الأحد 17 نوفمبر / November 2024

مخاطر متنوعة.. كيف يؤثر الإفراط في استخدام الأدوات الرقمية على الموظف؟

مخاطر متنوعة.. كيف يؤثر الإفراط في استخدام الأدوات الرقمية على الموظف؟

شارك القصة

يؤكد الخبراء أن الإفراط باستخدام الأدوات الرقمية في أماكن العمل تحمل مخاطر "الإجهاد الرقمي" (الصورة: غيتي)
يؤكد الخبراء أن الإفراط في استخدام الأدوات الرقمية في أماكن العمل يحمل مخاطر "الإجهاد الرقمي" (الصورة: غيتي)
تشير دراسة حديثة إلى أن 31% من الموظفين يفرطون في استخدام الأدوات الرقمية في أماكن العمل، وهو ما له تبعات جسدية ونفسية عدة.

رغم أهمية الأدوات الرقمية الموجودة في أماكن العمل ودورها في مساعدة الموظفين على القيام بمهامهم، إلا أنها باتت تحمل أيضًا مخاطر "الإجهاد الرقمي"، حيث تشير دراسة حديثة إلى أن 31% من الموظفين يفرطون في الاتصال بهذه الخدمات.

وخلال مؤتمر بعنوان "الضغط الرقمي، خطر ناشئ" جرى هذا الأسبوع، قال عالم الأوبئة والمدير العام السابق للصحة في فرنسا وليام داب إن، "رسائل البريد الإلكتروني وأدوات الاجتماعات عن بُعد والرسائل الداخلية والوصول إلى الإنترنت... كل هذه الأدوات قلبت حياتنا رأسًا على عقب".

تداعيات ما بعد كوفيد

وتساءل خلال هذه المداخلة في إطار معرض "بريفنتيكا" المخصص للصحة والسلامة في العمل: "هل يمكن لهذه الأدوات، أو بالأحرى استخدامات هذه الأدوات، أن تنقلب علينا؟".

وأوضح: "يمكن الحديث عن الإجهاد الرقمي عندما يتجاوز حجم المعلومات المتاحة التي يتعين علينا معالجتها قدرتنا"، وهو موضوع "يأخذ مساحة متزايدة" تحت مسمّيات مختلفة بينها "الإغراق المعلوماتي" أو "المشقة الرقمية" أو "الضغط النفسي التقني".

وفي تصريح لـ "فرانس برس"، يصرّح أدريان ديبريه، المحامي في شركة متخصصة بالأعمال في باريس: "ما أجده معقدًا منذ وقت قريب نسبيًا، ما بعد كوفيد وفترات الإغلاق، هو تكاثر القنوات، ما يعني أننا لم نعد نعرف مصدر" تدفق الرسائل، بين البريد الإلكتروني، وخدمات "تيمز" و"واتساب" و"زوم" والرسائل النصية.

ويشير إلى أن هذا الوضع "يجعل إدارة سيل (الخدمات الرقمية) أمرًا مضنيًا. ويشبه ذلك الدمى الروسية التي يجب فتحها".

ومع العمل عن بُعد وعمليات التنظيم "المجزأة بشكل متزايد"، "نحن طوال اليوم خلف شاشاتنا"، على ما يقول جيروم، وهو مسؤول تنفيذي في القطاع المصرفي لم يكشف عن شهرته. وحتى في المكتب، تتوالى الاجتماعات بالفيديو "بسرعة فائقة"، وفق جيروم الذي يصف هذا الوضع بأنه "مضنٍ".

"إدمان"

بدوره، يرى عالم الأوبئة أن "الظاهرة المركزية هي الاتصال المفرط" التي يمكن أن تؤدي إلى "حمل ذهني زائد".

ويقول وليام داب: "كطبيب، أحلل هذا الأمر باعتباره شكلاً جديدًا من أشكال الإدمان" الذي ما زلنا نعرف القليل عن عواقبه، حتى لو كانت تبعات الإجهاد "معروفة جيدًا".

ولا تقتصر هذه التبعات على الجانب "الذهني"، فهذه العناصر مرتبطة "بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومخاطر متعلقة بعملية التمثيل الغذائي"، فضلاً عن تأثيرات "مناعية".

يمكن أن يؤدي استخدام الأدوات الرقمية بشكل مفرط إلى "حمل ذهني زائد" (الصورة: غيتي)
يمكن أن يؤدي استخدام الأدوات الرقمية بشكل مفرط إلى "حمل ذهني زائد" (الصورة: غيتي)

كذلك، يقلّل الضغط النفسي من الأداء المهني، وفيما فتحت الأدوات الرقمية "الباب أمام العمل عن بُعد، فإنها تضعنا أيضًا في حالة عزلة"، وفق داب الذي يقول: "باختصار، يمكن لهذه الأدوات المفيدة جدًا لنا أن تؤثر أيضًا على الصحة ونوعية الحياة في العمل".

ولتوضيح "البيانات القليلة" حول هذا الموضوع، يستشهد داب بدراسة نُشرت نتائجها في منتصف مايو/ أيار. فهذه الدراسة التي أشرف عليها المرصد الفرنسي للإغراق المعلوماتي والتعاون الرقمي، أجريت خصوصًا من خلال تحليل رسائل البريد الإلكتروني لحوالي تسعة آلاف شخص بشكل مستمر لمدة عامين.

"عتبة السمية"

ومن دون أن يدّعي القائمون على الدراسة احتواءها على قيمة إحصائية نظرًا إلى العيّنة الصغيرة من الشركات (10)، فإنّ النتائج تُظهر أن 31% من الموظفين معرضون للاتصال المفرط من خلال إرسال رسائل إلكترونية بعد الساعة الثامنة مساء خلال أكثر من 50 ليلة في السنة (117 ليلة بالنسبة للمديرين).

إلى ذلك، يتم الرد على أكثر من 50% من رسائل البريد الإلكتروني في أقل من ساعة على تلقيها، وهذه الرسائل تولّد "الكثير من الضوضاء الرقمية"، إذ إن 25% من الرسائل التي يتلقاها الموظفون لا تكون موجهة إليهم شخصيًا بل مرسلة عبر خاصية "الرد على الكل".

وقاست الدراسة أيضًا فترات "التركيز الكامل" (ساعة واحدة من دون إرسال رسائل بريد إلكتروني). وعلى مستوى الإدارة، تبلغ نسبة هذه الفترات 11% فقط أسبوعيًا (24% للمديرين و42% للموظفين).

ويرى داب أن هذا الأمر يعني فقدانًا "للكفاءة وعمق التحليل"، مضيفًا: "قد نكون وصلنا إلى عتبة السُميّة".

ورغم ذلك، يعتبر أنه "لا يزال بالإمكان التصرف" في هذه الحالات، من خلال حصر المعلومات بـ"ما هو ضروري حقًا"، عن طريق "إبقاء الشاشة مغلقة في أوقات معينة" أو حتى عن طريق الأنشطة البدنية أو الاسترخاء.

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
Close