الجمعة 13 Sep / September 2024

"مؤشرات مقلقة".. هل يشهد سوق المال الأميركي أيام تداول جامحة؟

"مؤشرات مقلقة".. هل يشهد سوق المال الأميركي أيام تداول جامحة؟

شارك القصة

تقرير لمراسلة "العربي" في واشنطن ريما أبو حمدية عن ارتفاع التضخّم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى منذ عقود (الصورة: غيتي)
رغم أن التجربة مختلفة عن عام 2008، فإن النظام المالي الأميركي الجديد لا يزال محمّلًا بالمخاطر.

بعد أن قفزت في عام 2021، سجّلت الأسهم في وول ستريت أسوأ أداء لها في شهر يناير/ كانون الثاني منذ عام 2009، حيث انخفضت بنسبة 5.3%. كما انخفضت أسعار الأصول التي يُفضّلها مستثمرو التجزئة، مثل أسهم التكنولوجيا والعملات المشفّرة وأسهم شركات صناعة السيارات الكهربائية.

إلا أن المزاج السائد هذه الأيام على منتدى "وول ستريت بيتز" (r/wallstreetbets) للمتداولين الرقميين، لا يُبشّر بالتفاؤل.

وفي هذا الإطار، ناقشت مجلة "إيكونوميست" الأميركية ما إذا كانت أسواق المال الأميركية ستشهد انهيارًا خلال الفترة المقبلة، على غرار الأزمات السابقة التي حدثت في عامي 2001 و2008.

مخاوف في "وول ستريت"

وقالت المجلة إن النظام المالي الأميركي اليوم ليس على ما هو عليه قبل انهيار 2001 و2008. ومع ذلك، ظهرت مؤخرًا بعض العلامات المألوفة على وجود مخاوف في "وول ستريت" تتمثّل في أيام تداول جامحة بدون أخبار حقيقية، وتقلّبات أسعار مفاجئة، وشعور بالقلق بين الكثيرين.

وأضافت أنه رغم أن التجربة مختلفة عن عام 2008، فإن النظام المالي الأميركي الجديد لا يزال محمّلًا بالمخاطر، فأسعار الأصول مرتفعة (وكانت آخر مرة الأسهم باهظة الثمن مقارنة بالأرباح طويلة المدى قبل ركود عامي 1929 و2001) والعائد الإضافي لامتلاك سندات محفوفة بالمخاطر يقترب من أدنى مستوى له لمدة ربع قرن.

وتمّ تحميل العديد من المحافظ على الأصول "طويلة الأجل" التي تُدرّ أرباحًا فقط في المستقبل البعيد. وتقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لكبح التضخّم، مما سيؤثر على أرباح الشركات وقدرة شركات الائتمان.

ومن المتوقّع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بعمل زيادات بمقدار خمسة أرباع هذا العام. وقفزت عائدات السندات الألمانية لأجل عامين 0.33 نقطة الأسبوع الماضي، مسجلة أكبر قفزة لها منذ عام 2008.

ويُمكن أن يؤدي مزيج التقييمات المرتفعة للغاية، وارتفاع أسعار الفائدة بسهولة إلى خسائر كبيرة.

واعتبرت المجلة أن السؤال المهم بالنسبة للمستثمرين ومحافظي البنوك المركزية والاقتصاد العالمي هو ما إذا كان النظام المالي سيمتصّها بأمان أو يضخّمها. لكنّها أشارت إلى أن الجواب ليس واضحًا، لأن هذا النظام قد تغيّر على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية من قبل القوتين التوأم للتنظيم والابتكار التكنولوجي.

الرقمنة والتطبيقات

ومنحت الرقمنة أجهزة الكمبيوتر مزيدًا من القدرة على اتخاذ القرار، وأنشأت منصّات جديدة لامتلاك الأصول، وخفّضت تكلفة التداول إلى الصفر تقريبًا، والنتيجة نظام عالي التردد قائم على السوق مع مجموعة جديدة من اللاعبين.

ولم تعد صناديق المعاشات تهيمن على تداول الأسهم، ولكن أسراب المستثمرين الأفراد الذين يستخدمون تطبيقات جديدة جذابة، وأصبح بإمكان المقترضين الاستفادة من أموال الديون وكذلك البنوك، فيما يتدفّق الائتمان عبر الحدود بفضل مديري الأصول الذين يشترون السندات الأجنبية.

ورأت المجلة أن العديد من هذه التغييرات كانت للأفضل، حيث أصبح الأمر أرخص وأسهل لجميع أنواع المستثمرين للتعامل في نطاق أوسع من الأصول. وأظهر انهيار 2008-2009 مدى خطورة تعرّض البنوك التي أخذت ودائع من الجمهور لخسائر كارثية، مما أجبر الحكومات على إنقاذها. أما اليوم، تُعدّ البنوك أقلّ مركزية في النظام المالي، ولديها رأس مال أفضل وعدد أقل من الأصول عالية المخاطر.

خطران

وفي هذا السياق، يبرز خطران، أولهما: النفوذ المخفي لبنوك الظل وصناديق الاستثمار، وعلى سبيل المثال، فقد ارتفع إجمالي القروض والأصول الشبيهة بالودائع لصناديق التحوّط وصناديق الائتمان وصناديق الأسهم إلى 43% من الناتج المحلي الإجمالي، من 32% قبل نحو 10 سنوات، ويمكن أن تتراكم ديون الشركات دون أن يلاحظ أحد.

والخطر الثاني هو أنه على الرغم من أن النظام الجديد أصبح أكثر لامركزية، إلا أنه لا يزال يعتمد على المعاملات التي يوجهها عدد قليل من الشبكات، التي يمكن أن تغمرها التقلبات.

وتعتمد صناديق الاستثمار الإلكترونية، التي تمتلك أصولًا تبلغ 10 تريليون دولار، على عدد قليل من الشركات الصغيرة للتأكد من أن سعر الأموال يتتبع بدقة الأصول الأساسية التي يمتلكونها. ويتم توجيه تريليونات الدولارات من عقود المشتقات عبر خمس غرف مقاصة أميركية. ويتم تنفيذ العديد من المعاملات من قبل جيل جديد من الوسطاء، مثل "Citadel Securities". ويعتمد سوق الخزانة الآن على شركات التداول الآلي عالية التردد للعمل.

وتمتلك الشركات أو المؤسسات في هذا النظام، وسائل أمان ويمكن لمعظمها طلب المزيد من الضمانات أو "الهامش" لحماية نفسها من خسائر مستخدميها.

تأثير على المواطنين

ومع ذلك، تُشير التجارب الحديثة إلى أسباب تدعو للقلق، مثلما حدث مع أزمة سهم "غيم ستوب" في يناير/ كانون الثاني 2021، عندما ساهم التداول المحموم على السهم بالفوضى، مما أدى إلى تداول "نداء الهامش" (يعني الإغلاق الإجباري للصفقات عندما تتراجع إلى حد معين).

وقد يعتقد المواطنون العاديون أن الأمر يهمّ فقط مجموعة من المتداولين ومديري الصناديق، لكن "مثل هذا الحريق يمكن أن يلحق الضرر ببقية الاقتصاد". ففي الوضع الحالي، تمتلك 53% من الأسر الأميركية أسهمًا (ارتفاعًا من 37% في عام 1992)، وهناك أكثر من 100 مليون حساب وساطة عبر الإنترنت.

وقالت المجلة إنه إذا "تلاشت أسواق الائتمان، فسوف تكافح الأسر والشركات للاقتراض".

ولهذا السبب، في بداية جائحة كوفيد19، تحرّك بنك الاحتياطي الفيدرالي باعتباره "صانع سوق الملاذ الأخير"، ووعد بما يصل إلى 3 تريليونات دولار لدعم مجموعة من أسواق الديون ودعم التجار وبعض الصناديق المشتركة.

هوامش جيدة

وحول ما إذا كانت عملية الإنقاذ تلك لمرة واحدة بسبب حدث استثنائي، أم علامة على أشياء قادمة؟، قالت المجلة إنه منذ 2008-2009، كان لدى البنوك المركزية والهيئات التنظيمية هدفان غير معلنين: تطبيع أسعار الفائدة، والتوقّف عن استخدام الأموال العامّة لضمان المخاطرة الخاصة.

ويبدو أن هذه الأهداف متوترة: يجب على الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، لكن هذا قد يؤدي إلى عدم الاستقرار.

وإذ رأت أن النظام المالي في حالة أفضل مما كان عليه عام 2008 عندما قام المقامرون المتهورون في "بير شتيرنز" و"ليمان براذرز" بإيقاف العالم، أكدت المجلة أن الأسواق المالية تواجه اختبارًا صارمًا.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close