معضلة تواجه الأمم المتحدة.. أخذ طعام الجياع لإطعام المتضورين جوعًا
فرض الهجوم الروسي على أوكرانيا ضغوطًا هائلة على المساعدات الدولية المتقلصة بالفعل، حيث تواجه وكالات الإغاثة التي تعمل في البلدان التي تعاني من حالات الطوارئ الأكثر إلحاحًا، بما في ذلك اليمن وأفغانستان وجنوب السودان وإثيوبيا، قرارات صعبة بشأن كيفية إنفاق أموالها، بحسب صحيفة "الغارديان".
وتعليقًا على الواقع في اليمن قال الرئيس التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيسلي مؤخرًا: "ليس لدينا خيار سوى أخذ الطعام من الجياع لإطعام الجياع".
اليمن
ففي اليمن، تتزايد الاحتياجات بعد سبع سنوات من الحرب، وما صاحبها من أزمة اقتصادية أجبرت الكثير من الناس على تحمل الديون، إضافة إلى التهديد الإضافي المتمثل في تدمير الجراد الصحراوي للمحاصيل.
وفاقم وباء كوفيد معاناة ضحايا حرب اليمن وضحايا الأزمات الإنسانية الأخرى التي غذتها الصراعات والكوارث المناخية، فيما تم قطع الإنفاق من المانحين الدوليين. وقد أجبر هذا العاملين في المجال الإنساني على تقليص ما يقدمونه، بما في ذلك الحصص الغذائية ويُخشى أن يكون القادم أسوأ.
وعلى الرغم من أن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة قد ارتفع بالفعل بأكثر من مليون إلى 17.4 مليونا هذا العام، ومن المتوقع أن يرتفع بأكثر من مليون بحلول نهاية عام 2022؛ قال برنامج الأغذية العالمي يوم الثلاثاء: إن لديه فجوة في تمويل المساعدات الغذائية تبلغ 900 مليون دولار، حيث تم تأمين 11% من التمويل المطلوب.
وتعهد المانحون أمس الأربعاء بتقديم 1.3 مليار دولار لليمن، لكن هذا المبلغ هو أقل بمقدار 3 مليارات دولار عن مبلغ 4.3 مليارات دولار الذي تقول الأمم المتحدة إنه المطلوب.
ويواجه ما يقدر بنحو 31 ألف شخص مستويات كارثية من الجوع، وفقًا لمقياس التصنيف الدولي الذي يستخدمه العاملون في المجال الإنساني. وقد يرتفع هذا الرقم إلى 161 ألفا بحلول يونيو/ حزيران.
وقد خفضت وكالة الغذاء التابعة للأمم المتحدة بالفعل الحصص الغذائية لثمانية ملايين شخص في ظل استمرار تزايد عدد من هم في أمس الحاجة إليها ومخاوف من مزيد من التخفيضات.
أفغانستان
أدى تجميد مساعدات التنمية لأفغانستان منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة العام الماضي إلى إغراق الاقتصاد الذي يعتمد بالفعل على المساعدات في أزمة إنسانية يائسة. ويواجه نصف السكان انعدام الأمن الغذائي، بينهم 8.7 ملايين شخص معرضون لخطر ظروف "شبيهة بالمجاعة".
لكن نداء الأمم المتحدة لتأمين مبلغ 4.44 مليارات دولار لم يتحقق سوى بنسبة 13% فقط منذ إطلاقه في يناير/ كانون الثاني. وينقص برنامج الأغذية العالمي وحده مبلغ 525 مليون دولار من التمويل الذي يحتاجه بشكل عاجل لتلبية الحاجات الغذائية للأشهر الستة المقبلة.
وتقع البلاد في دين، وفقًا للأمم المتحدة، و95% من العائلات لا تأكل ما يكفي، ولا سيما تلك التي تعيلها النساء.
إثيوبيا
وأدى القتال في تيغراي وحولها في شمال إثيوبيا إلى نزوح أكثر من مليوني شخص. واستطاعت الأمم المتحدة تأمين أقل من 300 مليون دولار من هدفها التمويلي البالغ 957 مليون دولار.
وتريد الأمم المتحدة الوصول إلى 870 ألف شخص كل أسبوع، ولكن منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وصل عددهم إلى 740 ألف شخص فقط.
وقد تعقد الوضع بسبب الصعوبات التي تواجهها وكالات الإغاثة في الوصول إلى مخيمات النازحين بسبب استمرار القتال.
تفيد الأمم المتحدة بأن معظم العائلات في تيغراي ليس لديها ما يكفي من الطعام وتتأقلم من خلال تقليل عدد الوجبات اليومية أو بيع المحاصيل لسداد الديون أو التسول.
ويعاني 454 ألف طفل من سوء التغذية في المنطقة، ويعاني أكثر من ربعهم من سوء التغذية الحاد. كما يشخص نحو 120 ألف امرأة من الحوامل أو المرضعات بسوء التغذية.
جنوب السودان
كما يواجه جنوب السودان أسوأ أزمة جوع على الإطلاق، وفقًا للأمم المتحدة. وحذرت من أن 70% من الناس سيكافحون لتجاوز الفترة الصعبة القادمة مع نضوب الإمدادات. ويقدر أن 8.9 ملايين شخص، من السكان البالغ عددهم 11.4 مليون نسمة، يحتاجون بالفعل إلى المساعدة. لكن التمويل المتاح لجنوب السودان أقل من المطلوب بـ529 مليون دولار.
ويأتي موسم الفيضانات الذي كان شديدًا وممتدًا على مدى السنوات الأخيرة، ليحد من حركة المجتمعات والوكالات الإنسانية. وقد تفاقم الوضع بسبب الصراع في البلاد. وقد لجأت المجتمعات إلى إعالة نفسها بما في ذلك نهب إمدادات الإغاثة.
وكشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة "إيفاد" اليوم الخميس أن الحرب في أوكرانيا تسببت بالفعل في ارتفاع أسعار الغذاء ونقص المحاصيل الأساسية في أجزاء من وسط آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأدى الهجوم الروسي على أوكرانيا الشهر الماضي إلى تقليص عدد الشحنات بشدة من البلدين، اللذين يمثلان نحو 25% من صادرات القمح العالمية، و16% من صادرات الذرة العالمية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.
وقال الصندوق الدولي للتنمية الزراعية: إن ذلك يؤثر على أسعار التجزئة للمواد الغذائية في بعض أفقر الدول في العالم.