السبت 7 Sep / September 2024

نزاع جديد قرب الحدود الجنوبية مع مالي.. هل يصمد اتفاق الجزائر؟

نزاع جديد قرب الحدود الجنوبية مع مالي.. هل يصمد اتفاق الجزائر؟
الثلاثاء 22 أغسطس 2023

شارك القصة

يبدو أنّ الخلاف بين الحركات الأزوادية والحكومة المركزية في باماكو قد يتحول إلى صدام جديد - غيتي
يبدو أنّ الخلاف بين الحركات الأزوادية والحكومة المركزية في باماكو قد يتحول إلى صدام جديد - غيتي

أظهرت الأخبار الواردة من شمال مالي، وتحديدًا من منطقة أزواد، أن الاشتباكات المسلحة بين الجيش المالي والمجموعات المحلية عادت بعد سنوات من الهدوء.

لكن هذه المرة، يُقاتل الجيش مصحوبًا بعنصر جديد: مجموعة فاغنر الروسية، التي تتعاون مع السلطة الانتقالية في مالي.

بدأت القصة في 11 أغسطس/ آب الحالي، حين أعلنت تنسيقية حركات "أزواد" من مقرها في كيدال شمالي مالي، أنّ قواها صدت هجومًا من القوات المسلحة المالية ومرتزقة "فاغنر" قرب مدينة بير، غير بعيد من تمبكتو.

تشكّل مجموعة فاغنر الروسية عنصرًا جديدًا في القتال حيث تتعاون مع السلطة الانتقالية في مالي - سي أن أن
تشكّل مجموعة فاغنر الروسية عنصرًا جديدًا في القتال حيث تتعاون مع السلطة الانتقالية في مالي - سي أن أن

وجاء الاشتباك الذي أدى إلى مقتل جندي مالي وجرح أربعة، وفق بيان للجيشِ المالي، عقب أسابيع من تصاعد التوتر بين الحركات الأزوادية التي تسيطر على مناطق واسعة من شمال مالي من جهة، والحكومة المركزية الانتقالية في باماكو العاصمة التي غادرها آخر أعضاء التنسيقية الأزوادية في 12 أغسطس، باعتبار أنها لم تعد آمنة لممثلي "أزواد" من جهة أخرى.

انسحاب بعثة "مينوسما"

كما يأتي الاشتباك على خلفية بدء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) الانسحاب من البلاد، بعد طلب من الحكومة الانتقالية وموافقة مجلس الأمن عليه في قراره الذي حمل رقم 2960، والصادر في 30 يونيو/ حزيران الماضي.

ويقضي القرار بأن تسحب الأمم المتحدة كامل بعثتها المكونة من نحو 15 ألف جندي و2000 موظف ومتطوع من مالي نهاية هذا العام، مع تسليم كل مواقعها إلى السلطات المحلية.

ومن تلك المواقع، مركز عسكري قرب مدينة بير أخلته "مينوسما" الأحد، قبل يومين من الموعد الذي كانت قد حددته لإخلائه، بسبب ما وصفته بتدهور الوضع الأمني في المنطقة، في إشارة إلى الاشتباك الذي دار قربه بين الجيش المالي مدعومًا بمرتزقة "فاغنر"، وأفراد مسلحين من الحركات الأزوادية التي تسيطر على المدينة.

المركز العسكري الذي أخلته "مينوسما" قرب مدينة بير الأحد،
المركز العسكري الذي أخلته "مينوسما" قرب مدينة بير الأحد،

وحمّلت تنسيقية حركات "أزواد" التي تجمع ثلاث هيئات هي: "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، و"المجلس الأعلى لوحدة أزواد"، و"الحركة العربية الأزوادية"، السلطات المالية مسؤولية خرق اتفاق وقف إطلاق النار المُوقع في 23 مايو/ أيار 2014، برعاية الأمم المتحدة.

اتفاق الجزائر

وأنهى الاتفاق القتال بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية المُطالبة باستقلال الإقليم آنذاك، بعد اقتتال دام أكثر من عامين، وتخلله إعلان "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" استقلال الإقليم عن مالي في 6 أبريل/ نيسان 2012، قبل أن تتراجع عن ذلك لاحقًا إثر توقيع الحركات الأزوادية والحكومة المالية اتفاق الجزائر عام 2015.

أنهى الاتفاق الموقع عام 2014 سنتين من الاقتتال بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية - غيتي
أنهى الاتفاق الموقع عام 2014 سنتين من الاقتتال بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية - غيتي

والتزمت بموجب الاتفاق الحركات الأزوادية باحترام وحدة مالي الترابية، بينما التزمت مالي بمعالجة المشكلات التي على أساسها ثار سكان أزواد أكثر من مرة ضد السلطة المركزية.

ووُقع اتفاق السلم والمصالحة في العاصمة الجزائرية مطلع مارس/ آذار 2015. وترى التنسيقية الأزوادية الآن أن حكومة مالي الانتقالية تُعرضه للخطر بتغييرها دستور البلاد، وإخراجها بعثة الأمم المتحدة.

وفُصل الاتفاق على 78 التزامًا ضمن 5 أبواب، ركَّزت على وضع أسس لتسوية دائمة للنزاع، ومسائل سياسية ومؤسساتية، وأخرى تتعلق بالأمن والدفاع والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمصالحة والعدالة وقضايا إنسانية أخرى.

ترى التنسيقية الأزوادية أن حكومة مالي الانتقالية تعرض اتفاق الجزائر للخطر بتغييرها دستور البلاد - نيامي إنفو
ترى التنسيقية الأزوادية أن حكومة مالي الانتقالية تعرض اتفاق الجزائر للخطر بتغييرها دستور البلاد - نيامي إنفو

وعام 2020، أشار مركز "كارتر" الأميركي الذي اختير عام 2017 كمراقب مستقل لتنفيذ الاتفاق، إلى تنفيذ 23% فقط من بنوده.

وذكر في تقريره الصادر منتصف عام 2022، أن الأطراف الموقعة لم تحقق أي تقدم يذكر في تنفيذه منذ 2021، وأن زيادة التجنيد والتسلح والأنشطة العسكرية خارج إطار الاتفاق تزيد من احتمالية العودة إلى القتال. وهو احتمال يبدو أنه قد تحقق بالفعل قرب مدينة بير.

ومع انسحاب القوات الفرنسية من مالي منذ نحو عام، ومع بدء انسحاب الأمم المتحدة لتُخلي هي الأخرى مواقعها نهاية هذا العام، يبدو أنّ الوضع في البلاد يتجه للعودة إلى ما كان عليه قبل أكثر من 10 سنوات: توسع للجماعات التابعة لتنظيمي "القاعدة" و"الدولة"، وخلاف بين الحركات الأزوادية والحكومة المركزية في باماكو، لا يمنعه عن التحول إلى صدام جديد سوى اتفاق يماطل كل طرف في تطبيقه.


هل يتجدد القتال بين الحكومة الماليّة والحركات الأزوادية؟ وهل يصمد اتفاق الجزائر في مالي؟ الإجابة في الفقرة المرفقة من "في سياق منفصل".

المصادر:
العربي