على مدار نحو عشرة أشهر، نجحت المقاومة الفلسطينية في غزة في إيقاع خسائر كبيرة بالاحتلال الإسرائيلي باستخدام أسلحة وأساليب قتالية متعددة.
وفي الآونة الأخيرة، برزت العبوات الناسفة والكمائن الهندسية التي تعدها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بوصفها سلاحًا فعالًا ونمطًا قتاليًا مركبًا ضد آليات الجيش الإسرائيلي وأفراده داخل قطاع غزة.
وحصل التلفزيون العربي على صور حصرية ومعطيات دقيقة بشأن سلاح الكمائن الهندسية والعبوات بمختلف أنواعها، ولا سيما تلك التي استعملت في كميني بيت حانون وشرق مخيم جباليا.
عبوات المقاومة.. مصائد وكمائن
تتنوع العبوات الناسفة التي تستخدمها الأجنحة المسلحة لفصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب الشهيد عزالدين القسام، في كمائنها لجنود الاحتلال وآلياته في قطاع غزة، بما يفرضه عليها طول المعركة ومعطيات الميدان، والهدف يتمثل في استنزاف مقدرات الجيش الإسرائيلي جنودًا وآليات، ولذلك فإن هذه العبوات تتنوع بين مضادة للأفراد، وأخرى للدروع أو المباني، تستخدم منفردة أو بالجمع بينها حسب طبيعة الهدف والكمين.
أنواع العبوات المضادة للأفراد وآلية عملها
العبوة الرعدية
تستخدم ضد الجنود في المسارات الطويلة كالأنفاق والشوارع، لأن موجتها الانفجارية القاتلة، تمتد إلى الأمام 140 مترًا طولًا، و18 مترًا عرضًا، ومترين ارتفاعًا.
العبوة التلفزيونية
وحين يصبح الهدف مشاة منتشرين أو متمركزين بشكل عرضي، فإن العبوة التلفزيونية تكون فعالة في إيقاع أكبر عدد منهم، نظرًا لموجتها الانفجارية القاتلة في مسافة 60 مترًا طولًا، و60 مترًا عرضًا، ومترين ارتفاعًا.
ويظهر في الصور التي حصل عليها حصريًا التلفزيون العربي، أنه عادة ما تستخدم العبوات الرعدية والتلفزيونية معًا، بما يضمن المدى والتركيز وسرعة إعداد الكمين.
العبوة القفازة
سميت بذلك، لأنها تنفجر بعد أن تقفز على ارتفاع متر، من سطح الأرض وعلى مدى دائري لتغطي أهدافا في 360 درجة.
هنا صور حصرية تبين كيف تقفز العبوة وتنفجر في مداها لتغطي الشظايا دائرة الهدف.
العبوة الصدمية
حالة وسط بين استهداف الجنود والآليات لأنها قوية الأثر، فهي تستخدم لتعميق الإصابة في المشاة إلى جانب عبوات الأفراد، فهي تحمل عددًا محدودًا من الشظايا لكنها تكون كبيرة الحجم وقاتلة جدًا، ولذلك أيضًا تستهدف المركبات خفيفة التصفيح، وتستخدم في تفخيخ فتحات الأنفاق.
أنواع العبوات المضادة للدروع وآلية عملها
عبوات الشواظ وعبوة العمل الفدائي
تتميز بقدرتها على الاختراق والنفاذ، بمقذوف من النحاس المذاب المعد لثقب طبقات متتالية من الدروع، وصولًا إلى داخل الآلية المدرعة محدثًا إصابات وأضرارًا في جسمها الداخلي.
وتظهر الصور التي حصل عليها التلفزيون العربي كيفية انفجار عبوة الشواظ في دبابة إسرائيلية، حيث كان الانفجار أسرع منها أثناء فرارها من المكان المستهدف. كما تظهر المشاهد عبوة العمل الفدائي، وهي خفيفة الوزن، مما يمكن المقاوم من الركض نحو الهدف وتثبيتها في نقاط ضعف الآلية العسكرية. لذلك، فإن أهم خصائصها هي سهولة تجهيزها للانفجار بسرعة وفي توقيت مناسب.
العبوات الفراغية "تتبير"
أما العبوات الفراغية مثل عبوة تتبير "تي بي جي" فإنها، تستخدم لنسف المباني التي يتحصن فيها الجنود، وتدمير تلك التي يستدرجون إليها.
أعداد الكمائن
وتظهر معطيات المعارك في قطاع غزة التنوع في استعمال هذه العبوات، إذ تختلف الأنواع والزوايا وطبيعة المكان، ويمكن أن نلحظ ذلك في نموذجين لكمينين استعملت فيهما العبوات الناسفة وحصل التلفزيون العربي على تفاصيلهما الكاملة.
كمين بيت حانون
في بيت حانون، اختارت القسام منزلًا لاستدراج جنود الاحتلال الذين زاد عددهم عن 90 جنديًا، وكان المكان معدًا بكاميرات مراقبة، ومحاطًا بمقاومين.
ويرصدون المكان، الذي فخخ قبل ذلك بعدد منوع من العبوات كما تظهر الصور، بعبوتين رعديتين وعبوة تلفزيونية في الموجة الأولى داخل الأرائك، وعبوة صدمية في الموجة الثانية، وما هي إلا دقائق حتى جاء المدد بمظلات الأدوات الطبية.
وعند وصول مدرعات الإنقاذ فعلت المقاومة عبوات الشواظ، وبعد الإجلاء والانسحاب، وجدت المقاومة المكان، وفيه رشاش من نوع هنيغف، وعتاد آخر، قبل قصف الاحتلال للمكان جوًا.
وإضافة إلى القتلى والجرحى من لواء النقب احتياطي، كتيبة المشاة، أدى الكمين إلى تجنب قوات الاحتلال التوغل في بيت حانون، لتنفذ عمليات في محيط المدينة فقط.
كمين شرق جباليا
ومن نماذج الكمائن التي حصل عليها التلفزيون العربي على بعض تفاصيلها الحصرية، كمين شرق مخيم جباليا، والذي اتخذ فيه قرار بعدم استهداف دبابة ميركافا حتى بعد رصدها، وذلك تمهيدًا لوصول المشاة، حيث بالفعل نزل الجنود، وأصبحوا في مرمى النار، لتستعمل قذيفة مضادة للأفراد، فتحرك الجنود إلى داخل كمين العبوات الرعدية ظنًا منهم أنهم يتحصنون من الاستهداف، ثم فجرت العبوات على الفور، لتتحرك المسيرات الإسرائيلية المسلحة بالرشاشات لتفرض غطاء ناريًا مكثفًا.
وتقدمت مدرعتا ميركافا نحو الكمين، في مسعى لإنقاذ الجرحى وإجلاء القتلى، لتفعل المقاومة عبوات شواظ وعبوات صدمية.
وبالتزامن كانت مجموعة أخرى تستعد لإطلاق قذيفة تاندوم استهدفت الآليات، ثم تراجع رامي الدروع إلى موقعه.
ولم تنته العملية، فالرصد استمر، وقد تقدمت قوة إسرائيلية أخرى من لواء المظليين، للإسناد ونقل المصابين، فتحركت مجموعة ثالثة كامنة في المكان، لتستهدفهم بقذائف مضادة للأفراد وفتحت النار عليهم بالأسلحة الرشاشة.
وأعلنت إسرائيل عن عدد من قتلاها في هذه العملية، أبرز هؤلاء من الكتيبة 202 لواء المظليين، الضابط روعي بيت يعكوف، والجنود المقاتلون جلعاد آريا بويم، دانييل حمو، إيلان كوهين، بتسلئيل ديفيد شعشوع.