الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية 5–11 عامًا، والذين يمثّلون اليوم أكثر من نصف الرقم العالمي الإجمالي"، مشيرًا إلى أنّه ضمن هذه الفئة العمرية "ارتفع عدد الأطفال الذين يزاولون أعمالًا خطرة، أي يحتمل أن تضرّ بصحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم، بمقدار 6.5 مليون منذ عام 2016 ليصل إلى 79 مليونًا".
ومن الأمثلة على قطاعات العمل الخطرة على الأطفال المناجم وصيد الأسماك، فضلًا عن واقع أن عمل هذه الأيادي الصغيرة لأكثر من 43 ساعة في الأسبوع يجعل ارتيادهم المدرسة أمرًا شبه مستحيل.
ونقل التقرير عن غاي رايدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية قوله: "التقديرات الجديدة جرس إنذار. لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يتعرّض جيل جديد من الأطفال للخطر".
وأضاف: "نحن في لحظة محورية، والكثير يتوقف على كيفية ردّنا. هذا هو الوقت المناسب لتجديد الالتزام والطاقة، من أجل تخطّي الأزمة وكسر حلقة الفقر وعمل الأطفال".
من جهتها، قالت هنرييتا فور المديرة التنفيذية لليونيسف في التقرير: "إنّنا نخسر في معركتنا لمكافحة عمالة الأطفال، والعام الماضي لم يجعل هذه المعركة أسهل إطلاقًا".
وأضافت: "الآن، في العام الثاني من عمليات الإغلاق الشاملة، وإغلاق المدارس، والاضطرابات الاقتصادية، وتقلّص الموازنات الوطنية، تضطر الأسر إلى اتخاذ خيارات مؤلمة".
الأولوية للاستثمار
وتابعت: "نحثّ الحكومات وبنوك التنمية الدولية على إعطاء الأولوية للاستثمار في برامج يمكن أن تُخرج الأطفال من القوى العاملة وتعيدهم إلى المدرسة، وفي برامج حماية اجتماعية تساعد الأسر في تجنب هذه الخيارات بالكامل".
ولفت التقرير خصوصًا إلى الوضع في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث "أدّى النموّ السكّاني والأزمات المتكرّرة والفقر المدقع وضعف تدابير الحماية الاجتماعية، إلى زيادة عدد الأطفال العاملين بمقدار 16.6 مليونًا خلال السنوات الأربع الماضية".
أما من حيث القطاعات التي يعمل فيها الأطفال، فقال التقرير: إن "قطاع الزراعة يشغّل 70% من الأطفال العاملين (112 مليونًا) يليه 20% في الخدمات (31.4 مليونًا) و10% في الصناعة (16.5 مليونًا)".
ووفقاً للتقرير، فإنّ "عمل الأطفال منتشر بين الفتيان أكثر من الفتيات في جميع الأعمار"، لكن "إذا حسبنا الأعمال المنزلية التي تمارس لمدة 21 ساعة على الأقلّ في الأسبوع، فإن الفجوة بين الجنسين تضيق في عمل الأطفال".
كذلك فإن "انتشار عمل الأطفال في المناطق الريفية (14%) أعلى بثلاث مرات مما هو عليه في المناطق الحضرية (5%)".
وإذ حذّر التقرير من أنّ "الأطفال العاملين معرّضون لخطر الأضرار الجسدية والنفسية"، أشار إلى أنّ "العمل يهدّد تعليمهم، ويُقيّد حقوقهم ويحدّ من فرصهم في المستقبل، ويؤدّي إلى حلقات مفرغة من الفقر وعمل الأطفال بين الأجيال".
ويُعقد بين 10 و17 يونيو/ حزيران الجاري مؤتمر العمل الدولي، الذي سيناقش إصدار التقديرات العالمية الجديدة وخارطة الطريق المقبلة.