نادي سخنين داخل الخط الأخضر.. كرة القدم في مواجهة الاحتلال
تعكس حكاية فريق اتحاد أبناء سخنين لكرة القدم مواجهة لعنصرية إسرائيلية؛ فمن القرى والأحياء المهمشة بفعل النكبة وما تلاها من سياسات وغياب تام للإمكانيات، وصل الفريق إلى صدارة الدوري الإسرائيلي في رحلة لا تخلو من مشقة ومواجهة لا تقتصر على الملاعب.
وسخنين البلدة التي ارتبط اسمها بالدفاع عن أرضها المصادرة عام 1976، يُعد فريقها لكرة القدم "أبناء سخنين" الفريق العربي الأول والوحيد الذي يلعب في الدرجة الممتازة في الدوري الإسرائيلي لكرة القدم.
"يحمل نزعة وطنية قومية ثقافية"
يلفت الناطق باسم نادي اتحاد أبناء سخنين منذر خلايلة، إلى أن عالم الرياضة في سخنين كان عبارة عن فريقَي كرة قدم، وفي العام 1993 طُرحت فكرة تأسيس فريق واحد فوُلد نادي اتحاد أبناء سخنين بضم الفريقين. ومن هنا بدأت سلسلة النجاحات.
ويشير إلى أن النادي كان يصعد درجة كل 3 سنوات، ثم جاء الإنجاز التاريخي في العام 2003 عند صعوده إلى درجة دوري الأضواء.
ويلفت إلى أن "التحدي الأبرز الذي واجهناه في السنوات الأولى هو البقاء، فغياب النادي عن المسرح الاجتماعي وكرة القدم الإسرائيلية سيسدل الستار على أمر كبير في المجتمع العربي".
إلى ذلك، يرى خلايلة أن اتحاد أبناء سخنين نقل الوسط العربي إلى الإعلام العبري، حيث عُرف من خلاله أن هناك شوارع ما زالت ترابية.
ويشدد على أن اتحاد أبناء سخنين ليس فريق كرة قدم فحسب، فهو يحمل نزعة وطنية قومية ثقافية، ومؤسسة تحمل بداخلها عواطف جياشة للشيخ والشاب والطفل".
ويوضح أن النادي تناقلته إدارات مختلفة ومتطوعة على مدار 30 عامًا، فما من إداري يتقاضى أموالًا بل يدفع من جيبه الخاص ووقته الثمين، على ما يقول.
ويردف بأن "النادي كان دائمًا في أيد أمينة عرفت كيف تطوره أكثر، وتحببه أكثر في قلوب الناس والمجتمع".
"فلسطيني ابن عرب الـ48"
من جهته، يقول كابتن نادي اتحاد أبناء سخنين بيرم كيال، وهو من قرية جديدة المكر، في معرض التعريف عن نفسه: "أنا الولد الذي حلم بالوصول إلى العالمية وتمكن من أماكن صغيرة جدًا من الوصول إلى الدوري الممتاز وفريق مثل سلتيك وبرايتون، واليوم أحقق حلم قيادة منتخب أبناء سخنين فريق العرب في الداخل".
ويردف: "فخور بمسيرتي وأحاول مساعدة الشباب الناشئين وإعطاءهم بعضًا من تجربتي. في رحلتي كان همي دومًا القول أنني بيرم كيال فلسطيني ابن عرب الـ48".
ويستذكر الشتائم التي كان وفريقه يتلقونها عند اللعب في ملاعب تيدي، وتطال الدين الإسلامي والنبي محمد (ص) والدعوات لحرق القرية التي جاء اللاعبون منها.
ويعلق بالقول: "تلك الأمور كانت تؤلمنا، لذا عند الوصول إلى الصحافة كان لا بد أن نظهر من نحن وعدم السكوت أمام الكاميرا والقول: أنا عربي من الـ48 بفخر"، مشددًا على أن "النضال هو أيضًا بالرياضة والفن".
عنصرية ضد اتحاد أبناء سخنين
إلى ذلك، يعتبر استاد الدوحة الذي بُني قبل أكثر من عقد بدعم من دولة قطر، استاد البيت لفريق اتحاد سخنين، والذي يشهد معظم المباريات الداخلية التي يجريها الفريق، وأخرى ضخمة وحماسية.
ويلفت مارون غنطوس، اللاعب في ناي اتحاد أبناء سخنين، إلى الحشود الضخمة التي تحضر لمشاهدة المباريات ومنها ما يصل في بعضها إلى نحو 12 ألف متفرج، في حين يتسع الملعب لـ7 آلاف فقط.
ويتحدث عن العقوبات التي تفرض على النادي ومنها إغلاق مدرج لسنة كاملة، مؤكدًا أننا لا نستحق هذه العقوبات.
ويتوقف عند المباريات التي تجمع فريق "أبناء سخنين" مع فريق "بيتار القدس"، والتي يتخللها شتائم من قبل جمهور الأخير، ويقول إنه كمسيحي ينزعج من الهتافات التي تطال النبي محمد، فكيف بزملائه المسلمين وهم إخوته.
من جانبه، يلفت رئيس نادي اتحاد أبناء سخنين محمد أبو يونس إلى أن "اتحاد أبناء سخنين أكثر من ناد"، مردفًا بأنه "مؤسسة رياضية تثقيفية اجتماعية سياسية لها حضورها في الوسط العربي واليهودي أيضًا".
وفيما يؤكد أن لكل مباراة أهميتها ووزنها واعتباراتها، يلفت إلى أن اتحاد أبناء سخنين ينظر إلى الأمر كفريق عربي وبمنظور مختلف.
ويشدد على أن "التمييز واضح، وكثيرًا ما تأخذ المباريات طابعًا سياسيًا"، مشيرًا إلى أن "بيتار القدس" هو أكثر الفرق عنصرية، لكنه ليس الوحيد فهناك فرق أخرى عنصرية.
ويقول إن هذا الأمر نراه في الملاعب وفي تصرفات الجماهير العنصرية، حيث الأهم بالنسبة لهم الفوز على فريق اتحاد أبناء سخنين بغض النظر عن الطريقة التي تمكنهم من ذلك.
ويتوقف اللاعب السابق في نادي اتحاد أبناء سخنين عباس صوان، عند فوز النادي بكأس الدولة، والذي قال إن "له رونق خاص تفجر معه كبت سنوات في الوسط العربي ككل".
ويعود بالذاكرة إلى اليوم الذي تحقق فيه هذا الإنجاز، قائلًا إن كل بلدة مررنا فيها كانت تستوقف الفريق للاحتفال معه بالرقص وتوزيع الحلويات.
ويلفت إلى أن بعض المباريات نلعب فيها ضد العنصرية وضد أناس يشتمون النبي وعروبة اللاعبين.
دعم من كل الوسط العربي
برأي مفلح شلاعطة، اللاعب في نادي أبناء سخنين، فإن سخنين هي كرة القدم في الوسط العربي، حيث يوضح أن من يحضرون لتشجيع الفريق ودعمه ليسوا من سخنين فحسب بل من كل البلاد.
نبع حب مفلح للرياضة من أبيه وجده، وبتشجيع منهما دخل هذا العالم الذي يطمح للاستمرار فيه. كاميرا "العربي" التي دخلت إلى منزله تنقل الأجواء العائلية الداعمة والمشجعة والمحبة لكرة القدم.
ويروي جدّه مفلح الذي أورثه اسمه وحبه لكرة القدم، وكان لاعبًا بدوره في نادي اتحاد أبناء سخنين، عن حبه لكرة القدم، ويقول إن نجله حسام من بعده لعب الكرة، ومن ثم أحفاده الذين يحضر تدريباتهم.
المشهد الداعم نفسه من منزل اللاعب مارون غنطوس، الذي يشير إلى تفاعل الجمهور مع المباراة التي يخوضها اتحاد أبناء سخنين.
"العربي" حضر المباراة وكانت كاميرته في الملعب وعلى المدرجات لرصد هتافات الجماهير وحماستهم.
فمباريات الفريق تتحول إلى عامل جذب ليس فقط لأهالي مدينة سخنين وإنما لعشرات الشبان القادمين من مناطق مختلفة من داخل الخط الأخضر.
ويعبّر شبان من الجماهير عن حبهم لفريق اتحاد أبناء سخنين، "الفريق العربي الوحيد، الذي نضع كل مشاعرنا في تشجيعه"، على ما يقول أحدهم.
ويؤكد آخر أن فريق اتحاد أبناء سخنين قضية وطنية وأكثر من انتماء، بل عائلة لكل مشجع في سخنين، فمن يحضر لمشاهدة المباراة يأتي بوصفه ابنًا للفريق أكان من سخنين أو من الوسط العربي كله.