كشفت دراسة جديدة أن الدماغ البشري يهتم بالأصوات غير المألوفة أثناء النوم للبقاء متيقظًا للتهديدات المحتملة.
فقد قام باحثون في النمسا بقياس نشاط الدماغ للبالغين النائمين خلال استجابته للأصوات المألوفة وغير المألوفة.
ووجدوا أن سماع أصوات غير مألوفة، مثل تلك التي يصدرها التلفاز في أثناء النوم يتسبب في "ضبط" الدماغ البشري أثناء المراحل الأولى من النوم، بحسب صحيفة "ديلي ميل".
ومع ذلك، لم ير الباحثون التأثير خلال مرحلة حركة العين السريعة، وهي أعمق مراحل النوم، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تغيرات البنية الدقيقة في الدماغ، على حد قولهم.
مراحل النوم
وكانت الطبيبة المتخصصة في أمراض الأعصاب والدماغ هانية جركس قد شرحت في حديث إلى "العربي" أن ساعات النوم بمعدل 8 ساعات في اليوم تعادل 4 أو 5 دورات من النوم وتتراوح مدة الدورة الواحدة من 90 إلى 120 دقيقة.
وتقسم كل دورة إلى مراحل. تشكل المرحلة الأولى من 10 إلى 15% من دورة النوم، وهي المرحلة الانتقالية بين اليقظة والنوم. وتشكل المرحلة الثانية 50% من كل دورة، حيث يعمل الدماغ بشكل أبطأ وتنخفض درجة حرارة الجسم، أمّا المرحلة الثالثة فهي مرحلة النوم العميق وتشكل 20% من الدورة.
وقالت جركس: "إن هذه المرحلة تكون أطول خلال ساعات الليل الأولى". أمّا المرحلة الأخيرة فهي مرحلة حركة العين، حيث تكون كافة عضلات الجسم مرخاة بينما تتحرك العيون فقط، وهي المرحلة التي تحصل فيها الأحلام، بحسب جركس.
الدماغ اليقظ
وعلى الرغم من أن أعيننا مغلقة عما حولنا، يستمر الدماغ في مراقبة البيئة أثناء نومنا، وتحقيق التوازن بين الحاجة إلى النوم والحاجة إلى الاستيقاظ.
ووفقًا للخبراء، فإن إحدى الطرق لتحقيق ذلك هي الاستجابة الانتقائية للأصوات غير المألوفة بدلاً من الأصوات المألوفة.
وقد يعود هذا إلى العملية الطويلة للتطور البشري، والحاجة إلى الاستيقاظ بسرعة في مواجهة الخطر المحتمل، الذي يتميز بإشارات سمعية أقل شيوعًا.
وتشير الدراسة إلى أن الأصوات غير المألوفة- مثل تلك القادمة من التلفاز تمنع النوم المريح ليلًا لأن الدماغ في حالة تأهب أعلى.
استجابات الدماغ المتناقضة
قاد الدراسة باحثون في جامعة سالزبورغ ونشرت اليوم في مجلة "جاي نيوروسكي".
ويقول الفريق في ورقته البحثية: "تسلط النتائج التي توصلنا إليها الضوء على التناقضات في استجابات الدماغ للمنبهات السمعية بناءً على صلتها بالنائم".
وتشير النتائج إلى أن عدم الإلمام بالصوت هو محفز قوي لاستجابات الدماغ أثناء المرحلة الأولى من النوم.
ولإجراء الدراسة، قام الباحثون بتجنيد 17 متطوعًا (14 أنثى) بمتوسط عمر 22 عامًا. وتم تزويد المتطوعين، وجميعهم لم يُبلغ عن اضطرابات النوم، بأجهزة تخطيط النوم أثناء نومهم طوال الليل.
ويقيس تخطيط النوم موجات الدماغ والتنفس وتوتر العضلات والحركات ونشاط القلب وأكثر من ذلك لأنها تتقدم خلال مراحل النوم المختلفة.
وقبل بدء التجربة، نُصح المشاركون بالحفاظ على دورة نوم - استيقاظ منتظمة، وهي حوالي ثماني ساعات من النوم، لمدة أربعة أيام على الأقل.
وأثناء نومهم، تم تزويدهم بفواصل سمعية عبر مكبرات صوت تحمل اسمهم الأول واثنين من الأسماء الأولى غير المألوفة، يتم التحدث بها إما بصوت مألوف (مثل أحد الوالدين) أو بصوت غير مألوف (شخص غريب).
تأثير الأصوات غير المألوفة أثناء النوم
ووجد الباحثون أن الأصوات غير المألوفة تثير المزيد من المركب K، وهو نوع من موجات الدماغ المرتبطة بالاضطرابات الحسية أثناء النوم، مقارنة بالأصوات المألوفة.
ويمكن أن تؤدي الأصوات المألوفة أيضًا إلى تفعيل المركب K، إلا أنه وُجد أن تلك التي يتم إثارتها بواسطة أصوات غير مألوفة تكون مصحوبة بتغييرات واسعة النطاق في نشاط الدماغ المرتبط بالمعالجة الحسية.
ومع ذلك، فإن استجابات الدماغ للصوت غير المألوف تحدث بشكل أقل مع مرور الليل ومع تحول الصوت غير المألوف إلى مألوف بشكل أكبر، مما يشير إلى أن الدماغ قد يظل قادرًا على التعلم أثناء النوم.
الاستجابة للمنبهات أثناء النوم
وتشير هذه النتائج إلى أن المركبات K تسمح للدماغ بالدخول إلى "وضع المعالجة الحارسة" حيث يبقى الدماغ نائمًا ولكنه يحتفظ بالقدرة على الاستجابة للمنبهات ذات الصلة.
يقول الخبراء: "ربما يتعلم دماغ النائم من خلال المعالجة المتكررة أن المنبه غير المألوف في البداية لا يشكل تهديدًا مباشرًا للنائم، وبالتالي يقلل من استجابته له. وعلى العكس من ذلك، في بيئة نوم آمنة قد "يتوقع الدماغ سماع أصوات مألوفة ويمنع باستمرار أي استجابة لمثل هذه المحفزات للحفاظ على النوم".