أفاد فيليب لازاريني، مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" اليوم الإثنين، أن إسرائيل رفضت مروره إلى غزة، "بينما توشك المجاعة أن تتفشى" شمالي القطاع.
وفي منشوره عبر منصة "إكس"، عقب مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة، قال لازاريني: "السلطات الإسرائيلية تمنعني من الدخول إلى غزة"، لافتًا إلى أن "المجاعة وشيكة في شمال قطاع غزة".
وكان مدير الوكالة الأممية، قال في المؤتمر الصحافي الذي بثته قناة "القاهرة" الخاصة: إنه كان يعتزم التوجه إلى رفح اليوم الإثنين، لكن تم إبلاغه قبل ساعة برفض الدخول.
واستدرك شكري قائلًا في المؤتمر الصحافي ذاته: "ليكون الأمر واضحًا وجليًا، الحكومة الإسرائيلية هي التي منعت وليس مصر، وهذا موقف غير مسبوق ضد مسؤول أممي".
وأكد شكري أهمية استمرار عمل الوكالة لمواصلة مسؤوليتها تجاه فلسطين، محذرًا المجتمع الدولي من خطورة اختفائها.
ومنذ 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، علقت 18 دولة والاتحاد الأوروبي تمويلها للوكالة الأممية، على خلفية مزاعم إسرائيلية بأن عددًا من موظفيها شاركوا في عملية "طوفان الأقصى" في مستوطنات محاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، فيما أعلنت الوكالة أنها تحقق في تلك المزاعم.
وتأتي الادعاءات الإسرائيلية تجاه "أونروا" بينما يشن الاحتلال منذ ذلك التاريخ، عدوانًا على قطاع غزة، خلف آلاف الشهداء والجرحى معظمهم أطفال ونساء، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية.
وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وفوضت لها تقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.
الأمم المتحدة تحذر من وضع غذائي "كارثي" لنصف سكان غزة
في غضون ذلك، يعاني نصف سكان غزة من جوع "كارثي"، بينما يُتوقع أن تضرب المجاعة شمال القطاع "في أي وقت" في الفترة الممتدة حتى مايو/ أيار في غياب أي تدخل عاجل للحؤول دون ذلك، وفق ما جاء في تقييم أمن غذائي نشرته وكالات متخصصة في الأمم المتحدة الإثنين.
وقالت نائبة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بيث بيكدول إن "وجود 50% من كامل السكان عند مستويات كارثية قريبة من المجاعة، هو أمر غير مسبوق".
ويعادل ذلك حوالي 1,1 مليون فلسطيني يعانون "انعدامًا كارثيًا للأمن الغذائي" بسبب الحرب، وفق تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، وهو الرقم الأعلى الذي يسجله التصنيف الذي يعرف المجاعة على أنها "مواجهة السكان سوء تغذية على نطاق واسع وحدوث وفيات مرتبطة بالجوع بسبب عدم الوصول إلى الغذاء".
وفي النسخة السابقة من التقرير التي نشرت في ديسمبر/ كانون الأول، اعتبر برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة أن المجاعة "مرجّحة" بحلول نهاية مايو في شمال قطاع غزة.
وقال التقرير الذي نشر اليوم: "المجاعة وشيكة في المناطق الشمالية ويُتوقع أن تحدث في أي وقت بين منتصف مارس/ آذار ومايو 2024" ما لم يتم القيام بشيء للحؤول دون حصولها.
ويعد الوضع في شمال غزة صعبًا على وجه الخصوص. وقالت بيدكول: "إذا لم يحصل تغيير في عمليات تسليم المساعدات الإنسانية، فستحدث المجاعة".
وأضافت: "قد تكون بدأت في الشمال لكننا لم نتمكن بعد من التحقق من ذلك"، بسبب عدم إمكان الوصول إلى المناطق المعنية.
من جهتها، حذرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين في بيان من أن معايير التصنيف المرحلي المتكامل لإعلان مجاعة لم تُستَوفَ تقنيًا، لكن "سكان غزة يموتون من الجوع".
ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن واحدًا من كل ثلاثة أطفال في شمال القطاع يعاني سوء تغذية وأن "سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة يتزايد بوتيرة قياسية".
مساعدات ضئيلة
وبحسب منظمة أوكسفام غير الحكومية، فقد دخلت 2874 شاحنة إلى القطاع في فبراير/ شباط، أي ما يعادل "20% فقط من المساعدات اليومية" التي كانت تدخله قبل 7 أكتوبر.
وفي هذا الإطار، أوضح برنامج الأغذية العالمي أن "نافذة ضيقة" ما زالت موجودة لمنع المجاعة. وبالتالي، "نحن نحتاج إلى وصول فوري وغير مقيّد إلى الشمال. إذا انتظرنا حتى إعلان المجاعة، سيكون الأوان قد فات وسيموت آلاف آخرون"، وفق سيندي ماكين.
وأشارت بيكدول إلى أن "وقفًا إنسانيًا فوريًا لإطلاق النار" سيتيح "دخول ما يكفي من الغذاء والدواء ومياه الشرب إلى القطاع" لتجنب مجاعة، لكن وقفًا للقتال "لا يبدو مرجحًا في الأيام أو الأسابيع المقبلة".
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه من أجل تأمين الحاجات الغذائية الأساسية، يجب إدخال "300 شاحنة على الأقل يوميًا" إلى غزة، خصوصًا إلى الشمال حيث تمكنت المنظمة من نقل 9 قوافل مساعدات فقط منذ بداية العام. ووصلت آخر 18 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية مساء الأحد إلى مدينة غزة.
وفي محاولة لتوصيل المزيد من المساعدات، تنفّذ عمليات إنزال جوي لمواد غذائية، وبدأ المجتمع الدولي توصيل إمدادات عن طريق البحر.
لكنّ هذا الممر الإنساني البحري الذي فتح من قبرص، البلد العضو في الاتحاد الأوروبي والأقرب إلى قطاع غزة بين دول الاتحاد، لا يغيّر الوضع، بحسب بيرث بيكدول التي شدّدت على أن عمليات الإنزال الجوي للمساعدات وتسليمها عن طريق البحر "هي رمزية أكثر من كونها حلًا شافيًا".