منذ إعلان بريطانيا تزويد كييف بقذائف خارقة للدروع تحتوي على اليورانيوم المنضّب، حتى هدّدت موسكو بتصعيد هجماتها على أوكرانيا بزعم أن هذه الذخائر "تحتوي على مكوّنات نووية".
وطوّرت الولايات المتحدة مثل هذه الذخائر خلال الحرب الباردة لتدمير الدبابات السوفيتية، بما في ذلك دبابات "T-72" نفسها التي تواجهها أوكرانيا الآن في سعيها لكسر جمود الحرب في الجبهة الشرقية.
ما هو اليوارنيوم المنضّب؟
اليورانيوم المنضّب هو منتج ثانوي لعملية تخصيب اليورانيوم اللازمة لصنع أسلحة نووية. وعلى الرغم من أن اليورانيوم المخضّب أقلّ قوة بكثير من اليورانيوم المخصّب وغير قادر على توليد تفاعل نووي، إلا أنه كثيف للغاية ما يجعله مقذوفًا خطرًا للغاية.
وشرح إدوارد جيست، الخبير النووي والباحث السياسي في مؤسسة "راند" البحثية، لوكالة "اسوشييتد برس"، أنّ ذخائر اليورانيوم المنضّب تحتفظ ببعض الخصائص المشعّة، لكنها لا يمكن أن تولد تفاعلًا نوويًا مثل الأسلحة النووية.
وأضاف: "إنه كثيف للغاية ولديه الكثير من الزخم لدرجة أن المقذوف يخترق الدروع، ويسخّنها لدرجة أنه يشتعل فيها".
بوتين يحذّر من إرسالها وبريطانيا تتهمه بالتضليل.. الرعب النووي يعود إلى ساحة المواجهة بين #روسيا و #أوكرانيا بعد إعلان #بريطانيا عزمها إرسال قنابل يورانيوم منضّب pic.twitter.com/nucBZvcdqX
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) March 23, 2023
من جهته، قال سكوت بوسطن، كبير المحللين الدفاعيين بمؤسسة "راند"، للوكالة، إنه عند إطلاقها "تُصبح ذخيرة اليورانيوم المخضّب سهمًا معدنيًا غريبًا ينطلق بسرعة عالية للغاية".
في سبعينيات القرن الماضي، بدأ الجيش الأميركي بصنع مقذوفات خارقة للدروع باستخدام اليورانيوم المنضّب، ثمّ أضافها لاحقًا إلى الدبابات لتقويتها. كما أضاف اليورانيوم المنضّب إلى الذخائر التي أطلقتها طائرة الدعم الجوي القريبة من طراز "A-10" التابعة للقوات الجوية والمعروفة باسم قاتل الدبابات.
وفي هذا الإطار، قال بوسطن إن الجيش الأميركي ما زال يطوّر ذخائر اليورانيوم المخضّب، ولا سيما الطلقة الخارقة للدروع M829A4 لدبابة القتال الرئيسية "أبرامز M1A2".
وأوضح المتحدث باسم البنتاغون اللفتنانت كولونيل غارون غارن، في بيان للوكالة، أن "وزارة الدفاع الأميركية قامت بشراء وتخزين واستخدام ذخائر اليورانيوم المخضّب لعدة عقود، لأنها عنصر قديم لبعض الذخائر التقليدية".
البنتاغون يعلن استخدامه قنابل يورانيوم منضب بعمليات ضد "#تنظيم_الدولة" في #سوريا.#التلفزيون_العربي pic.twitter.com/lqttoT7Krj
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 17, 2017
وأضاف غارن أن هذه الجولات "أنقذت أرواح العديد من أفراد الخدمة في القتال"، مشيرًا إلى أن "دولًا أخرى تمتلك منذ فترة طويلة ذخائر يورانيوم مخضّب أيضًا، بما في ذلك روسيا".
لكنه لم يناقش ما إذا كانت دبابات "أبرامز M1A1" التي ستُرسل إلى أوكرانيا ستحتوي على تعديلات على درع اليورانيوم المخضّب.
ليست قنبلة لكنها تشكّل خطرًا
في حين أن ذخائر اليورانيوم المخضّب لا تُعتبر أسلحة نووية، إلا أن إرسالها مستويات منخفضة من الإشعاع، دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التحذير عند التعامل معها والتحذير من المخاطر المحتملة للتعرض لاشعاعاتها.
وفي تحذيراتها، تقول الوكالة إن "التعامل مع مثل هذه الذخيرة، يجب أن يظل عند الحد الأدنى، ويجب ارتداء الملابس الواقية (القفازات)"، مضيفة أن "هناك حاجة إلى حملة إعلامية عامة لضمان تجنّب الأشخاص التعامل مع هذه المقذوفات، بحيث يشكّل هذا جزءًا من أي تقييم للمخاطر، ويجب أن تعتمد هذه الاحتياطات على نطاق وعدد الذخائر المستخدمة في المنطقة".
وتشير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن اليورانيوم المخضّب "مادة كيميائية سامة بشكل أساسي، وليس خطرًا إشعاعيًا"، محذرة من أنه "يمكن استنشاق الجزيئات الموجودة في الهباء الجوي أو ابتلاعها. وبينما يتم إفراز معظمها مرة أخرى، يمكن أن يدخل بعضها إلى مجرى الدم ويسبب تلفًا في الكلى".
وقالت: "يمكن أن تسبب التركيزات العالية من اليورانيوم المخضّب في الكلى أضرارًا، وفي الحالات القصوى، الفشل الكلوي".
بدوره، قال غيست إن النشاط الإشعاعي المنخفض المستوى لقذيفة من اليورانيوم المخضّب "هو خلل وليس سمة" من الذخيرة، وإذا تمكن الجيش الأميركي من العثور على مادة أخرى بنفس الكثافة ولكن بدون النشاط الإشعاعي، فمن المحتمل أن يستخدمها بدلًا من ذلك.
استُخدمت ذخائر اليورانيوم المنضّب في حرب الخليج عام 1991 ضد الدبابات العراقية "T-72"، ومرة أخرى في غزو البلاد عام 2003، وكذلك في صربيا وكوسوفو.
وشكّك قدامى المحاربين العسكريين الأميركيين في تلك الصراعات، عما إذا كان استخدامها قد أدى إلى أمراض يواجهونها الآن.
وفي هذا الإطار، قال فياتشيسلاف فولودين، المتحدث باسم نائب رئيس مجلس النواب الروسي، إن إمدادات الذخائر التي تحتوي على اليورانيوم المستنفد يمكن أن تؤدي إلى "مأساة على نطاق عالمي ستؤثر بشكل أساسي على الدول الأوروبية".
وأضاف فولودين أنّ استخدام مثل هذه الذخيرة الأميركية في يوغوسلافيا السابقة والعراق، أدى إلى "تلوّث إشعاعي وارتفاع حاد في أمراض الأورام".