ترتبط بعض الأطعمة بذكريات جميلة، فيشكل تناولها مناسبة لاستعادة لحظات دافئة مع العائلة أو مذاق لأطباق مميّزة تمت تجربتها خلال الأسفار.
وفيما يُنظر إلى هذه المأكولات على أنها تُحسّن المزاج وتجلب السعادة لأسباب شخصية، تؤدي أخرى الدور نفسه لأسباب غذائية تستند إلى عناصرها.
أولئك الذين يجدون في الأطعمة ما يبدّد توترهم، يُنصحون عادة بانتقائها من لائحة ذاخرة بالمأكولات التي تحقق غايتهم، باختلاف تفضيلاتهم، التي ثبت أنها تختلف بين الجنسين.
فقد خلصت دراسة أميركية أُجريت على 277 رجلًا وامرأة، إلى أن النساء يملن إلى الأطعمة الحلوة عند الشعور بالتوتر، بخلاف الرجال الذين يميلون إلى الأطعمة المالحة.
ما هي المأكولات التي ترفع منسوب السعادة؟
في مقدّمة الأطعمة التي تحسّن المزاج، تأتي الطماطم، وهي الغنية بالمواد المضادة للأكسدة والفيتامين بي6 والمغنيسيوم، وهي عناصر تعمل معًا للحد من الناقلات العصبية التي تسبب الاكتئاب.
وتُدرج الشوكولاتة الداكنة لغناها بالمغنيسيوم، وللدور الذي يلعبه الكاكاو في إنتاج الأندروفين، الذي يرفع بدوره منسوب السعادة.
ولأن السردين يُعد مصدرًا هامًا للأوميغا 3 الذي يحتاجه الإنسان، لا سيما من أجل صحة الدماغ، فإن هذه الأسماك ترفع من رفاهية الجسم وتساعد في تحسين النوم والذاكرة وتبَعا لذلك المزاج.
ومن الأطعمة الأخرى التي تحسّن المزاج الهليون، ولا سيما أنه غني بمجموعة واسعة من الأحماض الأمينية، التي يُعرف عنها مكافحتها للاكتئاب.
ويمكن الحصول على حمض الدوبامين من الشوكولا والأفوكادو والبذور النباتية، فيما يتواجد النورابينفرين في السمك والموز والأجبان. أما السيروتونين فهو موجود في البذور النباتية والحبوب الكاملة.
كيف تؤثّر الأطعمة على المزاج؟
تشرح اختصاصية التغذية مريم توكابري أثر الأطعمة على المزاج، بالإشارة إلى أن الحالة العصبية والنفسية والذهنية الخاصة بنا تتغذّى مما نأكله يوميًا، ذلك لأنها تحتاج إلى مواد وعناصر غذائية تسمح بأدائها لعملها الوظيفي.
وتلفت إلى أن الحديث هنا يتمحور حول الخلايا العصبية، والرسائل التي تمرّ عبرها، وتحسن المزاج وتقلّل من التوتر وتزيد منسوب السعادة.
وتوضح توكابري في حديث سابق إلى "العربي"، أن مادة "السيروتونين"، وهي ناقل عصبي، يتطلب إفرازها عناصر غذائية موجودة في الأطعمة.
وتشرح أن مادة التربتوفان الموجودة في الكاكاو تحفز إفراز المخ للسيروتونين، ومثلها تفعل المكسرات، والبقوليات والفاكهة التي تحتوي على سكريات ذات جودة عالية.
وتضيف أن الأطعمة المتخمّرة، ومنها الأجبان والمخلّلات والزيتون، كان قد ثبت أنها تحسن البكتيريا الحية في الجهاز الهضمي، الأمر الذي يترك أثره على عملية الهضم والشعور بالارتياح والسعادة بعد الأكل.
إلى ذلك، تنفي أن يكون للقهوة والشاي الأخضر أثر على منسوب السعادة، بل على تحسين النشاط والتركيز والانتباه. وتنبّه من أن استهلاك هذه المشروبات بكثرة يترك نتيجة معاكسة؛ حيث يزداد التوتر.
وتدعو إلى تحسين النظام الغذائي عبر إدخال تلك الأطعمة بشكل متنوع وبكميات قليلة ولمدة طويلة، بدلًا من تناولها بكمية كبيرة ولمرة واحدة في الأسبوع على سبيل المثال، مذكرة بأن الجسم يحصل على احتياجاته اليومية ويتخلّص من الكمية المتبقية.