تزامنًا مع المناقشات السياسية التي تُجريها قيادات طالبان وسياسيون أفغان حول المستقبل السياسي بعد سيطرة الحركة على البلاد، برزت إلى الواجهة مشكلة تغيير العلم الوطني واعتماد علم طالبان. وهي إشكالية لا تقلّ أهمية عن الشقّ السياسي، خاصّة وأنها أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في تظاهرات سلمية من أجل الدفاع عن العلم الوطني.
وكان لافتًا ما قاله القيادي البارز في حركة طالبان عمار ياسر، عن أنّ "قضية العلم قضية صغيرة يمكن احتواؤها، وطالبان ستتناقش حولها"، مشيرًا إلى أن تغيير العلم "ليس أمرًا صعبًا، وقد تكرّر ذلك مرارًا في تاريخ أفغانستان".
ومنذ عام 2002، بعد سقوط حكم طالبان السابق، تعتمد الحكومة الأفغانية نسخة محدّثة من العلم الذي اعتُمد في عهد الملك أمان الله خان بين عامي 1928-1926. ويحمل العلم الحالي ثلاثة ألوان، الأخضر والأحمر والأسود، يتوسّطه الشعار الوطني لأفغانستان.
أما علم طالبان فهو راية بيضاء تتوسّطها الشهادتان باللون الأسود، وقد اعتمدته منذ عام 1997.
كيف تطوّر العلم الأفغاني عبر التاريخ؟
تأسست إمارة أفغانستان بين عامي 1880 و1926. وتوالى على حكمها 3 حكام، عبد الرحمن خان، وابنه حبيب الله خان، ثم حفيده الملك أمان الله خان.
وفي عهد عبد الرحمن خان تمّ اعتماد راية سوداء علمًا لإمارة أفغانستان. بينما اعتمد حبيب الله خان، خلال فترة حكمه بين عامي 1901-1919، علم والده عبد الرحمن خان، مضيفًا إليه ختمًا يُشبه الختم المستخدم في العلم الحالي للبلاد.
بدوره، أضاف الملك أمان الله خان من عام 1919 حتى عام 1926 إلى علم والده حبيب الله خان خطوطًا على شكل أشعة منبثقة من الختم الذي يُشكّل نجمة ثمانية. وهو نوع من الأختام التي كانت شائعة في عهد الدولة العثمانية.
في عام 1926، تحوّلت أفغانستان من إمارة إلى مملكة في عهد الملك أمان الله خان، الذي اعتمد ثلاثة أعلام خلال فترة حكمه للمملكة بين عامي 1926 و1929.
بين عامي 1926 و1928، أزال أمان الله خان الخطوط التي تُشكّل نجمة ثمانية، واستبدلها بإكليل وبعض التعديلات في الختم الوطني.
عام 1928، اعتمد أمان الله خان علمًا يتميّز بألوانه الثلاثة الأسود والأحمر والأخضر، من أعلى إلى أسفل، يتوسّطه ختم عبارة عن مزيج من الختمين السابقين (الشعار الوطني، والنجمة الثمانية).
وبين عامي 1928و1929، استقرّ أمان الله خان على العلم بألوانه الثلاثة الأسود والأحمر والأخضر، لكن بختم جديد هو عبارة عن شمس تسطع فوق جبال مغطاة بالثلوج، في إشارة إلى بداية جديدة للمملكة.
عام 1929، اختار حبيب الله كلكاني، العلم الذي كان معتمدًا في القرن الثالث عشر عندما كانت أفغانستان تحت الاحتلال المنغولي. ويتميّز العلم بألوان ثلاثة هي: الأبيض والأسود والأحمر (من اليمين إلى اليسار).
بين أعوام 1929-1937، اعتمد محمد نادر شاه علمين خلال فترة حكمه. الأول يتميّز بألوانه الثلاثة الأخضر والأحمر والأسود (من اليمين إلى اليسار)، مع بعض التعديلات على الختم المأخوذ من العلم الأول للملك أمان الله خان. أما الثاني، فتم إدخال التعديلات عليه من جهة الختم وأهمها إضافة التاريخ الهجري 1348، والذي يرمز إلى بداية حكم أسرة محمد نادر شاه.
عام 1973، تم إعلان جمهورية أفغانستان، واعتمد خلال الفترة الممتدة بين 1973 و1978 علمان. الأول مطابق للعلم السابق، مع حذف التاريخ الهجري منه. والثاني يتميز بألوانه الثلاثة الأسود والأحمر والأخضر (من أعلى لأسفل)، مع ختم في أعلى يسار العلم.
عام 1978، قُتل الرئيس الأفغاني آنذاك محمد داود خان في انقلاب قاده الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني. وتمّ إعلان جمهورية أفغانستان الديمقراطية. واعتمد خلال هذه الفترة العلم السابق لكن من دون ختم.
بين عامي 1978 و1980، جرى اعتماد علم جديد شبيه بالأعلام الاشتراكية، مع ختم في أعلى يساره تتوسّطه كلمة "خلق" أي: البشر أو الناس.
عام 1992، أُعلنت دولة أفغانستان الإسلامية. واعتُمد علم يتكوّن من الأخضر والأبيض والأسود (من أعلى إلى أسفل). تعلو الجزء الأخضر كلمة "الله أكبر"، وفي الجزء الأوسط أضيفت الشهادتان.
في الفترة الممتدة من 1992 إلى 2001، تمّ تشكيل دولة أفغانستان الإسلامية/التحالف الشمالي والتي اعتمدت ألوان العلم السابق، مع مزيج مكوّن من الشعار الوطنية والشهادتين، واسم الدولة الرسمي "دا أفغانستان اسلامی دولت"، والتاريخ الهجري.
وخلال فترة حكم طالبان من الفترة الممتدة بين 1996 إلى 2001، اعتمدت طالبان علمين الأول عبارة عن راية بيضاء، ثمّ أضافت الشهادتين إلى العلم باللون الأسود.
عندما تشكّلت الحكومة الانتقالية بين عامي 2002 و2004، اعتُمد علم من ثلاثة ألوان، الأخضر والأحمر والأسود (من اليمين إلى اليسار)، يتوسّطه الشعار الوطني لأفغانستان، وهو العلم الحالي للبلاد.