Skip to main content

مع عودة ترمب.. عزمي بشارة: نتحضر للأسوأ على مستوى القضية الفلسطينية

منذ 2 ساعات
لم يستبعد الدكتور عزمي بشارة أن يعتبر ترمب صفقة القرن نقطة بداية العمل في إدارته الجديدة

أكد المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة أن أسباب فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب عام 2024 لم تختلف كثيرًا عن أسباب فوزه عام 2016.

وفي حديث خاص إلى التلفزيون العربي، تركّز على قراءة نتائج الانتخابات الأميركية، وتداعيات فوز ترمب على قضية فلسطين والمنطقة والعالم، أوضح بشارة أنّ معسكر اليمين الأميركي استنفر قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وأشار إلى أنّ أطرافًا من التيار الليبرالي في الولايات المتحدة حاولت فرض قضايا ثانوية باعتبار قضايا مركزية. وإذ اعتبر أنّ عامل الهوية الإثنية لعب دورًا مهمًا في الانتخابات الأميركية، شدّد على أنّ السلوك السياسي للمواطنين في الولايات المتحدة يتأثر بعوامل متعلقة بالهوية.

وفي حين لفت إلى أنّ ترمب لا يخجل من قول ما يشعر به الآخرون ويخجلون من قوله، لاحظ أنّ الكثير من المحافظين يؤيدون ترمب لأنهم يرون فيه عودة للمبادئ الدستورية الأساسية للولايات المتحدة.

ورأى أنّ الصوت العربي في الانتخابات الأميركية لم يكن مؤثرًا في النتيجة، موضحًا أن الفارق بين ترمب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس لم تصنعه ميشيغان، ومعتبرًا أنّ العرب والمسلمين لم يصلوا إلى القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية بعيدة المدى.

من جهة ثانية، قال بشارة إن ترمب يمارس السياسة بعقلية الصفقات التجارية الباحثة عن الربح دون التزام بأي قيم أو مؤسسات، مذكّرًا بأنه في ولايته السابقة عمل على تغيير قواعد اللعبة السياسية بالنسبة للقضية الفلسطينية.

ولذلك، لم يستبعد أن يعتبر ترمب صفقة القرن نقطة بداية العمل في إدارته الجديدة، علمًا أنّ ضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية إلى إسرائيل مسألة وردت في ما عُرفت بصفقة القرن، أو صفقة ترمب ونتنياهو كما وصفها.

ورأى بشارة أن نهاية الحرب في غزة تقترب على كل حال لأنه لم يبق شيء في القطاع، وأنّ السبب الرئيسي لعدم وقف الحرب بعد هو أن البديل السياسي المطلوب إسرائيليًا غير جاهز، منبّهًا في الوقت نفسه إلى أنّ وقف الحرب في غزة دون إعادة إعمار شامل سيؤدي إلى التهجير.

وحذّر من أنّ ترمب سيعمل على الاستفراد بالدول العربية إذا لم تواجه سياساته بشكل جماعي، مشدّدًا على أنّ مصلحة الدول العربية هي في التكتل للضغط على إدارة ترمب لإيجاد حل عادل لقضية فلسطين.

أكد بشارة في حديثه إلى العربي أن فوز ترمب عام 2024 لم تختلفً كثيرًا عن أسباب فوزه عام 2016

الانتخابات الأميركية وفوز ترمب

من قراءة نتائج الانتخابات الأميركية وفوز ترمب، انطلق الدكتور عزمي بشارة في حديثه إلى التلفزيون العربي، حيث أعرب عن اعتقاده بأنّ غالبية العوامل التي أدت إلى انتصار ترمب في الانتخابات لا تختلف كثيرًا عن عام 2016 و2020.

واختلف بشارة مع بعض المحلّلين الذين تحدّثوا عن أنّ فوز ترمب جاء بسبب غلبة العامل الاقتصادي، بالنظر إلى سوء أداء إدارة الرئيس جو بايدن، مشيرًا إلى أنّ هذا التحليل غير صحيح لأن إدارة بايدن اقتصاديًا كانت أفضل بكثير من فترة ترمب، ومتحدّثًا عن تراجع في البطالة وارتفاع في النمو في السنوات الأخيرة.

ولفت إلى أنّ هناك من ركّز في تحليل خسارة الديمقراطيين على قضايا تقنية، مثل عدم انسحاب بايدن مبكرًا ليتيح انتخابات تمهيدية في الحزب الديمقراطي أو ليتيح على الأقل لمن عيّنت ولم تُنتخَب، أي المرشحة كامالا هاريس، وقتًا أطول لتطرح برنامجها الانتخابي ولتستقل عنه سياسيًا.

إلا أنّ بشارة رأى أنّ العوامل التي أسهمت فوز ترمب هي نفسها التي كانت في السابق، بدءًا من اعتماده الخطاب الشعبوي نفسه الذي يخاطب قضايا الهوية والجزء المحافظ في المجتمع الأميركي وهو الغالبية البيضاء التي تخشى من أن الوطن يُسحَب من تحت أقدامها بتغيير هويته، تارة عبر رئيس أسود، وتارة عبر امرأة، وأخيرًا امرأة سوداء.

أما العامل الثاني، وفقًا لبشارة، فيتمثل بصعود الخطاب الليبرالي المتطرف الذي لا يراعي مشاعر الأغلبية في قضية قيم العائلة الأميركية ونمط الحياة الأميركية.

ووفقًا لبشارة، فإنّ الفارق بين الأمس واليوم هو أن الاستقطاب زاد والاستنفار في معسكر اليمين ارتفع، وقال: "لم يحصل انتقال جدي من معسكر إلى آخر، بل أن معسكر اليمين استنفر أكثر، في حين أن المعسكر الليبرالي أو الديمقراطي حصل فيه نكوث نتيجة لملابسات انتخاب هاريس والتعب من فترة بايدن".

وفيما اعتبر أنّ من أسباب عدم التصويت، عدم وضوح الفرق السياسي بين فترة ترمب وفترة بايدن، لاحظ أنّه في معسكر الديمقراطيين لم يكن هناك حماس من نوع الحماس والاستنفار الذي وجد في المعسكر الآخر.

دور عامل الهوية الإثنية في فوز ترمب

إلى ذلك، لفت بشارة إلى أنّ الدعايات التي كان لها أكبر فعل على الجمهور الأميركي هي التي ركزت على قضايا يفترض أن تكون هامشية، ومنها على سبيل المثال قضية المثلية الجنسية والمتحولين جنسيًا التي استغلها ترمب كثيرًا في الدعاية الانتخابية، علمًا أنّ من تبنّوا هذه القضية نسوا أنه خارج مركز المدن الأساسية ثمّة اغتراب ثقافي للجماهير عن هذا الخطاب.

واعتبر بشارة أنّ تركيز الديمقراطيين على الصفات الشخصية لترمب لم يكن مربحًا، لأنّ الناس لا تصوّت له بسبب شخصيته، فصفاته السلبية معروفة، مشدّدًا على أهمية قضايا الهوية في هذا الإطار، وموضحًا أنّ الكثير ممّن لم يصوتوا لهاريس لم يصوّتوا لها لأنها امرأة ولأنها سمراء، ولو أنّ ذلك لا يعني أنّ أيّ مرشح أبيض كان سيفوز بالضرورة.

وقال: "من الواضح أن أغلبية المصوتين غير البيض وحتى الرجال صوتوا لهاريس، في حين أنّ غالبية البيض صوتوا لترمب، كما أنّ هاريس أخذت غالبية ساحقة بين السود"، مضيفًا: "في المجمل جماعات الهوية لعبت دورًا رئيسيًا، إذ يمكن رؤية الفارق في التصويت بين الرجال البيض والسود، كما أنّ هنالك فوارق في التصويت بين خريجي الجامعات وغيرهم".

ترمب يمارس السياسة بعقلية الصفقات التجارية الباحثة عن الربح دون التزام بأي قيم أو مؤسسات، ومن غير المستبعد أن يعتبر صفقة القرن نقطة بداية العمل في إدارته الجديدة

ورأى بشارة أن السلوك السياسي للمواطنين في الولايات المتحدة يتأثر بعوامل متعلقة بالهوية، مشدّدًا على أنّ المسألة ليست فقط عبارة عن اندماج على أساس المواطنة. وهنا أشار إلى أنّ ما يميّز ترمب هو أنّه يقول ما يخشى الآخرون أن يقولوه، وهذا أحد أهم أسباب قوته أنه يخاطب مخاوف الناس وغرائزهم، مستشهدًا بأحاديثه عن مسألة قيم العائلة الأميركية والخوف من هذه الظواهر الجديدة، ومسألة استقلالية الولايات في قضايا التربية والتعليم والضرائب.

وفيما لفت إلى أنّ النصف الثاني من القرن الـ20 شهد تغيرات على مستوى دولة الرفاه، أشار إلى أنّ الكثير من المحافظين يؤيدون ترمب لأنهم يريدون العودة إلى ما يعتبرونه المبادئ الدستورية الأساسية للولايات المتحدة، وفق تفسيرهم للدستور الأميركي.

ورأى بشارة أن هذا بالتحديد هو معنى الشعار الذي اعتمده ترمب، وهو "أن نجعل أميركا عظيمة من جديد"، أي استعادة أميركا كما عرفوها، وجدّد وصف ترمب بأنه انتهازي، ورجل أعمال متعطش للسلطة، لافتًا إلى أنّه محاط أيضًا بعدد كبير من الأنماط الجديدة من الانتهازيين والمعادين للنخب الثقافية تحديدًا والمعادين للمؤسسات الدولية، وبينهم أيضًا نمط من الطفيليين الذين نموا في مجالات التطوير العقاري.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ تيار ترمب سيستغل الفترة الرئاسية لإحداث تغييرات كبرى على مستوى التعليم والثقافة. وقال: "إذا لم يستغل ولايته لإحداث تحولات بنيوية حقيقية، مستندًا إلى الأغلبية في الكونغرس وفي المحكمة العليا، ستكون فترة صعبة وتمضي"، مضيفًا: "تقديري أن هذه فترة خطرة لأنّهم سيستغلونها لصنع تغيرات حقيقية والأهم أنه بما أن المؤسسات كلها انسدّت أمام القوى التي ستعارضه، فلن يكون أمام هذه القوى سوى الشارع، بعد تجاوز الصدمة".

اعتبر بشارة أن ترمب لا يخجل من قول ما يشعر به الآخرون ويخجلون من قوله

تأثير الصوت العربي في الانتخابات الأميركية

بالحديث عن القضايا الرئيسية بالنسبة إلى الناخبين في الولايات المتحدة، لفت بشارة إلى أنّ 34% من المصوّتين يعتبرون الاقتصاد قضيتهم الرئيسية، في حين يختصرها 37% بحماية الديمقراطية. وأشار إلى أنّ 11% فقط اعتبروا أنّ الهجرة هي القضية الرئيسية.

أما السياسة الخارجية، فلم يعتبرها سوى 4% من المصوّتين قضيتهم الرئيسية بحسب ما أشار بشارة، لافتًا إلى أنّ المفارقة أنّ غالبية هؤلاء صوّتوا لترمب، ليخلص إلى أنّ قضية السياسة الخارجية لم تكن قضية رئيسية.

وقال: "قد تكون سياسة بايدن الخارجية قد أدت فعلًا إلى إحباط لدى فئات من الحزب الديمقراطي احتجّت بالجلوس في البيت وعدم التصويت على إثر ما رأوه من سياساته الحربجية"، إلا أنّه جزم بأنّ الصوت العربي في الانتخابات لم يكن مؤثّرًا.

وأوضح أنّ الفارق بين ترمب وهاريس لم تصنعه ميشيغان، بدليل أنّه لو صوتت ميشيغان كلها لهاريس لما فازت، وبالتالي لا يمكن تحميل العرب مسؤولية نجاح ترمب، لكنّه شدّد على أهمية طبيعة النقاش الذي جرى والذي لم يكن ناضجًا برأيه.

وفي هذا السياق، أوضح بشارة أنّ العرب والمسلمين في الولايات المتحدة لم يصلوا إلى القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية بعيدة المدى، بمعنى أنّهم لم يتنظموا بعد على أساس قضاياهم. ورأى أنّهم يجب أن يتفقوا على الأقلّ على قضاياهم في الولايات المتحدة، ملاحظًا أنّ غالبية الأقليات مثلاً اختارت الحزب الديمقراطي لأنه المكان الذي يستطيعون التأثير فيه.

وعلى المنوال نفسه، رأى بشارة أنّ الغالبية الساحقة التي تريد أن تؤثر على أساس الهوية كعرب يجب أن تفكر بالحزب الديمقراطي ليس على أساس التعاطف مع هذا المرشح أو ذاك إنما كمكان للتأثير، أو العمل في المجتمع المدني خارج الأحزاب، خصوصًا في ضوء وجود موقف عنصري حقيقي داخل الحزب الجمهوري من المسلمين والعرب.

ومع تأكيده أنّ سياسة الحزب الديمقراطي لا تزال سيئة جدًا في قضية فلسطين، وأثناء حرب غزة كانت بالغة السوء، اعتبر بشارة أنّ "هذه خيارات استراتيجية يجب أن تتخذها كل جماعة تريد أن تتنظم في الولايات المتحدة"، مضيفًا: "في هذه الانتخابات لم يكونوا مؤثرين لا لصالح ترمب ولا لصالح هاريس".

تداعيات عودة ترمب على الشرق الأوسط

وخصّص بشارة حيّزًا خاصًا من حديثه إلى التلفزيون العربي، لموضوع التداعيات المحتملة لفوز ترمب على الشرق الأوسط والعالم، حيث انطلق من التأكيد بأنّ الرئيس الأميركي يمتلك مطلق الصلاحيات في تحديد السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وقال: "هو يتأثر باللوبيات والمؤسسات وغير ذلك لكن ضمن هذا الفضاء هو صاحب القرار في السياسة الخارجية". وأعرب عن اعتقاده بأنّه في حالة ترمب هامش المناورة أوسع لأن هنالك انطباعًا ومزاجًا أن هذا الرجل اجتاز كل العوائق ووصل إلى البيت الأبيض".

ولفت إلى وجود انطباع أنّ ترمب كما يقول عن نفسه، لديه تفويض قوي لتطبيق سياساته، وذلك رغم أنّه ليس لديه شعبية رؤساء سابقين مثل أوباما أو كلينتون أو روزفلت. وقال: "ليست لديه شعبية متجاوزة لحدود المعسكرات لكن لديه أجندة أعلنها بوضوح ويلخصها بأن أميركا أولاً، وهي سياسة تعتمد على عقلية الصفقات التجارية والربح والخسارة.

ورأى أنّ ترمب محاط بمستشارين متحمّسين لهذه السياسة، خلافًا للمرة السابقة حين كان حوله مستشارون ومسؤولون تقليديون يتابعون سياسات أميركا التقليدية مثل ريكس تيلرسون وزير الخارجية وجيمس ماتيس وزير الدفاع وإن تغيّروا مع الوقت.

ولاحظ بشارة أنّ ترمب، على الرغم من ذلك، نفذ في حينه أجندات لم يكن أحد يعتقد أنها ستنفذ مثل الاعتراف بضم الجولان وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن ووقف تمويل وكالة الغوث والضغط على الدول العربية لتطبع العلاقات بسرعة وبدون مقابل.

وقال: "هذا النوع من السياسات اتخذه في فترة لم يكن فيها بنفس القوة كما هو اليوم، وبالتالي أتوقع منه أن ينفذ أجنداته بدرجة أكبر من السابق"، مستغربًا القول إنّ هذه الفترة ستكون مختلفة وسيكون أعقل وأكثر اعتدالاً.

وشدّد على أنّه سيكون هو المقرّر، وسينفذ ما قال إنه سينفذ، وإن كان من المحتمل أن يستخدم بعض الأمور التي تحدّث عنها كتهديدات أو أوراق للمقايضة، مضيفًا: "يجب أن ننطلق من أن لديه برنامجًا ويريد تنفيذه".

أكد الدكتور بشارة أن الصوت العربي في الانتخابات الأميركية لم يكن مؤثرا في النتيجة

تداعيات فوز ترمب على القضية الفلسطينية

وعلّق بشارة على تعيين ترمب شخصيات مؤيدة بشكل مطلق لإسرائيل ضمن إدارته، مشدّدًا على أنه "نتحضر للأسوأ في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية"، مذكّرًا بأنه كان يقصد ذلك حين تحدث عن "سيئ وأسوأ" في الانتخابات الأميركية.

ولفت إلى أنّ فترة ترمب الأولى كانت في منتهى السوء لأنها غيرت قواعد اللعبة، ليس فقط بالدرجة بل بالنوع وبالكيف، متحدّثًا عن تغيير نوعي حصل لجهة تهميش القضية الفلسطينية، وتكريس منطق أن العرب يجب أن يصنعوا السلام بغض النظر عن قضية فلسطين.

وقال: "ما حدث في ولاية ترمب هو تغير في جوهر الموقف من قضية فلسطين، والمشكلة أن بايدن لم يراجعه، فهو لم يفتح مكتب منظمة التحرير من جديد، ولم يسحب السفارة من القدس، ولم يراجع موقف ضم الجولان، بل واصل هذا الطريق"، معربًا عن اعتقاده بأن ترمب قد يقوم الآن بما هو أكثر من ذلك أيضًا.

ولاحظ بشارة أنّ تعيين سفير من الإنجيليين المتطرفين في تل أبيب، في إشارة إلى مايك هاكابي، الذي أعلن ترمب أنه سيرشحه سفيرًا للولايات المتحدة في إسرائيل، تمّ الإعلان عنه بالتوازي مع الإعلان عن وزير الخارجية والنائب العام، وكأن السفير في إسرائيل بمنصب وزير خارجية.

ورأى أنّ الاهتمام بإسرائيل لهذه الدرجة مؤثر وهو رسالة لحلفائه الذين دعموه في الانتخابات أنه يكافئهم ويعطيهم كما وعدهم، ولا سيما أنّ هذا السفير إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين، "فهو ليس فقط لا يعترف بوجود فلسطين بل لا يعترف بكلمة ضفة غربية ولا بكلمة مستوطنات".

وشدّد على أنّ تعيين سفير من هذا النوع مؤشر إلى أين يتجه ترمب في العلاقة مع إسرائيل، علمًا أنّ هنالك متطرفين في إسرائيل من أمثال سموتريتش وبن غفير يتحدثون عن استيطان في غزة أيضًا، ولو أنّ غالبية المجتمع الإسرائيلي لا يفكر هكذا.

هل ينطلق ترمب من صفقة القرن مجدّدًا؟

وحذّر من أنّ ضم الكتل الاستيطانية إلى إسرائيل ليس هامشيًا، منبّهًا إلى أنّه أمر قد ينفّذ، مضيفًا: "إذا أقدمت إسرائيل بعد حربها على غزة على خطوات من هذا النوع أحادية الجانب قد يعترف بها ترمب، وبالتالي هذا خطر ماثل ووارد ويجب التحضر له"، مشدّدًا على أنّ من يريد أن يعمل لمقاومة هذا الخيار يجب أن يبدأ الآن".

وإذ ذكّر بأنّ ضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية إلى إسرائيل مسألة وردت في صفقة القرن، لم يستبعد أن يعتبر ترمب صفقة القرن نقطة بداية العمل في إدارته الجديدة، قائلاً: "هذه صفقته واعتبرها أمرًا عظيمًا حين كتبت وأعلنت، حتى لو أنّ السلطة الفلسطينية لم توافق عليها".

الإسرائيليون مستمرون في الحرب على غزة، لأنّ البديل السياسي المطلوب إسرائيليًا غير جاهز، ولم يوجد حتى الآن شريك للتصور الإسرائيلي الذي يريد أن يفكك القضية الفلسطينية تمامًا

وفي حين لفت إلى أنّ البعض اعتقد أن عملية 7 أكتوبر في جزء منها كانت ردًا على هذه الصفقة، ألمح إلى أنّ ترمب يمكن أن يعود الآن ويُخرِجها إلى العلن، مشدّدًا على أنّ العقلية الكامنة في هذه الصفقة ليست فقط عقلية ترمب بل جميع الأذرع التي ستستخدمها إدارته في المنطقة.

وأكد بشارة أنّ مثل هذه الأمور، فضلاً عن حرب الإبادة في غزة، والاعتداءات المتكررة في الضفة، يفترض أن تتناقض مع خطط التطبيع التي يريد ترمب إنعاشها، إلا أنه اعتبر أنّ أسئلة عدّة يجب أن تُطرَح على المعنيين، من قبيل: "هل سيستمر التطبيع بعد 7 أكتوبر وكل ما شهدناه من مجازر وعدوان على الشعب الفلسطيني وعلى لبنان، وهل يمكن تجاهل كل هذه الدماء ومصافحة الإسرائيليين على هذه الخرائب، وهل هذه الدولة المارقة ستكون طرفًا في اتفاقيات سلام إضافية في المنطقة على هذا الركام والخرائب من دون تحقيق مصالح الشعب الفلسطينيين؟".

اعتبر الدكتور عزمي بشارة أن وقف الحرب في غزة دون إعادة إعمار شامل سيؤدي إلى التهجير

هل تقترب نهاية الحرب في غزة؟

وردًا على سؤال عمّا إذا كانت الانتخابات الأميركية ستقرّب من نهاية الحرب على غزة، قال بشارة إنّ نهاية الحرب في غزة تقترب على كل حال، لأنه لم يبق شيء في غزة أصلاً.

وأوضح أنّ الإسرائيليين يستمرّون في الحرب، ليس لأنّ لديهم أهدافًا إضافية يريدون تحقيقها، ولكن لأنّ البديل السياسي المطلوب إسرائيليًا غير جاهز، ولم يوجد حتى الآن شريك للتصور الإسرائيلي الذي يريد أن يفكك القضية الفلسطينية تمامًا.

ولفت إلى أنّ الأمر نفسه يسري على لبنان أيضًا، حيث يستمرّون في الحرب لأنّ شروطهم لم تُقبَل بعد، علمًا أنّهم يعتبرون أنّه من ناحية الإنجازات العسكرية وجهوا ضربة مؤلمة لحزب الله وحجّموه، ولو أنّ المقاومة لا تزال مستمرة وبطولية.

وإذ نوّه إلى أنّ جيوب المقاومة في غزة كذلك مستمرة بشكل أسطوري بعد عام وشهر من القصف الوحشي، نبّه إلى أنّ وقف الحرب في غزة من دون إعادة إعمار شامل سيؤدي إلى التهجير، قائلاً: "وقف الحرب في غزة من دون إعادة إعمار سريعة وكاملة وشاملة تعطي للناس عملاً وسقفًا يعيشون تحته سيعني تهجيرًا حقيقيًا".

دور العرب.. والشرق الأوسط الجديد

واعتبر أنّ النضال من اجل وقف الحرب يجب ألا يكون مربوطًا بأي شيء، متحدّثًا عن مطالب ملحة من الضروري أن نلتف حولها وأن نجد حاضنة عربية لهذا الكلام، على الأقل بعد هذه الحرب وبعد هذه المآسي.

وشدّد على أنه يجب أن يكون هناك مجموعة ضاغطة حقيقية عربية تستطيع أن تضع مصالحها على الطاولة وأن تشمل هذه المصالح قضية فلسطين، خصوصًا في ضوء التوجه الإيراني الجديد نتيجة لانتخابات الإصلاحيين، ونتيجة الضربات التي تلقوها.

وإذ حذر من أنّ ترمب سيعمل على الاستفراد بالدول العربية إذا لم تواجه سياساته بشكل جماعي، قال إنّ مصلحة الدول العربية هي في التكتل للضغط على إدارة ترمب لإيجاد حل عادل لقضية فلسطين.

وأضاف: "إذا طبق ترمب تصوراته بشأن غزة والضفة، فإنّ مصر والأردن سيكونان من أهم المتضررين، في ظل خشية موجودة فعلاً على نتائج ذلك لناحية عدم الاستقرار فيهما". وحذر من أنّ الوقت ينفد، وأنّ فلسطين لا أب لها في هذه المرحلة.

وردًا على سؤال أخيرًا حول ما إذا كانت الأرضية مهيأة لمصطلح رسمي الشرق الأوسط الجديد، اعتبر بشارة أنّ الشرق الأوسط الجديد يُرسَم منذ كامب ديفيد وأوسلو، مضيفًا: "عملية رسم الشرق الأوسط الجديد قائمة ومستمرة وكذلك مقاومتها جارية لكن ليس بالقدر الكافي".


تجدون في الفيديو المرفق المقابلة الكاملة مع المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة، التي ناقشت نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية وانعكاسات فوز دونالد ترمب على القضية الفلسطينية وعلى مستقبل الحرب على غزة ولبنان.

المصادر:
التلفزيون العربي
شارك القصة