غالبًا ما يتم تصوير الثقوب السوداء على أنها "وحوش فضائية" مدمرة تحتجز الضوء، لكن يبدو أن أحدث اكتشافات تلسكوب "هابل" الفضائي التابع للوكالة الفضائية الأميركية "ناسا"، أثبت العكس.
فقد نشرت "ناسا" عبر موقعها الإلكتروني، بيانًا أشارت فيه إلى اكتشاف "هابل" ثقبًا أسود في قلب المجرة القزمة Henize 2-10 يخلق النجوم بدلًا من التهامها.
ما هي المجرة القزمة؟
وبحسب شرح الوكالة، يبدو أن الثقب الأسود يسهم في تكوين عاصفة نارية ينتج عنها تشكيل النجوم الجديدة التي تحدث في المجرة.
وتقع هذه المجرة القزمة على بعد 30 مليون سنة ضوئية في الكوكبة الجنوبية Pyxis.
أما المجرة القزمة فهو تصنيف يطلق على المجرة الصغيرة التي تتكون من نحو 1000 إلى عدة مليارات نجم، مقارنةً بنجوم مجرة درب التبانة التي يتراوح عددها بين 200 و400 مليار نجم.
Sure, black holes might get a bad rep for being hungry, destructive monsters… But Hubble found evidence of a black hole creating stars rather than destroying them! Learn more: https://t.co/xgoyknWyKj pic.twitter.com/yizKRIuFkE
— Hubble (@NASAHubble) January 19, 2022
اكتشاف ينقض المعتقدات الحالية
بدورهم، قام باحثون في جامعة ولاية مونتانا في بوزمان بتفصيل ملاحظاتهم التي جمعوها عن أحدث بيانات "هابل" في ورقة بحثية نُشرت هذا الأسبوع في مجلة "ناتور"، حيث لاحظوا أن في هذه المجرة الصغيرة في كوكبة Pyxis الجنوبية يساعد الثقب الأسود فيها في تكوين النجوم بدلًا من مجرد التهامها كما هو معلوم، وفقًا لـ"ناسا".
وقال لي زاكاري شوت، مؤلف الورقة الرئيس وطالب دراسات عليا في الفيزياء في جامعة ولاية مونتانا: "هذه هي الملاحظات الأولى لتشكيل النجوم التي يتم تحفيزها من خلال التدفق الخارجي من ثقب أسود فائق الكتلة في مجرة قزمة. وقد لوحظت هذه الظاهرة في المجرات الأكبر، ولكن لم يكن معروفًا ما إذا كانت التدفقات الخارجة من الثقوب السوداء فائقة الكتلة يمكن أن تتسبب في تكوين النجوم في المجرات القزمة ذات الكتلة الأقل".
وقدم "هابل" صورة واضحة جدًا للعلماء عن العلاقة بين الثقب الأسود ومنطقة تشكل النجوم المجاورة الواقعة على بعد 230 سنة ضوئية من الثقب الأسود، بحسب آمي راينز، المشاركة في البحث وعالمة الفيزياء الفلكية بجامعة ولاية مونتانا في بوزمان.
وقالت في بيان: "إن دقة هابل المذهلة تُظهر بوضوح نمطًا يشبه المفتاح في سرعات الغاز، والذي يمكننا يبين التدفق المتذبذب الخارج من ثقب أسود".
تلسكوب جديد.. حقبة جديدة
يذكر أنه على مدى 31 عامًا، فكّك تلسكوب "هابل" ألغاز الكون، من عمره، إلى اكتشاف أقمار بلوتو، والثقوب السوداء، ورسم خريطة ثلاثية الأبعاد للمادّة المظلمة في الكون.
لكنّ الكثير من الأسئلة لا تزال غامضة بالنسبة إلى علماء الفلك ولم يستطع "هابل" الإجابة عنها، لذلك أطلقت "ناسا" الشهر الفائت تلسكوب "جيمس ويب"، الذي سيساعد "هابل" على تصوير النجوم واكتشاف المجرات الأولى التي ظهرت إلى الوجود.
وتلسكوب "جيمس ويب"(JWST) الذي تقدر تكلفته بـ9 مليارات دولار، هو أداة من الجيل التالي مصمّمة للغوص في الكون، مع قدرات تفوق قدرات "هابل" وتكمّلها.
ويدور التلسكوب وكوكب الأرض حول الشمس جنبًا إلى جنب، وسيعرض "جيمس ويب" (JWST) الكون في طيف الأشعة تحت الحمراء، الأمر الذي سيسمح له بالتحديق من خلال سحب الغاز والغبار حيث تولد النجوم ليكتشف المناطق غير المرئية بعد للبشرية.