حثت وزارة الخزانة الأميركية اليوم الأربعاء، السلطات اللبنانية على إجراء تحقيقات فيما وصفته بانتهاكات داخل النظام المصرفي اللبناني من قبل أعضاء النخبة السياسية والاقتصادية.
وصدر البيان غير المألوف في صراحته في ختام زيارة لوفد من الوزارة، استمرت ثلاثة أيام للعاصمة اللبنانية بيروت.
ولم يحدد البيان أعضاء النخبة الذين يشير إليهم في بلد يستشري فيه الفساد وإساءة استخدام السلطة منذ فترة طويلة.
وشدّد أعضاء الوفد على ضرورة بذل جهود جادة للتحقيق في التجاوزات تلك، ولا سيما من جانب مصرف لبنان، وهيئة التحقيق الخاصة"، في إشارة واضحة إلى البنك المركزي، ووحدة التحقيق التي شُكلت للتحقيق في النشاط المالي غير المشروع.
كما طالب الوفد الذي يزور بيروت منذ الإثنين الماضي، الجهات المختصة بإجراء التحقيقات والفحص الفني اللازم بخصوص أي معاملات ذات صلة.
مصارف لبنان: ملتزمون بمكافحة الفساد
من جهتها، قالت جمعية مصارف لبنان في بيان إنها ملتزمة بالمساهمة في مكافحة الفساد والتي قالت إنه كان محور الاجتماع بين رئيس الجمعية سليم صفير ووفد الخزانة اليوم الأربعاء.
وقال صفير للوفد إن "ممثلي القطاع المصرفي في لبنان ما زالوا يبذلون جهودهم، في ظل الظروف الحالية، لممارسة العناية الواجبة المناسبة والسيطرة على تدفق الأموال عبر النظام المصرفي وتطبيق معايير الامتثال المطلوبة".
وتصاعدت مزاعم سوء السلوك المالي ضد أعضاء النخبة في أعقاب الانهيار المالي للبلاد في عام 2019، عندما فرضت البنوك قيودًا صارمة على حسابات العملة الصعبة لمعظم المدخرين، لكن منتقدين يقولون إن بعض الأشخاص من ذوي النفوذ كانوا قادرين على الوصول إلى الأموال بحرية أكبر. ونفت البنوك مزاعم المحسوبية تجاه بعض العملاء.
رفع السرية المصرفية
وأقر مجلس النواب اللبناني في 21 الشهر الماضي، قانونًا لتمديد مهلة رفع السرية المصرفية المرتبطة بالتدقيق الجنائي عن حسابات المصرف المركزي، وهو مطلب أساسي للحصول على مساعدات أجنبية وصلت إلى طريق مسدود.
ويعد هذا التدقيق شرطًا لحصول لبنان على مساعدات خارجية، لمساعدته على التعافي من الانهيار المالي الذي حرم معظم المودعين من حساباتهم المصرفية بالدولار، ودفع بأربعة من كل خمسة لبنانيين إلى براثن الفقر، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة.
وأمس الثلاثاء، طلب صندوق النقد خلال زيارة لبيروت، من لبنان في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها من انهيار اقتصادي منذ عامين، إقرار خطة اقتصادية شاملة، وكذلك تعاون مجلسي النواب والوزراء لإقرار القوانين الإصلاحية، وفق ما ذكر البيان.
ومنذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وبعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي، أطلق لبنان محادثات مع صندوق النقد الدولي، في مسعى للتوصل إلى برنامج مساعدات مع الصندوق للخروج من أزمة اقتصادية ومالية حادة تعصف بالبلاد منذ أواخر 2019.
وأدت تلك الأزمة الطاحنة، إلى انهيار مالي وفقدان سلع أساسية كالوقود والأدوية وتراجع الخدمات العامة، وفقدت العملة المحلية نحو 90% من قيمتها منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
ووصل الوفد الأميركي، الإثنين الماضي، بيروت وعقد لقاءات مع الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة، نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان، نبيه بري ووزير الداخلية بسام مولوي.
وتفرض واشنطن عقوبات على عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية من بينهم وزراء سابقون، ونواب حاليون تابعون أو مقربون من حزب "حزب الله".
لكن مع ذلك، تعد الولايات المتحدة أكبر مانح منفرد للبنان حيث يشير موقع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى أنها قدمت أكثر من 370 مليون دولار مساعدات إنسانية للبنان عام 2021 وحده.
وحثت وزارة الخزانة الحكومة على تبني خطة للتعاف المالي "تُعظم العوائد للمودعين اللبنانيين، بخاصة أصحاب الحسابات الأصغر نسبيًا".
ويلقى على عاتق الحكومة اللبنانية مباشرة إصلاحات طموحة ضرورية، لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية، إلا أن ذلك يبدو سيبقى متعذرًا لحين إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها المقرّر في مايو/ أيار المقبل، على الرغم من بعض العقبات، وخصوصًا التمويل.