بعدما تحوّلت حوادث اقتحام البنوك والمطالبة بالودائع المجمدة في لبنان إلى مشهد يومي، شهد اليوم الجمعة عدة اقتحامات تكرر فيها السيناريو نفسه؛ إشهار سلاح واحتجاز موظفين ومفاوضات مع القوى الأمنية للحصول على الأموال.
على الإثر، أعلنت المصارف اللبنانية أنها ستغلق أبوابها لثلاثة أيام خلال الأسبوع المقبل جرّاء مخاوف أمنية.
سلاح ومطالبات بالمدخرات
في تفاصيل يوم الاقتحامات، أشار مراسل "العربي" إلى اقتحام مودع لـ "بنك لبنان والخليج" في منطقة الرملة البيضاء مسلحًا ببندقية مطالبًا بمدخراته.
وفي الطريق الجديدة، دخل مسلح إلى بنك "لبنان والمهجر"، بحسب المصرف الذي أشار إلى أن "الوضع تحت السيطرة".
وقال محتجز الموظفين لـ "العربي"، إنه لن يخرج دون الحصول على الأموال، لافتًا إلى أن قيمة وديعته ما قيمته 300 ألف دولار، وإنه ارتضى الحصول على 50 ألف دولار منها.
وكان البنك قد أفاد في بيان لـ"رويترز" بأن قوات الأمن موجودة في المكان، وتتفاوض مع الرجل لحثه على مغادرة البنك.
وصباحًا، سلّم مودع آخر نفسه للقوى الأمنية بعدما تمكن بقوة السلاح من تحرير وديعته، وقدرها 19 ألف دولار أميركي، من مصرف "بيبلوس" في منطقة الغازية جنوبي لبنان.
وتتواتر الأخبار عن اقتحامات أخرى من بينها لبنك "أنتركونتيننتال" في البترون، و"لبنان والمهجر" في الكونكورد، و"اللبناني الفرنسي" في الكفاءات و"لبنان والخليج" الحمرا.
كما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع حدوث إطلاق نار في فرع مصرف "ميد" (مجموعة البحر المتوسط) في بلدة شحيم في جبل لبنان. وأشارت جمعية المودعين، عبر منشور على فيسبوك، إلى اقتحام ملازم أول في الجيش للبنك في شحيم.
وتزايدت في الآونة الأخيرة حوادث اقتحام المودعين في لبنان لفروع البنوك من أجل الحصول على ودائعهم المجمدة.
وتمنع البنوك اللبنانية المودعين من السحب من مدخراتهم، منذ أن عصفت أزمة مالية بالقطاع المصرفي قبل 3 سنوات.
هذا الواقع جعل الكثير من اللبنانيين غير قادرين على دفع تكاليف الاحتياجات الأساسية، فيما لم تنجح السلطات حتى الآن في معالجة الأزمة.
"نتجه إلى الانهيار التام"
تعليقًا على الأوضاع في البلاد، يقول المحلل الاقتصادي زياد ناصر الدين، "نحن نتجه إلى انهيار تام في لبنان بعد الانهيار الأول والثاني، اللذين حصلا في العامين السابقين".
ويشير في حديثه لـ "العربي" من بيروت، إلى عدم وجود أي خطة أو توجه لإصلاح الوضع، وغياب رؤية لكيفية إعطاء المودعين حقوقهم، والتضخم المخيف الذي وصل إليه لبنان والانهيار المتسارع وارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار العملة اللبنانية، وغياب الخدمات التعليمية والصحية وضعف الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص.
ويعتبر أن النتائج اليوم متوقعة لما يحصل في البلاد، في ظل عدم وجود أي قرار حكيم لمعالجة مفيدة، لأن السياسة النقدية والمالية أوصلتنا إلى هذه النتائج الكارثية.
وبينما ينفي وجود حلول سريعة آنية قد تجنب لبنان هذا الانهيار، يتدارك بالإشارة إلى أنه قد تكون هناك قرارات تحد من هذا الانهيار يجب بدء العمل بها.
ويضيف: لكن للأسف الواقع اللبناني اليوم هو أن هناك دراسة لموازنة تحاكي واقع كيفية التعامل مع صندوق النقد الدولي، ولا تحاكي واقع كيفية التعامل مع الداخل اللبناني.
ويتوقف عند التوجه لفرض ضرائب كبيرة في ظل هذا الانهيار المتسارع، الأمر الذي سيؤدي برأيه إلى نتائج سلبية.