تمكن ثلاثة فلسطينيين من الوصول إلى شارع حيوي في محيط مستوطنة معاليه أدوميم في القدس المحتلة أكبر المستوطنات الإسرائيلية الخميس، وقتلوا مستوطنًا وأصابوا آخرين بجروح متفاوتة، ليستشهد اثنان ويصاب المنفذ الثالث.
وجاءت العملية المعقدة والصعبة وفق جهاز الشاباك بعد أيام قليلة فقط من عملية كريات ملاخي التي أسفرت عن ثلاثة قتلى وإصابة آخرين ضمن سلسلة من العمليات الفلسطينية في سياق استمرار التوتر في الضفة وتواصل اقتحامات المخيمات والمدن.
وأشادت الفصائل الفلسطينية بالعملية، وقالت إنها رد طبيعي على جرائم الاحتلال في مدن وبلدات الضفة الغربية والقدس، وانتقامًا لضحايا العدوان على غزة، محذرة في الوقت نفسه من انفجار الأوضاع في وجه حكومة الاحتلال مع اقتراب شهر رمضان الذي يهل في 11 من الشهر المقبل.
في المقابل، طالب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش برد أمني حازم واستيطاني وفق تعبيره، والموافقة على خطط بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، بينما دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى الاستمرار في منح المستوطنين الأسلحة لحماية أنفسهم، وفق زعمه.
وتبرز تصريحات أعضاء حكومة الاحتلال، أن إسرائيل تواجه التوتر المتصاعد في الأراضي المحتلة بمزيد من القوة والقيود الأمنية ضد الفلسطينيين.
فحكومة اليمين تصر على إسقاط أي محاولة لإقامة دولة فلسطينية، وتوجد واقعًا يعزز هذا التوجه على الأرض من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية والقدس بمزيد من المستوطنات والحواجز، ومصادرة أراض جديدة، والتضييق على المصلين مع قدوم شهر رمضان ما ينذر باشتعال الأوضاع أكثر فأكثر.
وضع وصل إلى حافة الانفجار
وفي هذا الإطار، يرى أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن "هذه العملية هي من تداعيات العدوان على قطاع غزة وفي ظل تصاعد العدوان في الضفة الغربية".
ويشير مجدلاني في حديث إلى "العربي" من رام الله إلى أن "هناك 150 ألف مستوطن مسلح وهم مليشيات تابعة لجيش الاحتلال، وبالتالي الوضع في الضفة وصل حافة الانفجار، نتيجة التداخل للمدن الفلسطينية والمستعمرات في الضفة والقدس".
ويعتبر مجدلاني، أن "المناخ الذي خلقته عملية السابع من أكتوبر أعاد القضية الفلسطينية على الجدول الدولي وإقامة دولة فلسطينية وسط تصاعد للمواقف الدولية الرافضة للاستيطان، وخاصة أن مشكلة الاستيطان هي سياسة رسمية للحكومات الإسرائيلية إذ أن برنامج الحكومة الحالي هو برنامج استيطان ويسمى حسم الصراع بدلًا من إدراته".
ويدعو الولايات المتحدة لتطبيق إجراءاتها ومواقفها بخصوص الاستيطان بشكل كامل على الحكومة الإسرائيلية الحالية.
ويشدد على ضرورة "عدم الانجرار إلى مربع العنف المسلح الذي يريده الاحتلال، إضافة إلى تعزيز المقاومة الشعبية في القرى والمخيمات".
"رد فعل طبيعي"
بدوره يقول حسن المومني أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، إن "التحدي الأكبر راهنًا يتمثل بالإجراءات التي تنفذها إسرائيل بحق الفلسطينيين".
ويضيف المومني في حديث إلى "العربي" من عمّان: "الكل يعلم أن كل تفصيل من تفاصيل القضية الفلسطينية يلامس المصلحة الوطنية الإستراتيجية الأردنية، وخاصة أن الأردن يتعاطى مع ذلك ضمن سياقات سياسية وقانونية وعسكرية".
ويرى أن العلاقة بين الأردن وإسرائيل ليست على ما يرام، في ظل الحديث الأردني عن خطورة تهجير أهالي غزة.
وينوه المومني إلى أن "الأردن لطالما تعامل مع قضية التهجير على أنها كابوس، ويرفض ذلك بل وعزز وجوده الأمني على الحدود خشية التصادم مع إسرائيل".
ويقول: "طالما هناك احتلال فإن مسألة العنف تحصيل حاصل، خاصة وأن من حق الفلسطينيين مقاومة الاحتلال، ولذلك العمليات التي نشهدها هي رد فعل طبيعي".
"نتنياهو رهينة اليمين المتطرف"
بدوره رأى أنطوان شلحت الباحث في الشؤون الإسرائيلية "أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو يوصف بأنه رهينة بيد اليمين المتطرف، لأنه يعلم أنه بدون الخضوع لمطالبه لن يستمر في الحكومة وبالتالي يتماشي مع كل ما يطلبونه".
وأضاف في حديث إلى "العربي" من عكا: "ما يجري من انتهاكات في القدس هو رأس جبل الجليد مما يجري بالضفة الغربية من ممارسات متطرفة تتعلق بمأسسة الضم والاستيلاء على مزيد من الأراضي".
وأشار شلحت إلى "أن الاتفاقيات الائتلافية داخل الحكومة الإسرائيلية تجري بحذافيرها، ويضاف لذلك محاولات السيطرة على المنطقة ج والتي يقال إنها ستكون موضع مفاوضات عندما يتم التفاوض حول إقامة دولة فلسطينية".
وخلُص إلى أن "العملية اليوم في معاليه أدوميم هي عملية حتمية بسبب ممارسات المستوطنين وما يتم من خطوات لتغير الوضع القائم في المسجد الأقصى".