تلجأ مصر التي تعاني شحًا في التدفقات النقدية الكفيلة برأب الصدع المزمن في موازنته، تارة إلى الاقتراض الخارجي، وأخرى عبر طرح السندات والصكوك، وثالثة عبر مواصلتها خصخصة شركات قطاعها العام، أملًا في رفع كفاءتها التشغيلية، وسعيًا وراء الأموال الناجمة عن بيعها للمستثمرين.
ويضم برنامج الطروحات المصري شركات تنتمي إلى سائر القطاعات الخدمية والإنتاجية، وحينما جاء الدور على الصناعة الدوائية، وقع اختيار القاهرة على كل من تنمية الصناعات الكيماوية، ومصر للمستحضرات الطبية، وهما شركتان ينتظر بيع جزء منهما لمستثمرين إستراتيجيين، على أن تتبع الخطوة إدراج أسهمها في سوق رأس المال.
ويبدو توقيت بيع الشركتين مدروسًا، إذ إنه يأتي بعيد تحقيق مؤشر "إيجي أكس" للأسهم مكاسب بلغت 12% خلال يناير/ كانون الثاني، وهو ما يرفع شهية رؤوس الأموال لمثل هذه النوعية من الاستثمارات، والتي ينظر إليها بعض المصريين كأداة تحوط اتجاه الجنيه الذي فقد نصف قيمته خلال عام.
فتأخر توصل القاهرة إلى اتفاق مع صندوق النقد لتمويل عجز موازنة العام الجديد يزيد الضغوط على صانعي القرار في البلاد، ويدعوهم للمسارعة في إجراءات بيع الشركتين، ولا سيما أنه يترافق مع تغيير قواعد المنح والمساعدات الخليجية التي باتت خاضعة لشروط أكثر صرامة من ذي قبل.
وترنو مصر التي يبلغ فيها احتياطي العملة الصعبة 34 مليار دولار من خلال برنامج طرح شركات القطاع العام للبيع إلى تعزيز التدفقات النقدية الداخلة إلى البلاد، أملًا في خلق فرص عمل تحتوي آفة البطالة ورفض الناتج المحلي بما يحتاجه من محفزات للنمو.
ما أهدف مصر من خصخصة شركات الدواء؟
وفي هذا الإطار، يوضح رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية المصرية علي عوف أن الشركتين اللتين اختارتهما الحكومة المصرية، تتبعان للشركة القابضة وهما مملوكتان للدولة، مشيرًا إلى أن الشركة القابضة تملك حاليًا تسع شركات، خمس منها فيها استثمارات بحوالي 40 إلى 60% للدولة.
ويضيف في حديث لـ"العربي" من العاصمة المصرية القاهرة، أن هناك احتياجًا شديدًا لشركات قطاع الأعمال وخصوصًا للشركتين للتطوير والتوسع ودخول عصر التكنولوجيا الحديثة في صناعة الدواء، وبالتالي ستحتاج إلى استثمارات كبيرة من خلال طرح أسهمها لتوفير سيولة لتطوير هذا القطاع.
ويتابع عوف أن شركات قطاع الأعمال التسع لا تمثل في السوق المصري أكثر من 30% كحجم بيع، مشيرًا إلى أن هناك 5 شركات شقيقة قابضة تم طرح أسهم 40% منها منذ سنوات، وهي تنتج وتغطي احتياج المريض المصري، لافتًا إلى أن السوق المصري يحتوي على أكثر من 170 مصنع دواء.
ويردف أن الدولة المصرية تراقب شركات الأدوية على غرار الدول الأوروبية، مشيرًا إلى أن صناعة الدواء في مصر لها بعد اقتصادي لمصلحة المواطن المصري.