الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

هل تشكّل وسائل التواصل الاجتماعي تهديدًا للديمقراطية؟

هل تشكّل وسائل التواصل الاجتماعي تهديدًا للديمقراطية؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "قراءة ثانية" تلقي الضوء على تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الديمقراطية في العالم (الصورة: رويترز)
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي أدوارًا خطرة، يزعم البعض أنه إذا لم يتم ضبطها فإن بوسعها المساهمة في تقويض العملية الديمقراطية.

منحت شبكات التواصل الاجتماعي دعاة التغيير أداة فعالة وفضاءً حرًا لتحقيق كثير من مطالبهم على أرض الواقع، كما حصل في دول عربية عام 2011.

إلا أنها قدمت في الوقت عينه للمدافعين عن الاستبداد ذات الأداة الفعالة، فوجد ما عُرف بالجيوش الإلكترونية وشوهت الحقائق وأغرق الفضاء الافتراضي بالأخبار المزيفة وهوجمت الديمقراطية حتى في مراكزها التقليدية، مثلما حصل في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفي الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

تزييف الحقائق

يستخدم الناس في كل أنحاء العالم وسائل التواصل الاجتماعي، لمعرفة الأخبار والمعلومات والتعبير عن آرائهم إزاء الأحداث السياسية والاجتماعية الراهنة.

لكن هذه الوسائل تلعب أدوارًا متنوعة بتنوع أنظمة الحكم؛ ففي الدول السلطوية تشكل هذه المنصات، وتحديدًا فيسبوك وتويتر، أداة لإعاقة أشكال الحراك الاجتماعي كالتظاهرات والانتفاضات، وذلك عبر الجيوش الإلكترونية وحملات تزييف المعلومات وتضليل المواطنين بحقيقة عمل جهاز الدولة وأدائه والقائمين عليه.

أما في الدول الديمقراطية، فتلعب وسائل التواصل الاجتماعي أدوارًا خطرة، يزعم البعض أنه إذا لم يتم ضبطها فإن بوسعها المساهمة في تقويض العملية الديمقراطية.

فالتلاعب بالرأي العام عبر تزييف المعلومات وخلق حسابات مليونية وهمية، هي بحد ذاتها عوامل مشوشة على عملية الحوار السياسي الجاد والعمل الديمقراطي بين الصحافيين والنشطاء ورموز المجتمع المدني والنخب السياسية وجيل الشباب، الذين تشكل وسائل التواصل الاجتماعي منصة لتكوين هوياتهم السياسية.

ويؤكد فيليب هاورد وسامنثا برادشاو في مقال لهما بعنوان "كيف نجعل وسائط التواصل الاجتماعي آمنة من أجل الديمقراطية"، أن الشركات المالكة لوسائل التواصل تميل إلى إلقاء اللوم على مجتمعات المستخدمين عن كل ما وقع من أخطاء، رافضة تحمّل المسؤولية عن تقصي الحقائق في المحتوى الذي تنشره.

ويستنتج الكاتبان أن هذه الشركات قد لا تكون مسؤولة عن هذا المحتوى المضلل، ولكنها توفر المنصات التي سمحت للدعاية الحاسوبية بالتحول إلى واحدة من أقوى الأدوات المستخدمة حاليًا لتقويض الديمقراطية.

تدخل الأنظمة السياسية

في هذا السياق، يعتبر أستاذ الصحافة في معهد الدوحة للدراسات العليا نواف التميمي أن "موضوع مواقع التواصل الاجتماعي هو ملف شائك وشائق، لأنه متعلق بحياتنا اليومية".

ويستعرض التميمي، في حديث إلى "العربي"، لمحة تاريخية عن المشاركة الشعبية في صناعة الرأي العام، مشيرًا إلى أن "الفضاء العام كان للبرجوازيين فقط، وتوسّع ليصل إلى الميادين العامة، ثم توسع لاحقًا بعد ظهور الإعلام التقليدي، وللمرة الرابعة توسّع مع ظهور التكنولوجيا ومواقع التواصل".

وعن تدخل الأنظمة في الفضاء الافتراضي، يقول: "كما قامت الأنظمة السياسية بتغيير المعالم الحقيقية للميادين لمواجهة المتظاهرين كما حصل في عهد الرئيس المصري الراحل حسني مبارك في ميدان التحرير، قامت بتغيير موازٍ للميادين الافتراضية".

ويضيف: "الأنظمة السياسية انطلقت من لحظة عدم المبالاة بهذه المواقع إلى لحظة التعامل بجدية معها عبر توظيف الأدوات التقنية لحجب الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى إغراق المجال العام الافتراضي بعشرات آلاف المواقع".

الديمقراطية الرقمية

من جهته، يعتبر الخبير في علم اجتماع الإنترنت والتواصل الرقمي نديم منصوري أن "المجال العام الرقمي فتح الباب واسعًا لإمكانية مناصرة أي قضية اجتماعية أو سياسية، وفق ما يُعرف بالمناصرة الرقمية للقضايا العامة".

ويرى منصوري، في حديث إلى "العربي" من بيروت، أن "الفضاء الافتراضي ليس متروكًا، أي أنه ليس بعيدًا عن السيطرة أو الاستعمار الإلكتروني، وهو مرتبط بشركات رقمية عالمية".

ويقول: "هذا الفضاء مسيطَرٌ عليه تقنيًا وسياسيًا وقد يتعرض فيه المدونون للخرق أو المضايقات".

ويضيف: "الفضاء الإلكتروني قد يكون فعالًا إذا ما عرف المستخدمون الاستفادة منه، لكن إذا كان الشباب يستخدمون الوسائط بطريقة سطحية، فلن يوصلوا أفكارهم، لأن هناك مهارات يجب اكتسابها".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close