الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

موسكو تقرب بين أردوغان والأسد.. ما دوافع الخطوة ودلالات توقيتها؟

موسكو تقرب بين أردوغان والأسد.. ما دوافع الخطوة ودلالات توقيتها؟

شارك القصة

"للخبر بقية" يناقش تفاصيل الحراك الروسي الذي يعمل على تقريب حدوث لقاء مباشر بين الرئيس التركي ورئيس النظام السوري (الصورة: غيتي/ أرشيف)
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخاطبًا نظام دمشق أنه لا يمكن أن تكون هناك ضغينة في السياسة.

على وقع العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري، تقرب روسيا من حظوظ لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد وجهًا لوجه.

يأتي هذا الحراك بعد قطيعة بين الرجلين استمرت لأكثر من 10 أعوام، وسط ما يبدو أنها "مقاومة" من جانب النظام السوري لتجنب المصافحة، وبين الذين يعتبرون الرغبة التركية سعيًا لتحقيق "نصر انتخابي". بينما يقول الأتراك إنهم يريدون وضع الأمور في مسارها الصحيح مع دمشق.

محادثات محتملة

في نقاش نقله التلفزيون التركي، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان مخاطبًا دمشق أنه لا يمكن أن تكون هناك ضغينة في السياسة.

من جهتها، ترد دمشق على الخطاب بساعات قليلة كما تنقل "رويترز" عن مصادر وصفتها بالمطلعة معلقة على إجراء محادثات محتملة، أن رئيس النظام السوري بشار الأسد رفض اقتراحًا بمقابلة أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتقدًا أن أنقرة تسعى من خلاله إلى تعزيز موقف الرئيس التركي في الانتخابات التركية الحاسمة العام المقبل.

وإضافة إلى ذلك، فإن الأتراك كما يقول النظام السوري يستعدون لإعادة لاجئين سوريين من تركيا، لذا لا يسعى هؤلاء لمنح أردوغان نصرًا مجانيًا، قبل إتمام ما يطالبون به وفق البيانات الرسمية، وهو الانسحاب التركي الكامل من الأراضي السورية.

أمن الحدود التركية

في المقابل، وفي الوقت الذي يتكلم فيه الأتراك عن محادثات مع النظام السوري، يستعد الجيش التركي لتوغل بري، بالتوازي مع استمرار القصف المكثف على الشمال السوري.

ورغم هذا، ترى أنقرة أن سياستها تركّز على إجراء محادثات أولية ترتبط بأمن الحدود، أي إبعاد مقاتلي ما تعرف بوحدات حماية الشعب الكردية عن المنطقة.

حتى إن أردوغان قالها صراحة، وعبر عن انزعاجه من بقاء آبار النفط مثلًا تحت حماية قوات التحالف وسيطرة الأكراد، مقتصرًا الإشكالية مع النظام السوري بالسكوت والتغافل عن تصرفات التنظيمات الكردية، قائلًا إنها تتحرش بتركيا من وقت لآخر ومتوعدًا من الاستفادة من اتفاقيات سابقة للقيام بما يلزم، وذلك ضمن ممر أنقرة الأمني الممتد إلى عمق 30 كليو مترًا.

ووفقًا لمراقبين، فإن اللقاء ممكن التحقيق في الأيام القادمة، نظرًا لممارسة الضغوط الروسية ببطء على الجانب السوري تحديدًا، ولا مشكلة بالنسبة للأتراك إذ لا يخفى على أحد أن أردوغان لا يسعى لإغضاب بوتين، فضلًا عن استثمار نتائج اللقاء في الداخل التركي والعلاقات الإقليمية.

وفي المقابل، تريد موسكو إيجاد حل سريع وفوري بين النظام السوري والأتراك بصفتها ضامنًا إقليميًا نظرًا لانشغالها على جبهات عدة لا سيما في أوكرانيا.

الجيش التركي يستعد لتوغل بري بالتوازي مع استمرار عمليات القصف على الشمال السوري - غيتي
الجيش التركي يستعد لتوغل بري بالتوازي مع استمرار عمليات القصف على الشمال السوري - غيتي

"المخاوف التركية بين الأمن والانتخابات"

وفي هذا الإطار، يستبعد الباحث في معهد "سيتا" مراد أصلان أن يضع الرئيس التركي عرضه الأخير ضمن سياق المخاوف الانتخابية، لأن الانتخابات سوف تجري على أية حال، وأن هناك توافقًا تركيًا، وأن ما يهم أنقرة هو حماية حدودها خاصة مع وجود حزب العمال الكردستاني والأكراد، وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية المطولة التي تدخل عامها الـ12، وعودة المهاجرين والنازحين السوريين إلى أراضيهم.

ويضيف في حديث لـ"العربي" من أنقرة، أنه يجب أن يكون هناك شروط مؤاتية في سوريا لعودة النازحين، الأمر الذي قد يأتي بالمنفعة لتركيا ولروسيا والنظام السوري.

ويتابع أصلان أن حزب العمال الكردستاني يريد أن يحصل على أراض في سوريا التي ترفض هذا الأمر، مشيرًا إلى أن تركيا تشجع النظام السوري في هذا المجال، لذا فإن أنقرة والنظام السوري يتفقان على هذا لأمر.

وحول مطالب النظام السوري بالانسحاب الكامل للقوات التركية، قال أصلان: إن هذا الأمر "يعتمد على الشروط التي يتفق عليها جميع الأطراف"، لافتًا إلى أن أنقرة بتنسيق كامل مع ممثلي الشعب السوري في تركيا، وأن هناك بعض المطالب التي تطمح إليها، كإجراء انتخابات حرة وديمقراطية في سوريا، وعندما تصبح سوريا دولة ديمقراطية بشكل كامل فقد تخرج القوات التركية.

ويضيف أن أنقرة تطلب مساحة آمنة بـ 30 كلم، لأن هذه المسافة المتطلبة لإطلاق الصواريخ، وإذا تم تسهيل الاتفاق من قبل النظام السوري وإذا كانت شروط الدفاع التركية مؤمنة، فقد تنحسب القوات التركية.

"العلاقات الروسية التركية"

من جهته، يقول الكاتب الصحافي رولاند بيجاموف إن سوريا ليست ضد الوساطة الروسية، وهي ليست ضد عقد لقاء مع أردوغان، لكن سيكون ذلك في الفترة بعد الانتخابات، مذكرًا بتصريحات أردوغان الذي أكد فيها أنه سيلتقي الأسد حين يحين الوقت.

وفي حديث لـ"العربي" من موسكو، يضيف بيجاموف أنه في المرحلة الحالية، قد يكون هناك حديث عن لقاءات بين الأجهزة الاستخباراتية، ثم بين وزيري الدفاع والخارجية من كلا الطرفين.

ويقر بيجاموف بأن روسيا تدعم أردوغان سياسيًا، لأن الجميع يدرك في موسكو أنه في حال هزيمة الرئيس التركي في الانتخابات المقبلة، فلن تكون العلاقات بين روسيا وتركيا كما هي الآن.

ويرى أن أميركا تلعب دورًا حاسمًا فيما يتعلق بالعلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مشيرًا إلى وجود قاسم مشترك بين النظام السوري ومع ما وصفها بالمعارضة السورية المعتدلة لأن مشروع الأخيرة هو وطني، كما أن النظام يفكر في حماية وحدة أراضي البلاد، في حين أن مشروع "قسد" هو خارج عن إطار الجغرافيا السورية.

"تعارض بين الموقفين الروسي والسوري"

من ناحيته، يلفت مدير وحدة تحليل السياسيات بالمركز العربي مروان أصلان إلى أن هناك تعارضًا في الرؤى بين الموقفين الروسي والسوري، موضحًا أن موقف موسكو يرى بأن بقاء أردوغان في السلطة هو مهم بالنسبة للمصالح الروسية، كما أن موسكو تعتقد أن علاقات الرئيس التركي المعقدة مع الولايات المتحدة يفيدها، بينما إذا جاءت المعارضة إلى السلطة فإنها ستكون أقرب إلى واشنطن.

وحول الموقف النظام السوري، يبين أصلان أنه مخالف تمامًا للموقف الروسي، لأن النظام السوري لا يريد أن يقدم تنازلات أو أي مساعدة لأردوغان للفوز بالانتخابات، وهو يراهن على عودة المعارضة إلى السلطة، لأنه يعتقد بأن التفاهم معها سيكون أسهل بالنسبة إليه، لذلك هو يقاوم الضغوط الروسية لعقد لقاء سياسي على الأقل.

ويواصل في حديث لـ"العربي" من الدوحة، أن النظام السوري يعتقد نفسه أنه في موقف قوي نسبي يسمح له بأن يفرض شروطًا معنية على تركيا، بما أن الرئيس أردوغان هو الذي يسعى وبشدة لتحقيق تقارب مع النظام السوري، لأنه ليس بالقوة التي كان عليها قبل بضع سنوات، ويريد أن يحقق إنجازًا سواء فيما يتعلق بملف اللاجئين، أو حيال موضوع الأكراد.

ويردف أصلان إلى المصالح الانتخابية تختلط بالمصالح الخارجية والأمنية لأنقرة، لأن الرئيس التركي يشعر بأن هناك فرصة الآن بسبب الحرب في أوكرانيا للحصول على تنازلات معنية من قبل الروس أو الأميركان.

ويوضح أن العامل الأميركي كان حاسمًا من جهة وضع قيود أمام تركيا على إجراء العملية العسكرية، وكان أيضًا مهمًا من جهة دفع أنقرة على تأجيل العملية أو إعادة النظر فيها، مشيرًا إلى أن المعادلة معقدة لدرجة كبيرة لأن روسيا والنظام السوري يستفيدان من زيادة الضغط التركي على الأكراد، لأن ذلك يدفع الأكراد باتجاه موسكو ودمشق.

ويلفت إلى أنه كلما تعقدت العلاقات التركية الأميركية، كلما استفادت موسكو ودمشق من هذا التعقد، مشيرًا إلى روسيا والنظام السوري لا يريدان أن يصل الأتراك والأميركان إلى تفاهم.

ويبين أصلان أن واشنطن ليس لديها مشكلة كبيرة في حال قامت تركيا بعملية عسكرية في تل رفعت، لأنها ليس منطقة نفوذ أميركي، لكن لواشنطن مشكلة في حال قامت أنقرة بعملية عسكرية في عين العرب ومنبج.

ويرى أن المعادلة الحالية هي بين الثلاثي الروسي الأميركي والتركي في شمال سوريا، ومشيرًا إلى أن النظام السوري يميل إلى إدخال العامل الإيراني عندما يناسبه ذلك.

ويعرب أصلان عن اعتقاده أن هناك مصلحة مركزية وجوهرية للنظام السوري في أن يتوصل إلى تفاهم مع تركيا، لأن أنقرة هي آخر دولة داعمة للمعارضة السورية على الأرض، موضحًا أن التفاهم يجرد المعارضة من آخر حلفائها.

وخلص إلى أن النظام السوري يعتقد بأنه إذا انتظر قليلًا حتى الانتخابات، فإن ذلك قد يؤدي إلى تغيير ما في تركيا، ويجعل من التفاهم أسهل مع المعارضة من التفاهم مع أردوغان.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close