لا ينحصر دور الوساطة الأسرية في حل النزاعات بين الأزواج فقط، بل يتجاوزها إلى تسهيل تفاهمات ما بعد الطلاق، ما يخفف الضغط الحاصل على المحاكم.
وفي المغرب، دعت مجموعات حقوقية إلى تطوير النصوص القانونية ذات الصلة بهذه الوساطة في المجتمع، مشيرة إلى أهمية إصدار قانون شامل ينظم الوساطة العائلية والأسرية مع ملاءمة القوانين الوطنية للمواثيق الدولية.
والدعوة إلى تعزيز دور الوساطة في حل النزاعات الأسرية، ازدادت بعد فترة كورونا، التي سجلت فيها محاكم البلاد أكثر من مئة ألف حالة طلاق خلال عام، وفق ما تقول الأرقام الرسمية.
اقتراح حلول بديلة
وتُعد جمعية "الصفاء" لإرشاد ودعم الأسرة والشباب واحدة من أكثر من 70 جمعية عاملة في مجال الوساطة الأسرية بالمغرب.
هذه الجمعيات التي تدعمها الدولة لفتح مراكز استماع، تقوم باستقبال الأزواج والاستماع إليهم، مقترحة عليهم حلولًا بديلة بناء على المصالح المشتركة للجميع.
ويقول وسيط المصالحة الأسري محمد قنباعو: "نحن في الوساطة نتكلم عن خلاف بين الطرفين، اللذين يخرجان رابحين في هذه العملية".
مطالبات بتقنين الوساطة
وفيما يحاول القضاة في المحاكم أن يصلحوا بين الأزواج المتنازعين وفقًا لما يقتضي القانون، يرى الحقوقيون أن الوساطة أمر آخر.
وهم يطالبون بتقنينها، وجعلها مؤسسة قائمة بذاتها، وخطوة إلزامية قبل أن يقول القضاء كلمته ويفصل في النزاع أو الخلاف.
وفي هذا الصدد، يتحدث المحامي المتخصص في الوساطة الأسرية محمد شماعو عن "مأسسة الممارسة؛ أي دعم الجمعيات الناشطة في هذا المجال لتأسيس إطار وطني ووضع معايير لتخريج وتكوين الوسطاء للتوصل إلى لوائح الوسطاء المعتمدين".
"سريعة وأقل تكلفة"
وتعتبر نائبة رئيس الشبكة المغربية للوساطة الأسرية ربيعة ديسكي، أن للمطالبة بمأسسة الوساطة الأسرية أسباب كثيرة من بينها الخصائص التي تتميز بها هذه الآلية البديلة لتسوية النزاعات الأسرية.
وتقول في حديثها لـ "العربي" من الرباط: إن من بين أهم هذه الخصائص كونها وسيلة بأقل تكلفة، فهي لا تكون عادة باهظة ويُعفى الطرفان من الرسوم القضائية ومن أتعاب المحامين".
وتردف بأن "هذه الآلية تمتاز أيضًا بكونها سريعة النتائج ومناقشاتها سرية، إضافة إلى مرونة اختيار الوسيط الذي يبتكر بدوره الطريقة التي يعتمدها لمساعدة أطراف النزاع".