لم تحمل بطولة أمم أوروبا عام 1988 اللقب الوحيد للمنتخب الهولندي فحسب، بل حملت كذلك الهدف الأجمل في تاريخ المسابقة، خصوصًا أنه كان الهدف الختامي لها، ليترك في ذاكرة عشاق كرة القدم لحظة فريدة من نوعها، وقّع عليها المهاجم الأسطوري ماركو فان باستن.
وكانت هولندا قد قدمت قبل عام 1988 جيلًا ذهبيًا، قاده الجناح الطائر والتاريخي لمنتخب "الطواحين" يوهان كرويف، لكنه اصطدم بالفترة الذهبية لمنتخب ألمانيا، وعجز عن تحقيق الألقاب.
لكن هولندا استطاعت في تلك الفترة أن تقدم فكرة الـ"فوتبول توتال" أو اللعبة الشاملة، ومنها اقتبس المدرب رينوس ميتشيلز تشكيلته في مسابقة يورو 1988 التي استضافتها ألمانيا، والتي تعود لتستقبلها يوم الجمعة المقبل للمرة الثانية في تاريخها.
مشوار كبير
وبعد مشوار فريد من نوعه، استطاعت هولندا بلوغ المباراة النهائية في 1988 بعد أن أطاحت بأصحاب الأرض في دور نصف النهائي، وهزمت ألمانيا بنتيجة 2-1.
وقبل ذلك، تجاوزت هولندا مجموعتها التي ضمت إنكلترا والاتحاد السوفياتي وإيرلندا الجنوبية.
ومن المباراة الأولى صعق أصحاب "الطواحين" المنتخب الإنكليزي، ولقنوه خسارة قاسية بثلاثية للمهاجم ماركو فان باستن، المنتقل من آياكس الهولندي حينها لآي سي ميلان الإيطالي.
ورغم الخسارة أمام الاتحاد السوفياتي بـ 1-0، استطاعت هولندا حجز البطاقة الثانية بفوز آخر على إيرلندا بهدف يتيم.
وأكمل النجوم الكبار ذوي القمصان البرتقالية مشوارهم بفضل المدافعين رونالد كومان، مدرب برشلونة الحالي، وفرانك رايكارد، إلى جانب نجم خط الوسط رود غوليت وزميله في ميلان فان باستن.
لحظة لا تنسى
وعقب مباراة تاريخية في نصف النهائي، اتجهت هولندا لخوض المباراة النهائية أمام الاتحاد السوفياتي في مواجهة ثانية خلال المسابقة، على ملعب ميونخ الأولمبي.
وكان منتخب الاتحاد السوفياتي يضم في حراسة المرمى واحدًا من أفضل حراس العالم وثاني أفضل حارس في تاريخ بلاده بعد الأسطورة ليف ياشين، وهو الحارس رينات داساييف قائد المنتخب وملهمه.
وتقدّم حارس المرمى ترسانة من العيار الثقيل، أبرزهم فاتسيلي راتس لاعب الارتكاز، وميخائلتشينكو فنان خط الوسط، والمهاجم البارز في مونديال 1986 بيلانوف، إلى جانب قاهر إيطاليا في نصف النهائي بروتاسوف، بقيادة المدرب الكبير فاليري لوبانفسكي.
وأمام جمهور ناهز 70 ألف مشجع، تزين معظمهم بألوان المنتخب البرتقالي لقرب هولندا من ألمانيا، استطاع منتخب "الطواحين" خطف هدف الأسبقية بواسطة نجم الوسط غوليت، الذي ارتقى برأسه للكرة في الدقيقة 32 من الشوط الأول وافتتح التسجيل.
ومالت الدفة بعد الهدف للمنتخب السوفياتي الذي ثار في محاولة منه لتعديل النتيجة؛ حيث وقف لاعبو هولندا سدًا منيعًا أمام نجومه الكبار.
بقي الوضع على حاله حتى الدقيقة 54؛ فبعد 9 دقائق من افتتاح الشوط الثاني، تلقى فان باستن كرة عرضية وهو على أطراف منطقة الخصم، ولم يتوقع أحد أن فان باستن سيسدد من وضعية مماثلة. لكن النجم الهولندي، سدد الكرة باتجاه المرمى وهو في الهواء، واهتزت الشباك بطريقة صاروخية لم تمنع مدرب هولندا من إخفاء وجهه بيديه تعجبًا، أمام ذهول المتفرجين وفرحة جنونية من زملائه.
واستطاع نجوم هولندا مع فان باستن تحقيق اللقب الوحيد للبلاد، بعد الفوز بهدفين دون رد، وتعملق الحارس الهولندي فان بروكلين، بعد تصديه لضربة جزاء للمهاجم بيلانوف في الدقائق الأخيرة.
ويعتبر النقاد والصحافيون والعديد من المدربين، أن هدف فان باستن هو ثاني أجمل أهداف اللعبة تاريخيًا، بعد هدف دييغو مارادونا في مرمى إنكلترا خلال كأس العالم عام 1986.