الإثنين 18 نوفمبر / November 2024

هل ستصادر تركيا عقارات السوريين مزدوجي الجنسية؟

هل ستصادر تركيا عقارات السوريين مزدوجي الجنسية؟

شارك القصة

يقيم في تركيا نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري ويقدر عدد الحاصلين منهم على الجنسية التركية بأكثر من 170 ألف شخص
يقيم في تركيا نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري ويقدر عدد الحاصلين منهم على الجنسية التركية بأكثر من 170 ألف شخص (غيتي)
حاول عدد من المهتمين تفسير إجراءات السجل العقاري التركي، وتباينت تفسيراتهم ما بين التهويل والتهوين، مع التأكيد على أن الأمر يتطلب توضيحات رسمية.

فاجأ موظفو إدارة السجل العقاري في تركيا (الطابو) المراجعين السوريين من حملة الجنسية التركية بمطالبتهم بتوقيع تعهد ينص على موافقتهم على التنازل عن أملاكهم العقارية لخزينة الدولة، في حال سقوط الجنسية التركية عنهم.

وأثار هذا الإجراء القلق الشديد بين السوريين كما أطلق الكثير من التكهنات في محاولة لتفسير خلفياته، في ظل غياب توضيح رسمي.

ويقيم في تركيا نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري، ويقدر عدد الحاصلين منهم على الجنسية التركية بأكثر من 170 ألف شخص. ويتملك العديد منهم عقارات في تركيا.

بداية القصة

بدأت القصة أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي عندما تحدّث عدد من السوريين الحاصلين على الجنسية التركية، عبر منصات التواصل الاجتماعي، عن أن موظفي إدارة "الطابو" طالبوهم، في أثناء عملية تثبيت ملكياتهم لعقارات اشتروها حديثًا، بتوقيع تعهدات بالموافقة على وضع الدولة يدها على عقاراتهم في حال وفاتهم وعدم وجود ورثة يحق لهم التملّك في تركيا، أو في حال التنازل عن الجنسية التركية أو سقوطها.

ويمنع قانون سار في تركيا يعود إلى عام 1922 المواطنين السوريين من تملك العقارات، وذلك على سبيل المعاملة بالمثل، كما صدر قانون آخر عام 1962 ودخل حيز التنفيذ عام 1966 بمرسوم، يقضي بمصادرة أملاك السوريين العقارية، ردًا على "قانون إصلاح الأراضي" الصادر في سوريا آنذاك، الذي قضى بنقل ملكية العقارات العائدة للمواطنين الأتراك في سوريا إلى الدولة من دون دفع أي مقابل.

وذكر سوريون طُلب منهم في إدارة "الطابو" التوقيع على التعهد، أن الموظفين أخبروهم بأن هذا الإجراء يأتي تطبيقًا لقانون عام 1966، ما أثار لديهم الخوف بأن تتعرض عقاراتهم للمصادرة التعسفية، على الرغم من أن سياق صدور القانون في ذلك الحين كان مختلفًا عن السياق الحالي، كما أنهم يقومون بشراء وتوثيق ملكيتهم للعقارات بناء على جنسيتهم التركية أو جنسية أخرى غير الجنسية السورية، ما ألقى بالمزيد من الغموض حول المسألة.

تفسيرات متباينة

وحاول العديد من المعنيين، ومن بينهم أصحاب مكاتب عقارية وبعض المحامين السوريين، تفسير الأمر في منشورات لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتباينت تفسيرات هؤلاء ما بين التهويل والتهوين، لكنهم أجمعوا على وجود مشكلة وغموض يتطلبان توضيحًا رسميًا، وأوصى بعضهم بعدم الإقدام على شراء عقار جديد قبل صدور التوضيحات المنشودة.

وذهب الصحافي والناشط التركي من أصل سوري محمود عثمان، بحسب ما ذكر على صفحته في فيسبوك، إلى أن الإجراء روتيني ولا يحمل تأثيرًا سلبيًا على السوري الذي يقوم بعملية التملك على أساس الجنسية التركية أو الجنسية الأخرى غير السورية، وذلك لأن التعهد نفسه ينص على أن الدولة تصادر العقار في حال سقوط الجنسية أو في حال الوفاة مع وجود ورثة لا يحملون سوى الجنسية السورية.

إلا أن التعهد نفسه ينص على عدم جواز التصرف بالعقار ونقله إلى ملكية جهة أخرى ما لم يحصل المالك على موافقة رسمية من إدارة الطابو، الأمر الذي يجعل التفسير السابق موضع تساؤل.

آراء أخرى ذهبت إلى أن ما حدث يرتبط بتفسيرات أو تطبيقات خاطئة للقانون، كما كتب المحامي خليل أرسلان في موقع "ترك برس"، معتبرًا أن الأمر برمته يعود إلى سوء فهم للقوانين القديمة،

لماذا الآن؟

على الرغم مما سبق، لم تجب التفسيرات السابقة عن سؤال: لماذا الآن؟ كما أن سكوت المسؤولين الأتراك إزاء حالة كهذه، تتطلب المسارعة لتوضيح الأمور، أثار المزيد من الشكوك حول كل التفسيرات المقدمة.

وتداول بعض السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي نسخة عن قرار صادر عن إدارة الأجانب من مديرية السجل العقاري، ينص بصراحة ووضوح على أن إجراء الحجز الاحتياطي لأملاك السوريين مزدوجي الجنسية، سواء تملكوا بناء على جنسيتهم التركية أو جنسية ثالثة غير الجنسية السورية سببه اعتبار السوري مزدوج الجنسية بحكم السوري، وسيتم وضع إشارة على أملاكه غير المنقولة، ولن يستطيع التصرف أو نقل الملكية أو البيع أو الشراء إلا بعد موافقة "الطابو".

نسخة متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنص قرار الطابو التركي بشأن تملك السوريين مزدوجي الجنسية (مواقع التواصل)
نسخة متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنص قرار الطابو التركي بشأن تملك السوريين مزدوجي الجنسية (مواقع التواصل)

مواطن درجة ثانية؟

بعد مضي أكثر من أسبوعين على بدء المشكلة، توقف موظفو الطابو في تركيا عن مطالبة السوريين مزدوجي الجنسية بالتوقيع على التعهد والإقرار بشأن وضع الدولة يدها على العقار في حال سقوط الجنسية التركية أو الجنسية الأخرى التي تملّك السوري على أساسها. لكن الجانب المرتبط بإلزامهم بالحصول على موافقة مديرية السجل العقاري، سواء عند البيع أو الشراء، لا يزال قائمًا.

وذكر المحامي السوري المقيم في مدينة غازي عنتاب التركية غزوان قرنفل، في بث على صفحته في فيسبوك، أن هذه القيود تجعل من السوري المجنس بالجنسية التركية مواطنًا من الدرجة الثانية، مؤكدًا أنها تخالف الدستور وتميّز بين المواطنين بناء على العرق أو الأصل أو المولد.

ولفت قرنفل، وهو رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، إلى أن العقار الذي يمتلكه السوري المجنس في تركيا لا يتيح بموجب هذه القيود الجديدة الحصول على قرض من البنك بضمانته، رغم أن معظم المواطنين الأتراك يلجؤون إلى القرض البنكي لشراء منزل، ما يعني تضاؤل فرصة مالك هذا العقار في بيعه بسعر السوق.

تابع القراءة
المصادر:
العربي