أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "بدأ مداهمات محدودة ومستهدفة لأهداف لحزب الله في منطقة الحدود في جنوب لبنان".
ولفت إلى أن "هذه الأهداف تقع في قرى قريبة من الحدود وتشكل تهديدا مباشرا للتجمعات السكانية في شمال إسرائيل".
بدوره، يؤكد وزير الأمن يوآف غالانت أن تل أبيب ستستخدم قدراتها كافة بما في ذلك القوات البرية لتحقيق هدف عودة سكان الشمال الذين تم تمديد خطة إخلائهم حتى نهاية العام الجاري، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
سياسيًا يؤكد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن إسرائيل لا تريد فقط انسحاب حزب الله إلى ما بعد الليطاني، بل نزع سلاحه أيضًا.
وكان نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم ألقى كلمة متلفزة الإثنين توعد فيها إسرائيل بأن قوات المقاومة مستعدة للاشتباك البري إذا قررت إسرائيل التوغل البري.
وأشار قاسم في أول كلمة لمسؤول في الحزب بعد اغتيال الأمين العام حسن نصر الله إلى أن القدرات متينة وكبيرة وأن تل أبيب لم تصل إليها.
وعلى المقلب الآخر، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن بيروت مستعدة لتنفيذ القرار 1701 وإرسال قوات الجيش اللبناني إلى جنوب الليطاني بالتنسيق مع اليونيفيل.
ومن بيروت أيضًا ناشد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو خفض التصعيد، كما حث إسرائيل على عدم تنفيذ اجتياح بري والذهاب باتجاه اتفاق وقف إطلاق النار.
وبين الاشتباك والمعركة، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن تل أبيب أبلغت واشنطن بعمليات محدودة تركز على البنية التحتية لحزب الله بالقرب من الحدود مع لبنان.
فالحملة التي تخطط لها إسرائيل ستكون أصغر من حربها الأخيرة عام 2006، إذ يبرز هنا ما تداولته "وول ستريت جورنال" عن قيام قوات إسرائيلية خاصة بتنفيذ عمليات داخل لبنان عبر الدخول إلى أنفاق تابعة لحزب الله.
ملامح المواجهة البرية بين إسرائيل وحزب الله
وفي هذا الإطار، أوضح الكاتب الصحافي أمين قمورية، أن حزب الله على الرغم من تعرضه لضربات هائلة من قبل الاحتلال، إلا أنه حزب أفقي من حيث الهرم التنظيمي، وبالتالي فإن وحداته المنتشرة في لبنان، هي شبه مستقلة، حتى لو انفصلت عن بعضها، كما أن هناك بدائل لقادة الحزب.
وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة بيروت، أضاف قمورية أن إسرائيل بعد ما حدث معها في حرب 2006، وتجربتها في احتلال لبنان، تأخذ بعين الاعتبار الواقع اللبناني، وكيف يتغير هذا الواقع.
وبشأن التوغل البري، رجح قمرية أن تكون هناك بعض الإنزالات لبعض المناطق لضرب مراكز معينة، وربما تكون أوسع من ذلك بكثير خصوصًا في "المناطق الرخوة" في جسم حزب الله، تحديدًا في منطقة القطاع الشرقي المحاذية للجولان، بهدف تأسيس نوع من الشريط الصغير المحاذي للحدود شمال إسرائيل بمسافة بضعة كيلومترات، واحتلال بعض التلال.
وتابع: "ربما تكون هناك أيضًا محاولة للفصل ما بين منطقة البقاع شرق لبنان وجنوب لبنان، بالإضافة إلى إمكانية أن تكون هناك مراقبة جوية لمنع وصول إمدادات لحزب الله من الأراضي السورية وغيرها".
ورأى قمورية أنه لا يمكن لسلاح الجوي الإسرائيلي شل قدرة حزب الله، كما أنه لا يمكن للاغتيالات أن تؤثر على جسم الحزب الذي بمقدوره أن يستعيد نفسه بعد أول عملية يحظى فيها بالثقة في النفس.
وأردف أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يشعر بأن لديه مساحة كبيرة لمواصلة ما وصفها بـ"العربدة" في لبنان.
ولفت إلى أن نتنياهو يشعر بأن كل إسرائيل خلفه في هذه المعركة بعدما توحد اليمين واليسار، لافتًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ووسط الصمت الدولي رأى أن الفرصة مناسبة اليوم لتحقيق أهداف مبيتة منذ 20 عامًا في لبنان.
وفيما ذكّر أن نتنياهو كان قد صرح بأن هدفه هو إعادة المستوطنين إلى شمال إسرائيل، أضاف قمورية أنه في كل ساعة هناك تصريح يكشف عن أهداف أخرى، مردفًا أن نتنياهو يريد قبل ذلك تفكيك بنية حزب الله وسحب سلاحه، بل إنه يريد أكثر من ذلك، عبر تغيير المعادلة والمشهد السياسي القائم في لبنان وربما يريد تغيير المعادلة الإقليمية برمتها.
الاجتياح البري فرصة لحزب الله
من جهته، رأى رئيس تحرير موقع "عرب 48" رامي منصور أن الحديث عن اجتياح بري إسرائيلي حتى لو كان محدودًا، ونقل المعركة إلى جنوب لبنان، يعد فرصة لحزب الله لإعادة التوازن في المواجهة غير المتوازنة جويًا واستخباراتيًا، كما أنها فرصة لإيران بالإضافة إلى الحزب لإعادة ضبط المعركة والمواجهة مع الاحتلال.
وفي حديث للتلفزيون العربي من مدينة حيفا، قال منصور: "إذا كان التوغل البري سهلًا لإسرائيل فإنها ستصر على مطالبها، بينما إذا تجهز حزب الله وأوقع خسائر كبيرة بجيش الاحتلال فهذا سيغير المشهد والمعادلة".
وفيما أشار إلى أن إسرائيل تشعر بنشوة كبيرة جدًا بعد اغتيال نصر الله، لفت منصور إلى أن الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية لديها حسابات عقلانية، إذ خططوا لهذه الحرب وكأنها متدحرجة، مردفًا أن تل أبيب ستقيس خطواتها بناء على نجاحها في التقدم دون وقوع خسائر.
ورأى منصور أن عدم الرد بشكل واضح وصارم على اغتيال فؤاد شكر الذي يعتبر رئيس أركان حزب الله فتح شهية الاحتلال للتمادي والاستمرار والتصعيد.
واعتبر أن إسرائيل تبالغ في تصريحاتها التي تقول فيها إنها دمرت 50% من قدرات حزب الله الصاروخية، مشيرًا إلى أن الحزب لديه قدرات صاروخية لم يستخدمها حتى الآن.
ورجح منصور أن تظهر القدرات الحقيقية لحزب الله، ومدى تضررها في حال اندلاع المواجهة البرية حتى لو كانت محدودة كما تدعي إسرائيل.
هل تجرؤ إسرائيل على الدخول بعمق في لبنان؟
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البراري بدوره، رأى أن إسرائيل لن تجرؤ أن تدخل بعمق في لبنان، لأنها تعرف أن حزب الله ينتظر هذه المعركة البرية.
وفي حديث للتلفزيون العربي من الدوحة، قال البراري: إن "دخول الاحتلال بعمق في لبنان سيطرح أسئلة مختلفة على صناع القرار في إسرائيل، خاصة في حال مقتل العديد من الجنود".
وأضاف: "إذا دخلت إسرائيل في عملية محدودة، فقد يكون ذلك أقل كلفة عليها، وقد يحرك العملية، ويدفع حزب الله والحكومة اللبنانية إلى التفكير بحل"، مشيرًا إلى أنه في حال توسعت العملية بشكل أكبر فإن ذلك سيؤدي إلى وجود مقاومة مختلفة يشارك فيها الحزب وغيره، من التنظيمات في لبنان.
ورأى البراري أن الذي أطلق يد إسرائيل في الاستهدافات التي تستفز الجميع هو قناعتها بأن إيران لن تكون طرفًا مباشرًا في هذه المعركة، وأنها تتفق مع الولايات المتحدة بضرورة عدم توسيع هذه المعركة.
وفيما تساءل عما إذ كان حزب الله ما زال سليمًا وأن الضربات الإسرائيلية لم تؤثر على هرمية القيادة ومعنوياته، أضاف البراري أن لدى الحزب ميزتين، الأولى أنه صاحب قضية، والميزة الثانية بأن الحاضنة الاجتماعية تدعمه.
ورأى البراري أن هناك مبالغات في خطاب نعيم قاسم، معتبرًا أن هناك شللًا كاملًا لدى قيادة حزب الله، وهي غير قادرة على استخدام كل ما لديها من أسلحة، خاصة بعد تفجير أجهز "البيجر" والاغتيالات.
البراري الذي أكد أيضًا أن لدى حزب الله القدرة على القتال، لفت إلى أن قدرته على إطلاق الصواريخ تراجعت بشكل ملفت خلال هذه الأيام، مضيفًا أنها "ليست هذه القوة المتوقعة من حزب الله".
وتابع أن حزب الله سيكتسب مع كل يوم يمر المزيد من الثقة والتنسيق، بعد أن اخترقت إسرائيل أجهزة الاتصالات الخاصة به.