أكد المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة أنّ وجود قيادة وطنية فلسطينية موحدة لا تقبل إلا بالحل العادل سيفشل المخطط الإسرائيلي لما بعد الحرب.
وأوضح في حديث إلى "العربي"، ضمن التغطية المفتوحة للعدوان الإسرائيلي المستمرّ على قطاع غزة، أن إسرائيل تسعى للتعامل مع أطراف محلية في غزة مدعومة من دول التطبيع لتمثل الإدارة المقبلة للقطاع.
لكنه أشار إلى أنّ الفلسطينيين قادرون على منع هذا السيناريو، داعيًا في هذا السياق إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة تشكل مرجعية سياسية لأي حكومة مقبلة، "وإلا ستمرّ المؤامرة".
وقال إنّ حركة حماس لن تشارك في حكومة في ظل الاحتلال، ولكنّها تشارك في قيادة وطنية فلسطينية من نوع منظمة التحرير أو في إطار منظمة التحرير، مع حكومة تكنوقراط توافقية تدير الضفة وقطاع غزة تحت سقفها.
وعلق بشارة على أجواء التفاؤل باقتراب صفقة تبادل الأسرى، مشيرًا إلى أنّ الضغط الأميركي دفع إسرائيل على ما يبدو إلى الموافقة على أمور كانت ترفضها سابقًا.
ولفت إلى أنّ مباحثات صفقة التبادل تركز على عدد الأسرى وعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، معتبرًا أنّ هذه المباحثات تجري الآن على أساس مقترح أميركي وهو ما يشكل ضغطًا على إسرائيل.
مع ذلك، رأى بشارة أنّه لا يوجد ضغط أميركي حقيقي على إسرائيل، ملاحظًا أنّ المواقف العربية لا تدفع واشنطن إلى ذلك.
وشدّد على أنّه لا يوجد أي شيء يمكن أن يبرر ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، لافتًا إلى أنّ إسرائيل تستخدم أسلحة تكاد تكون غير مسبوقة في حربها على قطاع غزة، من بينها سلاح التجويع ضد الفلسطينيين.
وفيما أشار إلى أنّ عملية طوفان الأقصى ضربت المخططات الإسرائيلية لتهميش القضية الفلسطينية، رأى أنّ من يرفض فكرة المقاومة الفلسطينية من الأساس لا يحق له أن يناقش جدوى عملية طوفان الأقصى.
الصفقة والوساطة بين باريس والقاهرة والدوحة
من التسريبات حول الصفقة والوساطة بين باريس والقاهرة والدوحة، انطلق الدكتور عزمي بشارة في حديثه إلى "العربي"، حيث أكّد أنّ إسرائيل تراجعت بالفعل عن بعض ممّا تراجعت عنه سابقًا، في إشارة إلى الاقتراحات التي تم الاتفاق عليها في اجتماعات باريس الأولى.
وذكّر بأنّ إسرائيل كانت قد تراجعت عن بعض الأفكار التي شاركت في صياغتها، على غرار موضوع السماح للغزّيين بالتنقل من الجنوب إلى الشمال والعودة لبيوتهم، وكذلك موضوع الإغاثة للشمال، كما تراجعت أيضًا عن مجموعة من الأمور المرتبطة بعدد الأسرى الذين ستطلقهم مقابل إطلاق عدد من المحتجزين في قطاع غزة.
ولم يستبعد بشارة أن يكون الضغط الأميركي لعب دورًا في دفع إسرائيل إلى الموافقة على أمور كانت ترفضها سابقًا، لكنه لفت إلى أنّه لا يزال غير واضح إلى أيّ مدى يمكن أن تذهب إسرائيل في موافقتها. وأوضح أنّ ثمّة قضيتين رئيسيتين مطروحتان الآن للنقاش والتوافق وهما عودة النازحين إلى الشمال، وعدد الأسرى.
وقال بشارة إن الأميركيين بدأوا يدخلون بالتفاصيل بالنسبة للموضوع الأول، لدرجة الحديث عن كيفية عودة النازحين وتوقيت ذلك، بل عن توزيع الأغذية وتوفير مساكن (كرفانات) للناس في الشمال.
أما بالنسبة لموضوع الأسرى والمحتجزين، فقال بشارة إن حماس في ورقتها السابقة تحدثت عن إطلاق إسرائيل 1500 سجين من ضمنهم 500 من ذوي الأحكام العالية، لكنّ إسرائيل قلّصت العدد إلى حوالي 180 فقط ثمّ رفعته إلى 250.
لكن بحسب بشارة، فإنّ الولايات المتحدة رفعت هذا العدد إلى عدة مئات، وإن لم يصل إلى الرقم المتداول إعلاميًا، أي بحدود الألف.
معاناة الناس أولوية في ظلّ "سلاح التجويع"
وأعرب بشارة عن اعتقاده بأنّ ثمّة مسعى إسرائيليًا لتكون الهدنة متزامنة مع شهر رمضان، بمعنى أن تكون المرحلة الأولى في شهر رمضان، مشيرًا إلى أنّه لا يزال على قناعته بأنّ إسرائيل ستكتفي على الأرجح بالمرحلة الأولى، من دون المرحلتين الثانية والثالثة.
ولفت إلى أنّ التركيز هو على المرحلة الأولى فقط، في ظلّ تشديد إسرائيل على رفض الحديث الصريح عن وقف لإطلاق النار، الذي تريد أن يبدأ الحديث بشأنه والنقاش حوله مع بداية المرحلة الثانية، وليس قبل ذلك، ومن دون وجود أيّ ضمانات ملموسة لذلك.
ورأى أنّ الترويج لأجواء التفاؤل إسرائيليًا قد يكون في جانب منه، يهدف لإحراج الطرف الثاني، أي حركة حماس، لإظهارها وكأنّها من عطّلت الهدنة في حال فشل الموضوع، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن مباحثات الهدنة تجري الآن على أساس مقترح أميركي، وهو ما يشكل ضغطًا على إسرائيل.
وشدّد على أن الأمر الذي يلعب دورًا أساسيًا الآن بالنسبة للفلسطينيين عمومًا، والطرف المفاوض ضمنًا، هو معاناة الناس التي وصلت لحد التجويع، لافتًا إلى أنّ إسرائيل تستخدم أسلحة غير مسبوقة تقريبًا في العصر الحديث منها سلاح التجويع.
وقال انطلاقًا من ذلك، إنّ للناس كل الحق في الغضب على ما يتعرضون له والتواطؤ الدولي أو الصمت إزاء ما يجري من دون فعل أمور بسيطة مثل إجبار إسرائيل على السماح بدخول الإغاثة، أو منع تجويع الفلسطينيين.
وأضاف: "هذا ما يطرح حاليًا ومن حقنا أن نعدّ مسألة معاناة الناس في هذه المرحلة قضية أولى يجب أن تُعالَج من دون التخلي عن الثوابت التي تهمّ المقاومة".
هدنة غزة والهجوم على رفح
وتوقف المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عند الهجوم المحتمل على رفح، حيث أشار إلى أن ما تقوله إسرائيل هو أنّ الهدنة مهما كان طولها تؤجل عملية رفح ولا تلغيها.
ولفت إلى أنّ ما تقوله إسرائيل وعمليًا كل كابينت الحرب، هو أن الحرب يجب أن تستمر إلى أن تحقق أهدافها، بل إنّ أحد أسباب موافقة إسرائيل على عودة نازحين إلى الشمال هو سعيها لتقليل عدد الموجودين في رفح.
وانطلاقًا من ذلك، تساءل بشارة عمّا إذا كانت حركة حماس يمكن أن تقبل بهدنة تحت هذا السقف، وبمعنى آخر أن تقبل بفكرة أنه في نهاية المرحلة الأولى يتم التفاوض على إنهاء الحرب وليس وعدًا بإنهاء الحرب.
وقال: "سنرى، والجواب سيكون عندهم، لكن بالنسبة للإسرائيليين لن تنتهي الحرب فهم يريدون أن يستكملوا احتلال قطاع غزة ويريدون أن يفرضوا إدارة محلية على قطاع غزة تابعة أمنيًا لإسرائيل أو تشرف عليها إسرائيل".
وأضاف: "طالما المقاومة الفلسطينية قادرة على مقاومة ذلك سيواصلون الحرب"، لافتًا إلى أنّه لا يرى حتى الآن ضغطًا دوليًا حاسمًا يجبر إسرائيل على وقف الحرب.
وفي السياق نفسه، أشار إلى أنه لا يوجد موقف أميركي يردع إسرائيل عن القيام بعملية برية في رفح، كما أنه لا يوجد موقف مصري واضح أيضًا بمنع إسرائيل من القيام بعملية برية في رفح، أو باعتبار أيّ هجوم من هذا النوع خرقًا لاتفاقية كامب دايفيد.
وقال: "تتحدّث الولايات المتحدة عن خطة لتأمين المدنيين، ولكن لا يوجد موقف حاسم يعارض الهجوم على رفح ويحذر منه أو يوجّه إنذارًا". وأضاف: "لا يمكن أن توقف إسرائيل الحرب طالما لا يوجد ضغط عربي أو دولي فيه تحذيرات واضحة من استمرار الحرب".
طرح نتنياهو عن اليوم التالي
ومن الهجوم المحتمل على رفح، انتقل الدكتور بشارة إلى طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لما يسمّى بـ"اليوم التالي"، أي مرحلة ما بعد الحرب، حيث لفت إلى أنّه أقرب إلى "إعلان النوايا" منه إلى "الخطة الحقيقية".
ولفت إلى أن نتنياهو الذي وصفه بالمجرم والكاذب يريد أن يظهر وكأنه القائد الذي لا يخاف أن يطرح أفكاره، منتقدًا ما قاله في حديثه الأخير عن "الطلبات الخيالية" لحماس، وكأنّ المطلوب منها أن تسلّم برغبته بالقضاء عليها.
ولاحظ بشارة كيف أن نتنياهو نجح في استمالة أطراف المعارضة للتصويت معه في الكنيست بموضوع رفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبرًا أنّ الأمر الرئيسي في طرحه يقوم على أنه "لن يكون هناك سوى سيطرة أمنية إسرائيلية غربي النهر" أي في كامل فلسطين.
وفيما اعتبر أنّ نتنياهو يخطّط أيضًا أن تكون هناك قوى محلية تدير قطاع غزة تحت إشراف أمني إسرائيلي، ألمح إلى أنّ هناك سعيًا إسرائيليًا للتعامل مع أطراف محلية في غزة مدعومة من دول التطبيع لتمثل الإدارة المقبلة للقطاع.
وقال: "يتحدث نتنياهو عن دول لديها خبرة في مكافحة التطرف، وهو يقصد بطبيعة الحال دول التطبيع القديمة والحديثة، كما يتحدّث أيضًا عن قوى محلية جاهزة للتعاون مع هذه الدول ومعه، وواضح هنا أيضًا من يقصد".
لكنّه اعتبر أن نجاح هذا المخطط من عدمه يرتبط بوعي القيادات الفلسطينية لما يُحاك.
تحويل المأساة في غزة إلى فرصة
وشدّد الدكتور بشارة في هذا السياق، على أنّ وجود وحدة وطنية فلسطينية ترفض هذا المخطط يساعد على إفشاله، بل من شأنه تحويل المأساة في غزة إلى فرصة، بمعنى أن تتحول معاناة الناس في غزة إلى ضريبة على المجتمع الدولي أن هذه القضية لا يمكن تجاهلها وتحتاج إلى حل.
وذكّر بأنّ الإنجاز الوحيد مما حصل منذ السابع من أكتوبر هو أنهم أعادوا فرض قضية فلسطين على جدول الأعمال الدولي، إذ إنّ العالم كله بات يعترف أنها بحاجة إلى حل، وبالتالي فالمطلوب وجود قيادة فلسطينية موحدة تفرض حلاً عادلاً.
وحذّر بشارة من أنّه "إذا بقي الوضع كما هو الآن سيكون هناك أساس لتنفيذ هذه الخطة"، مشدّدًا استنادًا إلى ذلك، على ضرورة وجود قيادة وطنية فلسطينية بغض النظر عن الخلافات السياسية وحتى الخلاف عمّا حصل في 7 أكتوبر، لأنّ مثل هذا الأمر يمكن أن يحول كل هذه المعاناة إلى رصيد كبير للشعب الفلسطيني دوليًا وإقليميًا.
وفيما استبعد بشارة ما يُحكى عن إشراك حركة حماس في إدارة القطاع في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأمنية الإسرائيلية، قال إنّ الأمر الممكن هو أن تنشأ وحدة وطنية فلسطينية، وحكومة تكنوقراط محايدة لا تكون حماس فيها.
وقال إنّ حركة حماس لن تشارك في حكومة في ظل الاحتلال، ولكنها تشارك في قيادة وطنية فلسطينية من نوع منظمة التحرير أو في إطار منظمة التحرير، كما تسمح بحكومة تكنوقراط توافقية تدير الضفة وقطاع غزة، تحت سقف مرجعية سياسية تفاوض على حل عادل وليس أقلّ من ذلك.
وقال بشارة إنّ اقتراحات ذهبت بهذا الشأن إلى الرئيس الفلسطيني، من دون أن يُعرَف جوابه عليها، مشدّدًا على أنّ القضية هي قضية إرادة بالمقام الأول لاستغلال الفرصة المُتاحة الآن لفرض الحل العادل.
نتنياهو معني بسقوط بايدن وقدوم ترمب
في سياق آخر، قلّل بشارة من تأثير كل المواقف الأميركية على مسار الحرب على غزة، موضحًا أنّ كل الاشتراطات التي وضعتها واشنطن على نتنياهو تحولت إلى مجرد بلاغة، إذ إنّ دعمها الآن غير مشروط لإسرائيل ويستفيد منه رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وقال إنه لا توجد أي بوادر لضغط أميركي حقيقي على إسرائيل في هذه القضية، موضحًا أنّهم "قد يقولون إنهم نظريًا مع دولة فلسطينية ومع حل الدولتين لكن كل هذا مجرد كلام، فما يجري على الأرض يفرغ فكرة الدولة الفلسطينية من أي مضمون".
ولفت إلى أنّ نتنياهو "افتخر" أنه قوّض احتمالات إقامة دولة فلسطينية، وهو ليس معنيًا بتقديم أيّ "هدايا" للرئيس جو بايدن في موسم الانتخابات الأميركية، ولا سيما أنّه يريد سقوط بايدن، وقدوم منافسه الرئيس السابق دونالد ترمب.
وقال: "هو من اللؤم وإنكار الجميل إلى درجة أنه مستعد أن يبتسم ابتسامات صفراء لبايدن ولكن في النهاية هو معني أن يأتي ترمب ولذلك فهو لن يساعده في الانتخابات، كما أنه يريد الحفاظ على قاعدته السياسية والاجتماعية التي بيّنت كل الاستطلاعات أنها ترفض أي دولة فلسطينية".
وفيما رأى بشارة أنّ تنفيذ نتنياهو لمخططه ليس مرتبطًا بموقف واشنطن، بل بالمقاومة الفلسطينية، وبإرادة الشعب الفلسطيني ووحدته، وبالموقف العربي، لاحظ أنّ هذا الموقف غائب، مشيرًا إلى أنّ العالم العربي لا يمنح واشنطن مثلاً أسبابًا للضغط على إسرائيل.
على العكس من ذلك، ألمح بشارة إلى أنّ هناك قوى عربية جاهزة للتفاهم مع نتنياهو، مذكّرًا بأنه قبل طوفان الأقصى كان هناك اجتماعات وتحالفات عربية إسرائيلية ومشاريع مشتركة تجاوزت التنسيق الأمني، بل كان هناك تصورات مشتركة تحوّلت معها قضية فلسطين إلى تفاصيل.
وفيما لفت إلى أنّ هناك من يعتبر أنّ عملية طوفان الأقصى أفسدت الترتيبات التي كانت جارية، ويريد العودة إلى مرحلة ما قبلها، أشار إلى أنّ بعض الدول العربية تذرف "دموع التماسيح" على الفلسطينيين، متحدّثًا عن معايير مزدوجة في هذا الإطار، ولا سيما أنّ التضامن مع فلسطين ممنوع في بعض هذه الدول، بل إنّ رفع العلم الفلسطيني يُعتبَر جناية فيها.
أسئلة الجدوى في سياق مواجهة الاحتلال
وفي المحور الأخير من حديثه لـ"العربي"، ناقش المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أسئلة الجدوى في سياق مواجهة الاحتلال، في إشارة إلى عملية السابع من أكتوبر، والحسابات التي انطوت عليها، أو انبثقت عنها.
ورأى بشارة في هذا السياق أن من يرفض فكرة المقاومة الفلسطينية من الأساس لا يحق له أن يناقش جدوى عملية طوفان الأقصى، قائلاً: "إذا كنت لا تشكّك بحق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال وكان لديك ملاحظات على عملية 7 أكتوبر، فهذا نقاش مشروع، لكن المفارقة أنّ من يقوم به علنًا وبقوة هو أصلًا ضد المقاومة بكل أشكالها، ومع التطبيع مع إسرائيل".
وشدّد على أنّه لا يوجد حريص على القضية انخرط في هذا النقاش بعد أن بدأت إسرائيل بالحرب حتى لا يلتقي مع التبرير الإسرائيلي للحرب، مؤكدًا أنّ من لديه الحق في أن يناقش أساليب المقاومة هو من يؤيدها من حيث المبدأ، لا من هو ضدّها بالمطلق".
وشدّد بشارة على عدم جواز إعفاء المجرم الحقيقي، الذي يقصف المستشفيات والمدارس، من المسؤولية، وبالتالي نقاش قضايا من هذا النوع في ظلّ الجريمة الكبرى التي تُرتَكَب ضدّ الشعب الفلسطيني، مضيفًا: "لا يعقل في هذه الظروف أن ننشغل بلوم الضحية، ولوم المُحاصَرين الذين اختاروا مبدأ المقاومة".
وتوجّه إلى من يناقش هذه العملية بهذه الطريقة، فيما يؤيد الثورة السورية لأسباب أخرى، بالسؤال عمّا إذا كان يسأل بالطريقة نفسها إن كان على الثوار السوريين في البدايات أن يحسبوا أن يكون ردّ بشار الأسد بالهمجية التي جاء بها، وإن كان يجب لومهم لأنّ الأسد ردّ بهذه الطريقة.
قيادة وطنية موحدة.. "وإلا تمرّ المؤامرة"
ودعا بشارة إلى إعادة الأمور إلى سياقها، مذكّرًا بأنّ الجهة التي قامت بعملية طوفان الأقصى حذرت إسرائيل عدّة مرات من ممارساتها في الأقصى، ومن انتهاكاتها ضدّ الأسرى، لكنّ ما جرى كان أنّ الحكومة الإسرائيلية لم تسمع، بل على العكس من ذلك، ضاعفت الاستيطان، والاغتيالات في الضفة.
وقال: "كل هذا كان يجري عام 2022-2023، بالتوازي مع تهميش القضية الفلسطينية والتطبيع أيضًا الذي كان موجودًا ولو أنّ حماس لا تربط العملية به".
وشدّد بشارة على أنّ الناس من حقها أن تغضب وتلوم بعد كل الذي جرى، لكنه أشار إلى أنّ هناك جهات من خارج قطاع غزة تؤلّب الناس لأغراض سياسية، من أجل استغلال هذا الغضب المحقّ للناس. وقال: "هناك محاولات سياسية لتحويل هذا الغضب إلى تجاهل المجرم الحقيقي وهو إسرائيل".
وأكد بشارة أنه لا يعارض إطلاقًا مناقشة ما جرى والاستفادة من مثل هذا النقاش، لكنه اعتبر أنّ القضية الأساسية هي قضية احتلال يمارس جريمة إبادة جماعية، مضيفًا: "جنوب إفريقيا تحاكم إسرائيل، فهل نبرئها نحن وننشغل ببعضنا بعضًا؟".
وسجّل بشارة في الوقت نفسه، "لطرف لم يكن في حسابه مثل هذه الحرب التي تشنّها إسرائيل، ولم يقم بهذه الحسابات"، المقاومة "المدهشة" التي أظهرها، معتبرًا أنّه "من الواضح أنهم استعدوا في السنوات الأخيرة للدفاع عن غزة ولديهم استراتيجية دفاعية مهولة ومدهشة، متحدثًا عن "إعجاب" في العالم العربي بأكمله بها.
وخلص بشارة إلى أنّ المطلوب هو تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، حتى لا يمرّ بمثل هذه المعاناة مستقبلاً، منوّهًا بما وصفه بـ"تطور كبير عند حركة حماس" تجلّى في الوثيقة الأخيرة التي نشرتها. وشدّد على أنّ التفكير الذي يدعو إليه هو الضغط لتشكيل قيادة وطنية موحدة تشكل مرجعية سياسية لأي حكومة مقبلة، وتصرّ على الحلّ العادل، وهو ما يتطلب القبول بفكرة الوحدة، "وإلا ستمرّ المؤامرة".
تجدون في الفيديو المرفق المقابلة الكاملة مع الدكتور عزمي بشارة، التي حاوره فيها الزميل حامد الناظر، وناقشت مجموعة من المحاور بينها الصفقة والوساطة بين باريس والقاهرة والدوحة، وطرح نتنياهو عن اليوم التالي، إضافة إلى أسئلة الجدوى في سياق مواجهة الاحتلال.