لا يزال المشهد الميداني في القدس المحتلة، في ضوء اعتداءات قوات الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين، في محاولة لقمع "الانتفاضة"، يتصدّر الاهتمامات، فيما أعلن الاحتلال رفع حالة "التأهّب"، خشية تصعيد محتمل.
وأفاد مراسل "العربي" أن نشطاء مجموعة الإرباك في قطاع غزة المُحاصَر أطلقوا عشرات البالونات الحارقة تجاه المستوطنات الإسرائيلية شرقي القطاع.
وبحسب مراسلنا، فقد اندلعت سبعة حرائق في مناطق زراعية تابعة لمستوطنات غلاف غزة بعد إطلاق دفعة من البالونات الحارقة من القطاع الفلسطيني المُحاصَر.
الاحتلال يوافق على رفع حالة "التأهّب"
في غضون ذلك، أجرى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، اليوم السبت، تقييمًا للوضع بحضور عدد من قادة الجيش والأجهزة الأمنية، تقرر على إثره الموافقة على خطة رئيس الأركان أفيف كوخافي رفع حالة التأهب تحسّبًا لتصعيد محتمل، عقب أحداث القدس.
وقال غانتس في نهاية الاجتماع وفق ما نقلته قناة "كان" الرسمية: "يجب عدم السماح للمتطرفين من كلا الجانبين بتصعيد الموقف". وزعم أنّ "إسرائيل ستواصل العمل من أجل الحفاظ على حرية العبادة في الحرم القدسي وستتصرف بالمسؤولية اللازمة".
وفي وقت سابق السبت، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، أنه "في أعقاب التوترات في القدس والاشتباكات العنيفة في الحرم القدسي الليلة الماضية، أمر رئيس الأركان أفيف كوخافي بتعزيز القوات والإجراءات والاستعداد لتصعيد محتمل".
وبحسب قناة "كان" يستعد الجيش الإسرائيلي ضمن أمور أخرى، لإطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة تجاه المستوطنات القريبة خلال الساعات المقبلة، حيث تقرر زيادة قوات الإطفاء في منطقة "غلاف غزة".
في سياق متصل، أعلن المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، الدفع بتعزيزات كبيرة في القدس، تحسبًا لتجدد المواجهات مع المصلين.
وقال شبتاي: "مستعدون بقوات كبيرة في القدس، وسيتم الرد على أعمال الشغب بحزم وبدون تسامح"، وفق المصدر ذاته.
وتأتي تعزيزات الشرطة الإسرائيلية، تحسّبًا لإحياء الفلسطينيين ليلة القدر، ومن المتوقع أن يصل عدد قياسي من المصلين إلى المسجد الأقصى بهذه المناسبة التي توافق ليلة السبت/ الأحد.
واعتدت الشرطة الإسرائيلية مساء الجمعة على المصلين داخل المسجد الأقصى والشيخ جراح وباب العامود في القدس، ما خلف 205 مصابين، وفق حصيلة أولية غير رسمية.
فلسطين تدعو لجلسة عاجلة لمجلس الأمن
وعلى صعيد ردود الفعل، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، بأن الرئيس محمود عباس، طلب من سفير بلاده لدى الأمم المتحدة رياض منصور، عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي على خلفية التطورات الأخيرة في القدس.
كما دعت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان، مجلس الأمن الدولي واليونسكو، إلى تحمل مسؤولياتهما تجاه ما يجري في المسجد الأقصى.
وحذر رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من "اللعب بالنار"، مضيفًا: "سندافع عن القدس والأقصى مهما كانت التضحيات".
كما هددت حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية، في بيان إسرائيل بالرد على اعتداءاتها ضد المصلين في المسجد الأقصى، طالبة من الاحتلال توقع الرد عليه بأي لحظة.
من جهتها، دعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في قطاع غزة، الدول العربية إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل، ووقف عملية التطبيع، ردًا على اعتدائها على مدينة القدس المُحتلّة وسكانها.
ردود فعل عربية ودولية
في غضون ذلك، تتواصل ردود الفعل العربية والدولية على الاعتداءات الإسرائيلية، حيث أعربت روسيا السبت عن "قلقها" ودعت إلى تجنب "تصعيد العنف" في القدس.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: "في موسكو يُنظر إلى هذا التطور بقلق". وأضافت أنها تدعو "جميع الأطراف إلى الامتناع عن القيام بخطوات قد تؤدي إلى تصعيد العنف".
واعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون، أن "القدس نزفت من جديد، وستبقى تنزف ما دام مبدأ القوة والتهجير وسلب الحقوق هو السائد".
كما خرجت مسيرات واحتجاجات ووقفات، الجمعة، ضد الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في القدس المحتلة، وذلك في كل من مخيمات عين الحلوة، والبداوي، وبرج البراجنة وشاتيلا في العاصمة بيروت.
وأدانت وزارة الخارجية التونسية بشدة اقتحام قوات إسرائيلية لباحات المسجد الأقصى، ودعت المجتمع الدولي "للتسريع بتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني".
أمّا وزارة الخارجية المصرية فأكّدت على ضرورة "وقف أي ممارسات تنتهك حُرمة المسجد الأقصى "، مشيرة إلى أنّها ترفض المساعي الرامية إلى تهجير عائلات فلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح.
وأدان الشيخ الأزهر الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى واصفًا إياها بـ"الإرهاب الغاشم".
كما وصفت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى، بـ"انتهاك صارخ وسافر وتصرف همجي مدان ومرفوض"، وطالبت الشرطة الإسرائيلية بإخراج عناصرها من الحرم.
وأكّدت وزارة الخارجية القطرية موقفها الثابت من عدالة القضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة للشعب الفلسطيني.
وعبرت الخارجية السعودية، عن رفضها للاعتداءات الإسرائيلية وخطط فرض سيادة إسرائيلية على الفلسطينيين، قائلة: "المملكة ترفض خطط وإجراءات إسرائيل لإخلاء منازل فلسطينية بالقدس وفرض السيادة الإسرائيلية عليها".
أمّا الخارجية الموريتانية فدعت المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف مسلسل التهجير والاستيطان الإسرائيلي.
كما أدان رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، الاعتداءات الإسرائيلية، واعتبر أنّ هذه الاعتداءات تقوض عملية السلام.
من جهته، طالب وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، في تغريدة السبت، المجتمع الدولي بـ "التدخل الفوري لوقف اعتداءات السلطات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".
كما أدانت الخارجية العراقية، اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، وأعربت عن "تضامن العراق مع أبناء القدس الشريف".
وأكّدت الخارجية الباكستانية، إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على المصلين الأبرياء في المسجد الأقصى.
كما كتب وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في تغريدة عبر "تويتر" أنّ ما حصل يُعتبر "هجومًا وحشيًا".
وغرد أيضًا المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، قائلا: "يجب على الاحتلال الإسرائيلي.. مغادرة المسجد الأقصى على الفور، وإيقاف هذا الاعتداءات البغيضة والمتهورة حالاً".
منظمات دولية
إلى ذلك، شدّدت الأمم المتحدة على وجوب احترام الجميع "للوضع الراهن للأماكن المقدسة في مدينة القدس القديمة من أجل السلام والاستقرار".
من جانبه، لفت الاتحاد الأوروبي إلى أنّ "هذه المداهمة تعد انتهاكًا قانونيًا واضحًا لوضع المسجد" داعيًا السلطات الإسرائيلية إلى التحرك "بشكل عاجل" لوقف التصعيد في القدس.
وثمّن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "صمود المقدسيين وغيرهم من أبناء فلسطين تجاه ما يتعرضون له من قبل العدو المحتل".
وأدان الاتحاد الدولي للحقوقيين (UHUB)، هجوم الشرطة الإسرائيلية على المصلين، مؤكدًا أنه "يتعارض مع القواعد القانونية العالمية".