كان الأمير فيليب والأميرة ديانا قريبَين جدًّا في البداية؛ فقد كان الاثنان "غريبَين" عن العائلة الملكية، لكنهما تباعدا تدريجيًا مع انهيار علاقة ديانا بالأمير تشارلز، وصولًا إلى اتهام فيليب الراحل بالتخطيط للحادث الذي قتل "اللايدي د".
بعد زواجه من إليزابيث الثانية عام 1947، تمكّن فيليب - الذي توفي يوم الجمعة في 9 أبريل/ نيسان 2021 عن عمر يناهز 99 عامًا - من فهم الصعوبات التي يواجهها أي فرد "دخيل" إلى العائلة الأكثر شهرة في العالم.
لذلك عُرف عن الأمير فيليب، أنه كان مقرّبًا من الأميرة الراحلة ديانا، حتى قيل إنه "سُحِر في البداية" بالشابة الجميلة المحبّة والمرحة، وساعدها في كفاحها للتكيّف مع موقعها الجديد في الحياة.
وعن خبايا علاقتهما، تكشف الكاتبة الملكية إنجريد سيوارد التي عايشتهما خلال عملها كاتبةً في القصر، في كتاب "Prince Philip Revealed" أن الأمير فيليب هو من ساعد ديانا عندما وجدت صعوبة في التعامل مع القيود المفروضة على الحياة الملكية.
وتضيف: "بعد زواجها، لم تجلس ديانا أبدًا بجانب زوجها؛ كانت تجلس دائمًا بجوار فيليب في حفلات العشاء، وكان يعتني بها".
"الأب" فيليب والأميرة ديانا
استمرت العلاقة بين الأمير فيليب والأميرة ديانا على نحو جيد إلى حين صدور كتاب "ديانا: قصتها الحقيقية" عام 1992 عن أندرو مورتون، الذي كشف عن الصراع الذي كانت تعيشه "اللايدي دي" أثناء مرحلة انهيار زواجها من الأمير تشارلز.
وبعد نشر الكتاب، رتبت الملكة وفيليب لقاءً عائليًا مع تشارلز وديانا في غرفة الجلوس الخاصة بهم في قلعة وندسور. ووفق موقع "بيبول" طلب فيليب من تشارلز وديانا خلال المحادثة، "محاولة التفكير في أطفالهما والنظام الملكي والبلد بدلًا من مشاكلهما الشخصية".
وبعيدًا عن الأنظار، تبنى دوق إدنبرة أيضًا، بشكل خاص، نهجًا أكثر لطفًا مع "الأميرة المتمردة"، وبدأ في كتابة الرسائل إلى ديانا، على أمل أن يتمكن من التأثير عليها بمهارته ودبلوماسيته.
وتضيف سيوارد أن الأمير فيليب حاول دفع الأميرة ديانا إلى مواجهة الحقائق والتعامل مع مشاكل زواجها؛ فهو يعرف من كثب "صعوبات الزواج من العائلة الملكية".
وكان فيليب في البداية يوقّع على الرسائل الموجهة إلى ديانا بحرفي "Pa" في إشارة إلى "الأب"؛ ما يدل على تعاطفه مع محنة ديانا، حتى إنه ذهب إلى حد القول: إن مخاطرة الأمير تشارلز بكل شيء من خلال علاقته مع الشابة كاميلا كان أمرًا "سخيفًا".
رسائل الأمير فيليب إلى الأميرة ديانا
فشلت رسائل الأمير في رأب الصدع الهائل في زواج ديانا. ومع مرور الوقت، انهارت العلاقة بين "الغريبَين الملكيَين" بشكل مطّرد، بالتزامن مع اتساع الهوة في علاقة ديانا بالأمير تشارلز. وما زاد من تأزّم العلاقة جزئيًا، أن الأمير فيليب أدان بقسوة الأميرة ديانا بسبب إقامة علاقة خارج نطاق الزواج.
ووفق تقرير لموقع "غارديان"، كتب دوق إدنبرة رسائل "مهينة" و"قاسية" إلى ديانا؛ أثارت غضبها وانزعاجها. وهناك مذكرتان "سيئتان" أرسلهما الأمير فيليب إلى أميرة ويلز انتقد فيها سلوكها وتركها غاضبة، وفقًا للمعالجة سيمون سيمونز التي صارت صديقًة مقربًة للأميرة.
وادّعت المعالجة خلال إفادتها أثناء التحقيق بمقتل الأميرة ديانا أن الرسالتين - واحدة يعود تاريخها إلى عام 1994 والثانية إلى العام التالي - تكشفان عن جانب "بشع" للعلاقة داخل العائلة الملكية.
وفي السياق نفسه، يذكر كتاب سيوارد أن الأميرة ديانا صارت تكره الأمير فيليب لأنها "وجدت أن من المستحيل التعامل معه".
وتتابع سيوارد أن ديانا قالت: "قد يكون مسليًا بصفة ضيف على العشاء، لكن بصفته حَمًا، كان يُصدِر أحكامًا أكثر من اللازم". ورغم ذلك، قدّرت ديانا الدافع وراء رسائل فيليب، وفق ما كشفت الرسائل الـ11 بينهما.
وقد عُرِضت هذه الرسائل للعلن لأول مرة خلال جلسات هيئة المحلفين الخاصة بالتحقيق في مقتل الأميرة ديانا وصديقها دودي فايد، في حادث تحطم سيارة في باريس، في أغسطس/ آب 1997.
الأمير فيليب و"التورط" بمقتل ديانا
في جلسات هيئة التحقيق عام 2008، سأل المحامي مايكل مانسفيلد المعالجة سيمونز عما إذا كانت رسائل الأمير فيليب للأميرة ديانا "مهينة للغاية"، فأجابت سيمونز: "نعم وقاسية جدًا أيضًا"، مضيفةً أن هذه الملاحظات تركت ديانا "في حالة خجل".
لكن محمد الفايد والد دودي الفايد ذهب أبعد ذلك، ووصف الأمير فيليب بأنه "نازي" و"عنصري"، معربًا عن اعتقاده بأن نجله دودي وديانا أميرة ويلز قد قُتلا في مؤامرة بادرت إليها العائلة الملكية بمشاركة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير والأجهزة الأمنية.
وزعم الفايد أن ديانا أخبرته قبل شهر من الحادث، أنها "تعلم أن الأمير فيليب والأمير تشارلز يحاولان التخلص منها".
ويبرر فايد أن العائلة الملكية لم تكن لتتقبل زواج والدة الوريث الثاني للعرش البريطاني بمسلم مصري، زاعمًا أن الأمير فيليب خطط مع الأجهزة الأمنية لتنظيم حادث السيارة في باريس في أغسطس 1997.
وجاء في سجلات المحكمة عن لسان فايد: "حان الوقت لإعادة فيليب إلى ألمانيا من حيث أتى". واستطرد فايد أن المؤامرة نسقها الأمير فيليب مع السفارة البريطانية في باريس من قبل السكرتير الخاص للملكة. وقال: إن السير مايكل جاي، السفير البريطاني في فرنسا آنذاك، كان متورطًا أيضًا.
الأمير فيليب والمشي خلف نعش ديانا
نقل موقع "ديلي ميل" البريطاني عن الخبير في الشؤون الملكية بيني جونور أن المشي خلف نعش الأمير فيليب خلال مراسم الجنازة الملكية سيعيد "الذكريات الصعبة" للأميرَين وليام وهاري حول "فقدان والدتهما".
فبعد وفاة الأميرة ديانا، سار ويليام وهاري خلف نعشها جنبًا إلى جنب مع الأمير تشارلز وجدهما الأمير فيليب وإيرل سبنسر في طريقهما إلى كنيسة "وستمنستر أبي".
وكان قرار جعل الأميرَين الصغيرَين يمشيان لمسافة طويلة خلف نعش والدتهما "منهكًا نفسيًا" في ذلك الوقت، وذكرت تقارير صحافية أن الأميرَين تلقيا أوامر بعدم البكاء أثناء الجنازة.
لكن، في المقابل، نقلت صحيفة "إيفنينغ ستاندرد"، أن الأمير فيليب دافع عن حفيدَيه أثناء التخطيط للمراسم، وخلال العشاء في الليلة التي سبقت الجنازة توجّه الأمير فيليب إلى حفيدَيه بالقول: "سأمشي إذا مشيتما"، وهذا ما حصل.
لكن إيرل سبنسر شقيق الأميرة ديانا قال لاحقًا في تصريح إذاعي عام 2017 إنه تعرض لـ"الكذب" بشأن رغبة الأميرين وليام وهاري حضور جنازة والدتهما. وأضاف أن الأمر كان "غريبًا وقاسيًا".
كما تحدث الأمير هاري في مرحلة لاحقة عن السَّير في الجنازة، وقال: "يجب ألّا يُطلَب من أي طفل القيام بذلك".
ميغان وهاري وطيف الأميرة ديانا
عادت علاقة الأميرة ديانا بالقصر الملكي إلى الضوء مجددًا، مع المقابلة التي أجراها ابنها الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل مع الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري.
وربطت تقارير إعلامية عدة بين حوار "أميرة الشعب" مع الصحافي مارتن بشير، الذي كشفت فيه عن عدم إخلاص زوجها الأمير تشارلز وحياتها بين جدران القصر الملكي وبين مقابلة وينفري التي تناولت حياة ميغان باعتبارها فردًا في الأسرة الملكية، وانتقال "الثنائي المتمرد" للعيش في الولايات المتحدة.
وقال الأمير هاري في المقابلة: إن معاملة وسائل الإعلام لزوجته ميغان ذكّرته بألم تعامل الصحافة مع والدته أميرة ويلز. وأشار إلى أن "أكبر مخاوفه كانت أن يعيد التاريخ نفسه، ربما بطريقة أكثر خطورة، مع إضافة مسألة العِرق ووسائل التواصل الاجتماعي".
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" أن تصميم ديانا وابنها الأمير هاري على الحديث؛ هو إجراء يائس، لأنهما اكتشفا أنهما مجرد أشياء في الشركة الملكية الضخمة، وليست لديهما حياة، لكنهما يملكان وسيلة للشهادة حول ما هي عليه حياتهما في الواقع.