وسط تزايد حدة الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، المتواصلة منذ أسابيع، أجلت السلطات نحو 300 طفل من دار "المايقوما" للأيتام بالعاصمة الخرطوم بعد أن لقي العشرات حتفهم داخلها منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي بسبب القتال المستعر.
وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي سهلت عملية الإجلاء في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء بأن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عام و 15 عامًا نُقلوا إلى موقع أكثر أمنًا في ود مدني، على بعد حوالي 200 كيلومتر جنوب شرقي الخرطوم.
إجلاء الأطفال
وذكرت اللجنة في بيانها الأولي أنه جرى إجلاء 280 طفلًا و70 من القائمين على رعايتهم.
من جهته قال المتحدث باسم اللجنة: إن عدد الأطفال الذين جرى إجلاؤهم ارتفع إلى 300 بحلول صباح اليوم الخميس.
وأكد صديق فريني المدير العام بوزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم التي تشرف على مراكز الرعاية صحة العدد.
بدورها اعتبرت مانديب أوبراين ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في السودان، أن إجلاء الأطفال بمثابة "شعاع من الضوء في خضم الصراع المستعر في السودان".
وبيّنت أوبراين في بيان أن "ملايين الأطفال ما زالوا معرضين للخطر في جميع أنحاء السودان. هذا الصراع يعرض حياتهم ومستقبلهم للخطر كل يوم".
ولقي 50 طفلًا على الأقل، بينهم عشرات الرُضّع، حتفهم في دار أيتام "المايقوما" التي تديرها الدولة، منذ بدء الصراع في الخرطوم.
وسط اتصالات دبلوماسية لخفض التصعيد والتوصل إلى هدنة.. تصاعد حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في #الخرطوم تقرير: محمد الشياظمي#السودان pic.twitter.com/Ey6pMJbEHE
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 7, 2023
وقال طبيب مسؤول بدار الأيتام إن الأسباب الرئيسية للوفيات هي سوء التغذية والجفاف والالتهابات، إذ منع القتال معظم الموظفين من الحضور.
وذكرت مجموعة حاضرين التي تساعد بشكل تطوعي في دار الأيتام أمس الأربعاء أنها تأكدت من مقتل 71 طفلًا في الدار منذ بدء الصراع.
ولم يُعلن عدد القتلى بشكل رسمي. وكانت دار الأيتام تضم نحو 400 طفل قبل بدء الصراع.
اشتباكات في الخرطوم
ميدانيًا، تدور اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع اليوم الخميس، في محيط مجمع للصناعات العسكرية في جنوب الخرطوم غداة إعلان قوات الدعم سيطرتها عليه، فيما اندلع حريق كبير في منشأة للنفط والغاز على مقربة منه.
وفي السياق قال مراسل "العربي" من الخرطوم أحمد ضو البيت، إنه في ظل الاشتباكات المتقطعة في الخرطوم أطلقت قوات الدعم السريع النار عبر المضادات على الطيران الحربي.
وأضاف أن مستودعًا للوقود اندلعت فيه النيران وسط اشتباكات هي الأعنف بعد مهاجمة قوات الدعم السريع على مقر مدرعات منطقة الشجرة بالعاصمة، حيث تضاربت الأنباء حول السيطرة عليه.
ونوه مراسلنا إلى أن قوات الدعم السريع هاجمت مجمع اليرموك وهو منطقة للتصنيع الحربي، مشيرًا إلى أنها سيطرت عليه.
وأسفر النزاع عن مقتل أكثر من 1800 شخص. إلا أن الأرقام الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
وبحسب آخر أرقام المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسبب النزاع بنزوح زهاء مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا إلى دول مجاورة.
ولم يفِ طرفا القتال بتعهدات متكررة بوقف إطلاق النار الذي يتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.
والأسبوع الماضي، انهار آخر اتفاق للتهدئة تمّ التوصل إليه بوساطة سعودية-أميركية على هامش مباحثات استضافتها مدينة جدة السعودية. وأعلنت الرياض وواشنطن تعليق المباحثات، لكنهما حضتا الطرفين على العودة الى طاولة المفاوضات.
وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان الذي كان يعدّ من أكثر دول العالم فقرًا حتى قبل اندلاع المعارك الأخيرة.
وتؤكد الأمم المتحدة أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان باتوا الآن بحاجة للمساعدة والحماية.