خضع الرئيس الأميركي جو بايدن للضغوط، وأعلن انسحابه من السباق الرئاسي بعد تعالي الأصوات الديمقراطية المطالبة بذلك تجنبًا للهزيمة أمام المرشح الجمهوري دونالد ترمب.
وقد اعتبر الخبراء انسحاب بايدن تطورًا سيقلب السباق إلى البيت الأبيض رأسًا على عقب، لا سيما أن الحزب الديمقراطي أمام مفترق طرق لاختيار خليفة بايدن في السباق.
العيون نحو كامالا هاريس
والجمهوريون أيضًا مضطرون إلى تغيير مفاتيح دعايتهم ومضمونها، لكونها كانت معدة على أساس أن بايدن هو المنافس.
واعتبر ترمب بصفته المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة أن هزيمة منافسته الديمقراطية المحتملة كامالا هاريس ستكون أسهل من بايدن.
مع ذلك، يقول خبراء الانتخابات بالولايات المتحدة، إن ترمب الذي يحاول استثمار محاولة الاغتيال التي تعرض لها لزيادة شعبيته، ستكون مهمته أصعب بكثير بعد تنحي بايدن، بغض النظر عن اسم منافسه الديمقراطي.
وركز ترمب في دعايته على صحة الرئيس بايدن، وما يصفها بإخفاقاته تجاه ملفات داخلية وخارجية، وهو ما يستدعي تغييرًا جوهريًا في مفاتيح حملته الانتخابية.
مع ذلك، تتجه العيون إلى نائبة الرئيس بايدن، كامالا هاريس البالغة من العمر 59 عامًا، بوصفها مرشحة محتملة لتمثيل الحزب الديمقراطي في معركة الانتخابات الرئاسية. لكن وسائل إعلام أميركية تقول إن الخلافات تعصف بالحزب الديمقراطي، الذي لم يحسم بعد مرشحه البديل لبايدن حتى الآن.
وسط ذلك، تسعى كامالا هاريس إلى الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، بينما وصفها البعض بأنها النسخة النسائية للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.
في حين، تتصاعد تساؤلات بشأن شعبيتها وفرص الفوز على ترمب في الانتخابات المرتقبة.
"هاريس ليست ذكية"
وضمن هذا السياق، يقول ماثيو برودسكي، كبير الباحثين في معهد غولد للدراسات الإستراتيجية، إنه "في الانتخابات التمهيدية لعام 2020 لم تستطع كامالا هاريس نيل الأصوات لأن الأداء كان ضعيفًا، فهاريس ليست ذكية، ولذلك رفضها الحزب الديمقراطي في العام المذكور".
ويضيف برودسكي في حديث لـ "التلفزيون العربي" من مينيابولس، أن "المشكلة هي أن الديمقراطيين عالقون مع هاريس، وخاصة أن وسائل الإعلام كذبت كثيرًا حول ظروف بايدن وأن 14 مليون ديمقراطي صوتوا لبايدن، والآن تُرمى أصواتهم في الهواء".
ويعتبر أن "بعض الأشخاص في الولايات المتحدة سيدعمون هاريس، وخاصة من الحزب الديمقراطي، ضد ترمب".
"حظوظ هاريس"
بدوره، يرى كريس ليبتينا، مستشار الحزب الديمقراطي، أن "الناخب يهمه أن هاريس ليست دونالد ترمب، لذلك فإن فكرة أن هاريس كانت تبلي بلاءً حسنًا هو كافٍ لتكون هي رئيسة للولايات المتحدة، لا سيما أن البديل هو ترمب الذي لا يعد مقبولًا على الأقل لنصف الشعب الأميركي، وبالتالي فإن غالبية الديمقراطيين يقاربون الأمر بهذه الطريقة".
ويضيف ليبتينا في حديث لـ "التلفزيون العربي" من واشنطن، أن "هاريس سوف تكون مرشحة أفضل لأنها قادرة أكثر من جو بايدن على الترشح ضد ترمب، لذلك فالأشخاص مسرورون بهذا الخيار".
ونوّه ليبتينا إلى أن "الشعب الأميركي لديه مئة يوم لكي يختار من يمثله كرئيس، وخاصة أن الشعب من الجانب الديمقراطي يرى أن لديه شخصيات أكثر أهلية من ترمب، وبالتالي فالمصوتون سوف يرون أن هاريس أفضل من ترمب".
واستدرك قائلًا: "سيكون لدى هاريس الكثير من الوقت لإقناع المترددين عبر مسائل عدة، سواء الإجهاض أو أمور تخص الاقتصاد، ولا سيما أن ترمب لم يقدم شيئًا للخدمة العامة كي ينال الترشيح من الحزب الجمهوري".
"التحدي الأساسي لهاريس"
من جانبه، يقول خليل جهشان، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات: "من السابق لأوانه الحديث عن ترشح هاريس، وخاصة بعد اختيار بايدن هذا المسار بعد تأجيل منذ أسابيع، رغم الانتقادات بمعنى أن قراره كان متأخرًا".
ويضيف جهشان في حديث لـ "التلفزيون العربي" من واشنطن، أن "هاريس يمكنها الاستمرار في الحملة رغم قصر المدة، وهي تسير في ذات الحملة عبر تحويل الأموال لحملة هاريس".
وينوّه إلى أن "هناك شريحة من الشعب الأميركي تقبل بدور هام وفاعل للأقليات العرقية في البلد، وهو ما لم يكن ممكنًا في السابق، أي قبل 51 عامًا".
ومضى يقول: "اختيار هاريس لن يكون بسبب لونها، بل كان اختيارًا سياسيًا لأن الحزب الديمقراطي يمثل الأقليات العرقية الملونة وحتى النساء".
وألمح إلى أن "التحدي الأساسي الذي تواجهه هاريس هو تحقيق مصالحة داخل الحزب الديمقراطي، كون هناك بوادر انهيار، وجزء منه نابع من الحرب في غزة".
وتابع قائلًا: "إذا ما تمت المصالحة، يمكن توحيد الحزب الديمقراطي، وخاصة الشق الشبابي منه، والذي يساهم في توفير احتياجات الشباب في البلاد. كما أن الحصول على دعم المستقلين هو مهم لهاريس للتغلب على ترمب في الانتخابات الرئاسية القادمة".