شهدت مدينة ماريوبول الإستراتيجية فصولًا أليمة من الهجوم الروسي على أوكرانيا، بدت معالمها على الأبنية التي طالها القصف العنيف، في حين أُفيد بارتكاب "فظائع بحق مدنيين" وفق تعبير مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين أوكرانيين، قولهم: إنّ ما يصل إلى 20 ألف مدني ربما قُتلوا في ماريوبول منذ بداية الهجوم، لافتة إلى أن المدينة التي كانت ذات يوم مركزًا مزدهرًا على شاطئ البحر عُد سكانها نحو 450 ألفًا قبل اندلاع الحرب.
"تقفي أثر أحبة"
للوقوف على مصير أولئك الذين فُقدوا من ماريوبول منذ بدء الهجوم، أنشأ مبرمج الكمبيوتر ديمتري تشيريبانوف موقع Mariupol Life، لتقفي أثر الأحبة؛ أهل وأزواج وأصدقاء وجيران.
تشيريبانوف، البالغ من العمر 45 عامًا، هو من مواليد ماريوبول، وكان قد أُجبر على الفرار منها في مارس/ آذار الماضي، بعد أيام من القصف تسبّبت بقطع الكهرباء والمياه عن المكان.
يُتيح الموقع نشر إشعارات يسأل المستخدمون من خلالها عن مفقودين؛ ينشرون صورهم ويقدمون معلومات وأوصافًا بشأنهم.
في إحدى تلك الصور، يظهر مارشوك ألكسندر يوسيبوفيتش (62 عامًا)، وهو يرتدي نوعًا من الزي العسكري. وأرفق المستخدم المنشور بعبارة: "أبحث عن والدي. بحاجة إلى مساعدات إنسانية. الغذاء والماء".
#كييف تنفي المزاعم الروسية بشأن #ماريوبول، وتؤكد أن آلاف الجنود الأوكرانيين مازالوا يقاتلون رغم الحصار#أوكرانيا #روسيا تقرير: حكيمة هرميش pic.twitter.com/wqMH9UxRxW
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 22, 2022
في صورة أخرى بدت امرأة في السبعين ترتدي نظارة طبية وتجلس على مقعد. وفيما أوضح المنشور أنها مفقودة منذ 21 مارس الماضي، أشار إلى أنها كانت ترتدي سترة خفيفة وقبعة بيضاء يوم اختفائها. ونبه إلى ضعف قدرتها على الحركة على أثر جلطة دماغية.
ومن الذين ظهروا على الموقع أيضًا امرأة تبتسم من أمام حقل أزهار توليب، وقيل إنها شوهدت للمرة الأخيرة في قبو منزلها، ومراهقة ترتدي فستانًا وتحمل باقة من الورد، وزوجان مسنان كان قد احترق منزلهما جراء النزاع.
وقال تشيريبانوف عبر "تليغرام" إنه أراد استخدام مهاراته لمساعدة الأشخاص في العثور على معلومات حول أحبائهم. وهو بنفسه قد تقفى عبر الموقع أثر صديق خرج من منزله لجلب الماء ولم يعد، فتلقى معلومات بأنه قُتل.
وتشير "واشنطن بوست" إلى أن قاعدة بيانات الموقع المتنامية سهلة الاستخدام، وتتضمن الأسماء والعناوين وتواريخ الميلاد، وأحيانًا آخر الأماكن المعروفة للأشخاص المفقودين.
وبإمكان المستخدمين متابعة ملف الشخص المفقود للحصول على تحديثات، أو مراسلة صاحب المنشور مباشرة أو ترك تعليقات.
حتى الساعة، يضم الموقع أكثر من 1000 اسم مدرج لمفقودين، ويحوي نحو 1000 منشور إضافي لأولئك الذين تم إجلاؤهم.
بحسب الصحيفة الأميركية، فإن تلك البيانات قدمت أيضًا نافذة على الحجم الهائل للمأساة الإنسانية في ماريوبول، حيث قُتل أو اختفى عدد لا يحصى من الناس.
يُذكر أن عمليات إنقاذ مدنيين تحصنوا في مصنع آزوفستال في ماريوبول قد تعثّرت صباح اليوم السبت، بسبب القصف الروسي ورفض فتح ممرات آمنة للإجلاء.
وكانت القوات الروسية قد اقتحمت المدينة بعد أكثر من شهر من الحصار، ثم أعلنت السيطرة عليها.
وفيما يرفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاعتراف بسقوطها، يصرّ على مقاومة الهجوم الروسي، متحدثًا عن آلاف من جنوده يقاتلون الجنود الروس بضراوة.
