يحاول قادة العالم من خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في إسكتلندا معالجة أزمة تغيّر المناخ عبر مقاربة سياسية اقتصادية قد تفضي لوضع سياسات أكثر صرامة للتصدي لتغير المناخ ولتوفير التمويل المطلوب. وفي المقابل، يقارب الباحثون الأزمة المناخية بطريقة علمية ومنهجية ترصد الأسباب والنتائج.
ما الذي يدفع تغيّر المناخ؟
وبحسب مقال في موقع "نيو ساينتست"، ينصب التركيز الأساسي للمفاوضات على ثاني أكسيد الكربون، وهو الغاز الدفيء الذي ينتج عن حرق الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز الطبيعي) وكذلك عن حرائق الغابات.
بدأت الثورة الصناعية في أواخر القرن التاسع عشر بزيادة هائلة في حرق الوقود الأحفوري. وفي القرن نفسه، أثبت العلماء قدرة ثاني أكسيد الكربون على زيادة درجات الحرارة العالمية، والتي كانت تعتبر في ذلك الوقت فائدة محتملة للكوكب.
وبدأت القياسات المنهجية في منتصف القرن العشرين وأظهرت زيادة مطردة في ثاني أكسيد الكربون تعود معظمها إلى احتراق الوقود الأحفوري.
تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي
وعندما تفوق كميات ثاني أوكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية ما تستطيع الطبيعة إزالته، يرتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ففي عام 2020، وعلى الرغم من انخفاض الانبعاثات أثناء الوباء، بقي التركيز مرتفعًا.
بمجرد دخوله إلى الغلاف الجوي، يميل ثاني أكسيد الكربون إلى البقاء هناك لفترة طويلة جدًا. تمتص النباتات جزءًا من ثاني أكسيد الكربون المنطلق من خلال الأنشطة البشرية، ويتم امتصاص الجزء الآخر مباشرة في المحيط، ولكن ما يقرب من نصف ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة البشرية يبقى اليوم في الغلاف الجوي ومن المحتمل أن يبقى هناك لمئات السنين ويترك تأثيرًا على العالم.
ماذا لو توقف حرق الوقود الآن؟
إذا توقف الناس تمامًا عن حرق الوقود الأحفوري عام 2021، تقدّر الدراسات أن تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي سينخفض ببطء، ويستغرق أكثر من قرن للعودة إلى مستويات الثمانينيات. ولكن سيتطلب الأمر مدة 20 عامًا لوقف جميع الانبعاثات، ما يعني وقتًا أطول.
وتشير الأدلة العلمية إلى أن زيادة انبعاثات غازات الدفيئة خلال القرن ونصف القرن الماضي كانت محركًا لتغير المناخ على المدى الطويل في جميع أنحاء العالم، حيث سجّلت جميع القارات ولو بشكل متفاوت ارتفاعًا واضحًا في درجات الحرارة. وتشير الدراسات إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر بالفعل على هطول الأمطار والأنهار الجليدية وأنماط الطقس ونشاط الأعاصير المدارية والعواصف الشديدة. ويظهر عدد من الدراسات أن الزيادات في تواتر وشدة ومدة موجات الحرارة، على سبيل المثال، تؤثر على النظم البيئية وحياة الإنسان والتجارة والزراعة.
ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة مياه المحيطات. وأظهرت السجلات التاريخية لمستوى مياه المحيطات في الغالب زيادات مطردة على مدار الـ150 عامًا الماضية حيث يذوب الجليد.
أسباب تدعو للأمل
في ملاحظة تبعث على الأمل، يعمل البحث العلمي على تحسين فهمنا للمناخ ونظام الأرض المعقد، وتحديد المناطق الأكثر ضعفًا وتوجيه الجهود للحد من محركات تغير المناخ. إن العمل على الطاقة المتجددة ومصادر الطاقة البديلة، وتقليل استخدام الكربون، تنتج المزيد من الخيارات للمجتمع للحد من تغيير المناخ.
في الوقت نفسه، يظهر المزيد من الناس استعدادًا لاعتماد استراتيجيات جديدة لاستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة، والاستهلاك بشكل أكثر استدامة واختيار الطاقة المتجددة. ويتعلم الناس كيف يمكنهم الحد من تأثيرهم، فاستخدام السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ينمو بمعدلات لم يكن من الممكن تصورها من قبل.