قدمت الحكومة البريطانية، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون ضدّ الهجرة غير النظامية لمنع المهاجرين الواصلين عبر المانش على قوارب صغيرة من طلب اللجوء في المملكة المتحدة.
ويظهر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، قبل ثلاثة أيام من زيارته الأولى لفرنسا، مصممًا على وقف عمليات العبور غير النظامية المتزايدة لقناة المانش، وهي ظاهرة مستمرة رغم الخطط المتتالية للحكومات المحافظة المتعاقبة وتقع في صلب التوترات المتكررة مع باريس.
وقال سوناك لصحيفة "ذا صن": إن "هذا القانون الجديد سيبث رسالة واضحة: إذا كنتم آتين إلى هذا البلد بطريقة غير قانونية، ستُطردون بسرعة. من يأتي إلى هنا على متن قوارب صغيرة ويعبر المانش بطريقة غير نظامية، لا يمكنه طلب اللجوء هنا".
التسفير لجهة ثالثة
وتتعامل الحكومة البريطانية المحافظة مع نظام هجرة قديم، خصوصًا بعد وصول أكثر من 45 ألف مهاجر عبر هذه الطريق الخطيرة جدًا العام الماضي، أغلبهم من الألبان والأفغان والإيرانيين والعراقيين والسوريين، ونحو ثلاثة آلاف منذ مطلع العام الحالي.
ويمنع النص المهاجرين الواصلين بطريقة غير نظامية إلى المملكة المتحدة من طلب اللجوء ومن الإقامة لاحقًا على أراضيها أو طلب الحصول على الجنسية البريطانية. ويسهّل احتجاز المهاجرين حتّى ترحيلهم إلى دولة ثالثة تُعتبر آمنة. ويمنعهم "بشكل قاطع" من إمكانية الاستئناف ضد عمليات الترحيل.
أمّا المهاجرون الواصلون بطريقة قانونية، فستتعامل معهم لندن على أساس حصة نسبية سنوية يحددها البرلمان.
وأمام مجلس العموم، وصفت وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان مشروع القانون بأنه "قوي"، مضيفة: "في مواجهة أزمة الهجرة العالمية، لم تعد قوانين الأمس مناسبة ببساطة".
"تدابير مقيدة بشدة"
وردًا على الاتهامات بأن هذا النص يتعارض مع القانون الدولي، أوضحت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان لصحيفة "ديلي تلغراف" أنها وسوناك "عملا بلا كلل لضمان أن يكون لدينا مشروع قانون يمكن تطبيقه. تحدّينا حدود القانون الدولي من أجل حل هذه الأزمة".
وأضافت الثلاثاء، عارضةً النص على البرلمان: "أنا واثقة من أن المشروع يتوافق مع التزاماتنا الدولية".
لكنها لفتت إلى أنها غير قادرة على التأكيد بشكل "قاطع" ما إذا كان يتماشى مع قانون حقوق الإنسان البريطاني، لافتةً إلى بدء مناقشات مع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وتسعى الحكومة المحافظة، من خلال طرح تدابير مقيّدة جدًا، إلى تثبيط عمليات العبور وكسر النموذج الاقتصادي للمهرّبين الذين يجنون أموالًا طائلة.
Les sauveteurs italiens continuent de rechercher des survivants du naufrage d'une embarcation de personnes exilées qui a eu lieu ce week-end au large de Crotone. Les politiques migratoires tuent. Il faut mettre en place des voies légales d'accès !pic.twitter.com/944sFiOiGJ
— Marius Roux (@Marius_Rx) February 27, 2023
من جهتها، ترى هيئات مساعدة اللاجئين أن تشديد سياسة الهجرة باستمرار لم ينفع، معتبرة أن عزيمة المهاجرين ستُثبط فقط في حال طرحت المملكة المتحدة سبلًا قانونية لمجيء طالبي لجوء إلى أراضيها، لكن الحال ليست كذلك حتى الآن.
سوناك إلى باريس
بدوره، أكّد ناطق باسم رئيس الوزراء أن الحكومة تبحث في فتح طرق "قانونية وآمنة" تطالب بها جمعيات من أجل طلب اللجوء في المملكة المتحدة، لكنه لم يقدّم تفاصيل، موضحًا أن ذلك لن يحصل إلّا "عندما نتحكّم بحدودنا".
ويتوقع أن يصل سوناك إلى باريس الجمعة للمشاركة في قمة ثنائية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد أشهر من توقيع لندن وباريس اتفاقية تعاون تنصّ على تقديم البريطانيين مساعدة مالية لمراقبة الشواطئ الفرنسية وإرسال مراقبين بريطانيين إلى الجانب الفرنسي.
وكان هذا الملف سببًا لتوترات متكررة بين لندن وباريس المتهمة بعدم القيام بما يكفي لمنع الهجرة عبر المانش، لكن الأجواء تميل إلى الهدوء حاليًا بين لندن والأوروبيين.