وسط قاعة دمّرها القصف في شمال غرب سوريا، جلس مسعفان قرب دمية ممدّدة على الأرض، ليقدما إرشادات عن كيفية التعامل مع إصابات الحرب، في محاكاة افتراضية لعمليات إنقاذ موجّهة للمسعفين الأوكرانيين الذين يتعاملون مع تداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا.
ويأتي تصوير مقاطع الفيديو في إطار مبادرة أطلقتها منظمة "الخوذ البيضاء" في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة في محافظة إدلب ومحيطها. ولطالما كان أفراد المجموعة من أول المستجيبين لجولات القصف التي شنّها النظام السوري وحليفته موسكو، منذ بدء تدخلها العسكري في الحرب المستمرة منذ 11 عامًا.
وأثناء تصوير مقطع داخل الطبقة الثانية من مبنى مدمّر في أريحا التي شهدت معارك عنيفة طيلة سنوات الحرب في جنوب إدلب؛ شرح أحد المسعفين كيفية تثبيت الأطراف عند إصابتها، أو التعامل مع جرح ينزف، مطبقًا بعناية الخطوات الواجب اتخاذها على الدمية.
مشاركة تجارب
ووسط شارع تحيط به أبنية مدمرة، سار المتطوع إسماعيل العبد الله أمام كاميرا زملائه وهو يقول باللغة الإنكليزية: "بصفتنا مستجيبين أوائل، نعتقد أنه بإمكاننا مشاركة تجاربنا في سوريا مع عمال الإغاثة الإنسانيين في أوكرانيا".
وشرح العبد الله لوكالة فرانس برس أن هدف المبادرة "إنتاج مقاطع فيديو مترجمة للغة الأوكرانية، تحتوي على نصائح وإرشادات عن كيفية تعامل المستجيبين الأوائل والمدنيين مع عمليات القصف فور حضورها إلى المواقع المستهدفة، خصوصًا استراتيجية القصف الجوي المزدوج التي يتبعها الجيش الروسي في قصف المنشآت الصحية والحيوية، ثمّ فرق الإنقاذ والإسعاف".
ومنذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، أظهر السوريون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام؛ تعاطفًا واسعًا مع الشعب الأوكراني.
كما تحدّث خبراء عن اتباع موسكو استراتيجيات سبق أن اختبرتها في سوريا، على غرار حصار المدن الكبرى واستهداف المنشآت الحيوية والمستشفيات، ومن ثم الإعلان عن فتح ممرات آمنة من أجل دفع السكان إلى المغادرة.
وتتضمّن مقاطع فيديو أخرى، تمّت ترجمتها إلى الأوكرانية على أن ينشرها الدفاع المدني على منصّاته عبر الإنترنت ويشاركها مع ناشطين أوكرانيين، توجيهات عن "كيفية التعامل مع مخلّفات الحرب والذخائر غير المنفجرة؛ إضافة إلى دعوة فرق الإنقاذ الأوكرانية إلى توثيق عملها باستخدام كاميرات غو برو للحفاظ على مصداقيتهم".
وأوضح العبد الله أن النصائح التي يقدمها وزملاؤه إلى نظرائهم الأوكرانيين مستمدة من خبرات اكتسبوها خلال "التعامل مع استراتيجيات القصف الروسي"، منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015.
ويأمل طالب الطب محمد حاج موسى، الذي يشارك في تقديم الإرشادات، أن تساعد مقاطع الفيديو المسعفين والشعب الأوكراني "على التعامل مع الإصابات التي يمكن أن يشاهدوها في أي لحظة".
وقال "عشنا التجربة وشاهدنا الضحايا، وشكّل ذلك دافعًا لتعلم هذه المهارات الإسعافية وتطويرها لنتمكن من إسعاف الضحايا".
وأبدى أمله في أن تصل مقاطع الفيديو إلى أوكرانيا وكل بلد يشهد حربًا مماثلة، وأن يتمكن كل من يشاهدها من "إنقاذ الأرواح".