يدلي الفرنسيون بأصواتهم غدًا الأحد، في الدورة الأولى من انتخابات تشريعية تاريخية، يتصدّرها اليمين المتطرف متقدمًا بفارق كبير على تكتل الرئيس إيمانويل ماكرون.
وقال مراسل التلفزيون العربي يوم أمس: إن نحو 82% من الفرنسيين في حالة من "التشاؤم" بشأن الانتخابات التشريعية المبكرة ونتائجها التي ستظهر اعتبارًا من مساء الأحد.
وأضاف مراسلنا محمد الحاجي من باريس، أن كل الأطراف لا يرون مستقبلًا متفائلًا في حال فوز أقصى اليسار أو حزب التجمع الوطني من اليمين المتطرف.
ودعي حوالي 49 مليون ناخب لتجديد الجمعية الوطنية بجميع نوابها الـ577ضمن انتخابات تجري دورتها الثانية في السابع من يوليو/ تموز، وقد تحدث انقلابًا يبدّل المشهد السياسي الفرنسي بصورة دائمة، حيث يصف مراقبون هذه الانتخابات بأنها الأهم منذ عام 1945، مع نهاية الحرب العالمية الثانية.
وكان ماكرون قد دعا إلى هذه الانتخابات المبكرة معلنًا في التاسع من يونيو/ حزيران حل الجمعية الوطنية، وفق قرار اتخذه بعد ساعات على فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية في فرنسا، ما أحدث صدمة هزت البلاد.
صعود اليمين
وبين تأجيل العديد من الفرنسيين عطلهم والارتفاع الحاد في عدد طلبات التصويت بالوكالة، من المتوقع تسجيل تعبئة كثيفة في هذه الانتخابات، التي يتركز رهانها الأكبر حول ما إذا كانت ستنبثق عنها لأول مرة في تاريخ الجمهورية الخامسة جمعية وطنية يهيمن عليها اليمين المتطرف.
وينتظر صدور أولى النتائج اعتبارًا من الساعة 20:00 بالتوقيت المحلي مساء الأحد لتبديد بعض من الضبابية التي تلف المشهد الانتخابي حيث يسعى الرئيس الشاب لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا (28 عامًا) للحلول محل زعيم الغالبية المنتهية ولايتها غابريال أتال على رأس الحكومة، وتحاول قوى اليسار تحقيق المفاجأة.
أول الناخبين
وكان ناخبو أرخبيل سان بيار إيه ميكلون في شمال المحيط الأطلسي أول ناخبين يتوجهون إلى صناديق الاقتراع، اليوم السبت في الساعة 8:00 صباحًا بالتوقيت المحلي، وتلاهم ناخبو غويانا والأنتيل وفرنسيو أميركا الشمالية وبولينيزيا، أما ناخبو فرنسا القاريّة، فسيدلون بأصواتهم يوم غد الأحد.
وانتهت الحملة الانتخابية الخاطفة في منتصف ليل الجمعة، ولم يعد يحقّ للمرشحين الإدلاء بتصريحات علنية لوسائل الإعلام أو القيام بتنقلات ميدانية حتى مساء الأحد. كما يحظر نشر نتائج استطلاعات للرأي في هذه الفترة.
وتتوقع معاهد الاستطلاع كما السياسيون ارتفاع المشاركة لتتخطى ربما ثلثي الناخبين المسجلين، بزيادة كبيرة عن الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2022 حين اقتصرت على 47,51%. وهذا الاقبال المرتقب على التصويت ناجم في عوامل عدة أبرزها العواقب التاريخية المحتملة لهذه الانتخابات التشريعية، وهي الأولى منذ 1997 التي لا تنظّم بالتزامن مع الاقتراع الرئاسي.
"أكبر قدر من الوضوح"
وفي مؤشر إلى قوة التعبئة المرتقبة في الدورتين، سجل عدد طلبات التصويت بالوكالة ارتفاعًا لافتًا متخطيًا المليونين، فيما سجل التصويت عبر الإنترنت الذي فُتح أمام الفرنسيين المقيمين في الخارج حتى الخميس، مستوى قياسيًا قدره 410 آلاف صوت مقابل 250 ألف صوت في 2022.
ومنح استطلاعان للرأي أجراهما معهدا أيفوب وأودوكسا وصدرت نتائجهما الجمعة، اليمين المتطرف ما بين 35 و36,5% من الأصوات.
أما تحالف الجبهة الشعبية الجديدة الذي يضم أحزاب اليسار وفي طليعتها "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي)، فيحظى بما بين 27,5 و29% من نوايا الأصوات، متقدمًا على المعسكر الماكروني الذي يمنحه الاستطلاعان 20,5 إلى 21% من نوايا الأصوات. وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى احتمال فوز التجمع الوطني مع حلفائه بالغالبية المطلقة المحددة بـ289 نائبًا وما فوق.
ويواجه المعسكر الرئاسي أكبر قدر من الضغط في هذه الانتخابات التي تهدده في جوهره نفسه.
وتعهد الرئيس يوم الخميس بـ"أكبر قدر من الوضوح" حول الخطّ الواجب اعتماده خلال الدورتين، في وقت يدعو العديد من الماكرونيين إلى تعليمات واضحة بالانسحاب، لا بل عدم الانسياق إلى موقف "لا تجمع وطني ولا فرنسا الأبية".