لا يزال الغموض يحيط بحادثة مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي بعد ساعات من إعادة انتخابه رئيسًا للبلاد، متأثّرًا بجروح أصيب بها خلال اشتباكات ضدّ المتمرّدين شمالي البلاد، وفق ما أعلن الجيش.
ويُعَدّ ديبي أكثر زعماء إفريقيا بقاء في السلطة وأحد أبرز حلفاء القوى الغربية المتمركزة وسط وغرب إفريقيا، ويترك برحيله وراءه إرثًا مثيرًا للجدل ونزاعات داخلية بانتظار الحلّ، فيما تُطرَح علامات استفهام حول سيناريوهات ما بعد نهاية حقبته على أكثر من مستوى.
وبُعيد مقتله، سارع الجيش التشادي إلى إعلان تشكيل مجلس عسكري بقيادة محمد ديبي نجل الرئيس الراحل، سيتولى تسيير شؤون البلاد خلال فترة انتقالية بانتظار تنظيم انتخابات رئاسية جديدة، الأمر الذي رفضته المعارضة.
وعلى صعيد ردود الفعل، قال متحدّث باسم البيت الأبيض: إنّ واشنطن تؤيد الانتقال السلمي للسلطة وفقًا للدستور، في حين أعربت فرنسا عن أسفها لمقتل ديبي، مشيرة إلى أنّ باريس خسرت من وصفته بـ"الصديق الشجاع".
ودعا قصر الإليزيه الهيئة العسكرية المؤقتة التي تشكّلت بعد مقتل ديبي إلى العودة السريعة إلى الحكم المدني والانتقال السلمي للسلطة.
ديبي أحكم قبضته على الحكم طيلة 30 عامًا
أحكم إدريس ديبي قبضته على زمام الحكم في تشاد منذ 30 عامًا، وأعيد انتخابه رئيسًا للبلاد قبل ساعات قليلة من وفاته، بعدما واجه ستة مرشحين لا ثقل سياسيًا لهم، فيما قرّر قادة المعارضة مقاطعة الانتخابات احتجاجًا على تشبّث ديبي بالسلطة.
وتزامنًا مع الاستحقاق الرئاسي التشادي، صعّدت جبهة التغيير والوفاق من تحرّكاتها، حيث شقّت طريقها من الحدود الشمالية مع ليبيا نحو الجنوب وهاجمت نقطة حدودية.
وأعلن الجيش التشادي مقتل أكثر من 300 مسلح وأسر أكثر من 100 خلال اشتباكات في إقليم كانم، وهو ما أجبر مسلحي جبهة التغيير والوفاق على الانسحاب.
سيناريوهات مفتوحة.. من قتل إدريس ديبي؟
ويصف الباحث المختص في الشؤون الإفريقية عبد الوهاب الطيب مقتل ديبي بأنّه "مفاجأة كبرى"، مشيرًا إلى أنّ أحدًا لم يكن يتوقع سيناريو مقتله في مواجهات مع المعارضة.
ويوضح الطيب، في حديث إلى "العربي"، أنّ سيناريو مقتل ديبي لا يشبه السيناريوهات الأخرى التي شهدتها المنطقة، من مقتل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، أو اليمني علي عبد الله صالح، كما أنّه لا يشبه سيناريوهات التغيير في إفريقيا والشرق الأوسط.
وإذ يلفت الطيب إلى أنّ مقتل ديبي فاجأ الجميع وهو ينطوي على إشارات ودلالات كبيرة، يتحدّث عن "سيناريوهات مفتوحة" يتمّ تداولها، من بينها أن يكون قُتِل "لشدّة القتال الضاري، دونما تمييز بين رئيس وجندي عادي"، ولكن أيضًا أنّ يكون "أحد جنوده من قتله".
ويعرب عن اعتقاده بأنّ هذه المسألة ستبقى سرية طيّ الكتمان إلى أن يُفصَح عنها في الأيام المقبلة، مشدّدًا على أنّ مقتل ديبي سيترك تأثيراته على البيئة الاستراتيجية الداخلية لدولة مثل تشاد ذات طابع قبلي وعشائري محتدم.