بشكل رسمي، اعتبرت واشنطن الثلاثاء أن استحواذ العسكريين على السلطة في النيجر في يوليو/ تموز هو انقلاب، وأعلنت قطع مساعدات بأكثر من 500 مليون دولار بعدما أطاح العسكريون حكومة كانت تعتبر حصنًا أساسيًا في مواجهة روسيا.
وأطاحت مجموعة عسكرية في 26 يوليو الرئيس محمد بازوم المحتجز مذّاك الحين في مقره الرئاسي.
وبازوم حليف للغرب في مكافحة المتشددين في منطقة الساحل، وسبق أن أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بنهجه الديمقراطي.
وكشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن "أي استئناف لمساعدات أميركية سيتطلّب تحركًا للمجلس الوطني لحماية الوطن لإرساء حكم ديمقراطي ضمن إطار زمني سريع وذي مصداقية"، وذلك في إشارة إلى قادة الانقلاب.
وقد حضّت الولايات المتحدة ومعها دول في غرب إفريقيا وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، دون جدوى، العسكريين على إعادة السلطة إلى بازوم.
"ضرورة إعادة النظام الديمقراطي"
وقال مسؤول أميركي رفيع لصحافيين: "نحن نتّخذ هذا الإجراء لأننا استنفدنا خلال الشهرين الماضيين كل الوسائل المتاحة للحفاظ على النظام الدستوري في النيجر".
ورأى أنه يتعيّن على قادة الانقلاب، وبموجب التدابير التي فرضوها لدى إعلان حال الطوارئ، إعادة إرساء الحكم المدني والديمقراطي في فترة تتراوح بين 90 و120 يومًا.
وبموجب القوانين الأميركية، يتعيّن على واشنطن وقف المساعدات الى أي بلد يتم تصنيف السلطة فيه منبثقة عن انقلاب.
وأعلنت الولايات المتحدة قطع حزمة مساعدات بـ442 مليون دولار كانت مقرّرة عبر "مؤسسة تحدي الألفية" التي تدعم دولا نامية تلتزم المعايير الديمقراطية وكانت ترمي إلى ترميم طرق ومسارات تجارية للزراعة في بلد يعد من الأكثر فقرًا في العالم.
إلى ذلك، أكد ميلر إلغاء مساعدة أخرى بقيمة تناهز 200 مليون دولار كان قد تمّ تعليقها في وقت سابق.
في الأثناء ستبقي الولايات المتحدة جنودها البالغ عددهم نحو ألف في البلاد.
وقال مسؤول أميركي آخر إن القوات لم تعد تتولى تدريب القوات النيجرية ولم تعد تؤازرها، لكنها مستمرة بالعمل على رصد تهديدات المتشددين.
وللولايات المتحدة قاعدة عسكرية كبرى للمسيّرات قرب مدينة أغاديز الواقعة في وسط البلاد، يدير منها الجيش الأميركي عمليات مكافحة المتشددين في منطقة الساحل.
بدء انسحاب القوات الفرنسية
وترافق القرار الأميركي مع بدء القوات الفرنسية الانسحاب من النيجر تنفيذًا لقرار اتّخذه قادة الانقلاب الذين أمروا أيضًا السفير الفرنسي بالمغادرة. لكن العلاقات بين الولايات المتحدة والنيجر أقل توترًا، ولا تزال السفيرة الأميركية كاثلين فيتسغيبون في نيامي.
وفي مارس/ آذار، زار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن النيجر في مسعى لدعم بازوم ونظامه الديمقراطي في منطقة شهدت انقلابات لا سيما في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين.
ومنذ ذلك الحين أصبحت مالي شريكًا رئيسيًا لروسيا وقد تعاونت مع مجموعة فاغنر التي تضم مرتزقة والتي أدينت مرارًا بانتهاكات.
وأطلقت هذه المجموعة المسلحة تمرّدًا قصير الأمد على القيادة العسكرية داخل روسيا في يونيو/ حزيران الماضي.
وأشار المسؤول الأميركي الأول إلى أن النيجر لم تنفتح بعد على روسيا، لكنه توقّع دخول فاغنر على الخط.
وقال: "أنا واثق من أنهم يريدون أن يتحيّنوا الفرص في النيجر لاستكشاف ما إذا يمكنهم الاستفادة. إلى الآن لم نرَ أي دليل على نجاحهم" في ذلك.
وأجرى بلينكن الإثنين محادثات هاتفية مع بازوم لإبداء التأييد لعودته إلى الحكم. وفي بيان حول الاتصال بين بلينكن وبازوم قال ميلر إن "الولايات المتحدة تدعو للإفراج فورًا عن كل المحتجزين على أثر استحواذ العسكريين على السلطة".