الخميس 21 نوفمبر / November 2024

تعرية وتحرّش وأكثر.. شهادات “صادمة” لنساء مصريات حول "انتهاكات التحقيق"

تعرية وتحرّش وأكثر.. شهادات “صادمة” لنساء مصريات حول "انتهاكات التحقيق"

شارك القصة

مصريات يتظاهرن ضدّ التحرّش الجنسي.
مصريات يتظاهرن ضدّ التحرّش الجنسي (غيتي-أرشيفية)
بحسب شهادات النساء، حدثت الاعتداءات في أثناء عمليات تفتيش روتينية يقوم بها الشرطة أو حرّاس السجون، أو على يد أطباء مكلفين من السلطات.

كثيرًا ما تحدّثت منظمات المجتمع المدني في مصر عن الاعتداء الممنهج الذي تُمارسه "منظومة العدالة" بحقّ النساء، من تعريتهن وتفتيشهنّ، إلى التحرش والاعتداءات الجنسية.

ولطالما نفى مسؤولون حكوميون هذه الاتهامات، مؤكدين أنهم يجرون عمليات تفتيش عادية يقرّها القانون، وأنه لا غنى عنها إما لخدمة التحقيق أو لمنع دخول محظورات إلى السجون.

لكنّ وللمرة الأولى، تحدّثت ما لا يقّل عن اثنتي عشرة امرأة علنًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن تعرّضهن للاعتداءات الجنسية داخل مراكز الشرطة والسجون والمستشفيات. واختارت أغلبهن التحدّث دون الكشف عن هويتهن، خوفًا من الاعتقال أو الوصم المجتمعي الذي قد ينال أُسرهن.

"إهانة إنسانيتك"

ولم يرد المسؤولون في وزارة الداخلية، التي تشرف على الشرطة والسجون، وفي مكتب النائب العام، على طلبات "نيويورك تايمز" بالحصول على تعليق. إلا أن الصحيفة قالت إنها استطاعت الحصول على تأكيدات من ضابط شرطة سبق له العمل لسنوات في أحد مراكز الشرطة وأحد السجون، بحصول "الانتهاكات الجنسية للنساء".

وقال الضابط، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من العقاب: إن "الانتهاك الجنسي للنساء من قبل السلطات القانونية يحدث في كل مكان"، مضيفًا أن الهدف من التفتيش ليس جمع الأدلة أو البحث عن المحظورات بل إهانة إنسانيتك".

تمّ التعامل مع هؤلاء النساء من باب أنهن تم القبض عليهن بسبب التعبير عن الرأي أو لأنهنّ توجّهن إلى السلطات للإبلاغ عن جريمة. وفي كل حالة، قالت كل منهن إنها تعرّضت للانتهاك الجنسي على يد مسؤولين يفترض أنهم مؤتمنون على حمايتهن.

ورغم أن هذه المعاملة ليست قانونية، لا تستطيع النساء عادة فعل شيء تجاهها خوفًا من النبذ والمهانة في كثير من الأحيان، بحسب "نيويورك تايمز".

وحسبما أشارت النساء، حدثت هذه الاعتداءات في أثناء عمليات تفتيش روتينية يقوم بها الشرطة أو حرّاس السجون، أو على يد أطباء مكلفين من السلطات، طُلب منهم إجراء فحوصات جسدية للنساء، من بينها ما يُعرف باسم "كشوف العذرية"، و"فحوص الشرجية".

التفتيش وسيلة للعقاب

وأفردت "نيويورك تايمز" حيّزًا واسعًا لشهادات النساء التي حملت تفاصيل "صادمة" حول طبيعة الانتهاكات التي تعرّضن لها.

ففي عام 2018، أُلقي القبض على أسماء عبد الحميد (29 عامًا)، بسبب احتجاجها على رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق. ووُجهت إليها تهم المشاركة بجماعة إرهابية وتعطيل الدستور وتعطيل المواصلات العامة.

وقالت أسماء: إنها تعرّضت لعمليات تفتيش جسدي ثلاث مرات، أجبرت خلالها على التجرد من ملابسها، كما تمّت ملامستها وانتهاك خصوصيتها، إلى غير ذلك من الأمور "الصادمة". وأضافت: "تخيّلت أنني متوجّهة إلى مكان يُفترض أن ينظر إلي على أنني ضحية، لكنّ ما ارتكبه الأشخاص الذين يُفترض بهم أن يحمونا من المتحرشين، هو التحرّش بحد ذاته".

ولا تقتصر عمليات التفتيش الجسدي على المشتبه فيهن في قضايا جنائية أو على الناشطات، إذ تحدّثت امرأتان ومحامية عن امرأة ثالثة عن انتهاكات تعرضن لها على أيدي أطباء مكلفين من السلطات، بعد تقدّمهن ببلاغات عن تعرضهن لاعتداء جنسي.

وقالت إحداهن، طلبت عدم الكشف عن هويتها، إنها تعرّضت للاغتصاب. وعندما أمرتها النيابة بالتوجّه إلى مصلحة الطب الشرعي، وهي الجهة المسؤولة عن الكشف الطبي في القضايا الجنائية، استجابت للأمر.

وروت تفاصيل "صادمة" عمّا تعرضت له في يوم تقول إنّه كان "صيفيًا شديد الحرارة"، لافتة إلى أنّ "الباب ظلّ مفتوحًا لدخول مزيد من العاملين الطبيين للانضمام إلى الحشد" الذي تحلّق حولها أثناء "فحصها". وتضيف أن طبيبًا آخر عاد بعد ذلك، وطلب منها أن تخلع ملابسها مرةً أخرى، لأن نتيجة "الفحص"، على حد قوله، لم تكن حاسمة. 

وتضمّن تقرير "نيويورك تايمز" تفاصيل كثيرة وشهادات صادمة لنساء بينهنّ صحافية قالت: إنّ أحدهم (تظنّ أنّه ضابط، كونها كانت معصوبة العينين) "تحسّس جسدها" بعيد توقيفها، وأنّها تعرّضت للفعل نفسه مرّة ثانية، عندما دخلت السجن حيث قضت قرابة العام من دون محاكمة.

وتقدّمت الصحافية بشكوى إلى سلطات السجن، لكن لم يتغيّر أي شيء حتى عام 2019 عندما تقدّمت سجينة أخرى في السجن نفسه – سجن القناطر – إلى مكتب النائب العام بشكوى تقول فيها إنها تعرضت للاعتداء الجنسي.

وإثر ذلك، كُلّفت موظفة جديدة بتفتيش السجينات، حسبما أشار عدد من السجينات السابقات. وبدأ استخدام جهاز مسح، وهكذا انتفت الحاجة إلى أي اتصال جسدي. لكن ليس واضحًا ما إذا كان الإجراء الجديد يُتبّع دائمًا أم لا، بحسب الصحيفة.

هل من يسمع الحقيقة؟

وتُشير "نيويورك تايمز" إلى أن هؤلاء النسوة يصارعن مع سؤال مشترك هو: هل من أحد يريد أن يسمع منهنّ الحقيقة؟

ووصفت النسوة شعورهن بالضعف والعزلة. وتحدثن عن سعيهن لتحقيق العدالة، وسط مزيج من الأمل والإحباط، لكنهن أكدن أنهن وجدن القوة في أصواتهن.

يُذكر أنه الشهر الماضي، وافقت اللجنة التشريعية في مجلس النواب المصري نهائيًا على مشروع قانون مقدّم من النائب أشرف رشاد، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، بتعديل قانون العقوبات بشأن التعرض للغير والتحرش الجنسي، وينصّ على اعتباره "جناية" لا "جنحة" وتشديد للعقوبات.

تابع القراءة
المصادر:
نيويورك تايمز
تغطية خاصة
Close