"دفن الأطفال بملابس العيد".. ارتفاع جرائم النظام السوري خلال المناسبات
وسط أنقاض المنازل التي تعرّضت للقصف في بلدة بنش في إدلب، تبرز لوحة جدارية ملوّنة بألوان زاهية. وتُظهر الصورة منزلًا سليمًا، مع قلوب حمراء تتدفّق من النوافذ، وسماء مظلّلة بالطيور وطائرات الهليكوبتر وطائرات حربية وصواريخ، بينما تبدو أزهار الحديقة الحمراء والصفراء كاللهب.
هذه الجدارية من رسم حسين صباغ (13 عامًا)، الفنان الصغير الذي هاجرت أسرته إلى شمال سوريا هربًا من جحيم الحرب في حلب، ليتوفّى الشهر الماضي في قصف للنظام السوري على بلدة الفوعة.
ويروي تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية قصة الفنان الصغير، الذي حاولت عائلته، مثل سوريين آخرين من إدلب، بناء حياة جديدة على الرغم من استمرار الحرب من حولها.
في الفوعة، وجد المراهق السوري الراحة في لعب كرة القدم، ومساعدة الفنان المحلي عزيز الأسمر، في رسم لوحاته الجدارية السياسية الشهيرة.
لكن أحلام المراهق في أن يكون رسامًا، تحطّمت، الشهر الماضي، بعد مقتله في قصف مدفعي للنظام السوري لمسبح في بلدة الفوعة. كما قُتل شقيقه (17 عامًا)، وعمّه (23 عامًا) وثلاثة مدنيين آخرين.
وقال الفنان عزيز الأسمر: "لقد أحب الجميع حسين، لقد ساعدني في العديد من اللوحات الجدارية التي رسمتها، وكان موهوبًا ولديه خيال جميل".
وأضاف: "كان يُحبّ أن يرسم منازل بقلوب حمراء تدلّ على الحبّ، أراد أن يقول: إن هذه القنابل تقتل الحب، وتدمّر المنازل".
استهداف الفئات الأصغر سنًا
حسين هو واحد من 27 طفلًا قُتلوا في الهجمات التي شنّها النظام السوري في شمال غرب سوريا في الشهرين الماضيين فقط. وأدت حرب الاستنزاف التي يشنّها النظام السوري إلى خسائر فادحة ضمن الفئات الأصغر سنًّا، والأكثر ضعفًا. كما تعرّضت 7 مبانٍ مدرسية للقصف.
وشرحت ليلى حسّو، مديرة الاتصال والدعوة في شبكة "حرّاس الطفولة"، وهي مؤسسة خيرية تعمل على حماية الأطفال في سوريا: "لقد بدأنا نلاحظ نمطًا في السنوات الأخيرة، يتمثّل في ارتفاع معدلات القصف في المناسبات مثل الأعياد".
وأضافت: "قُتل 13 طفلًا في ثلاثة أيام فقط. في كل مرة، يحلّ العيد نخشى أن نفقد المزيد من الأطفال. وبدلًا من ارتدائهم ملابس جديدة للاحتفال، يُدفنون بها".
خوف مستمرّ
ويفترض أن المنطقة التي تعرّضت للقصف، محمية بموجب قرار وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه تركيا وروسيا في مارس/ آذار 2020؛ لكن النظام السوري لا يلتزم بمثل هذه الاتفاقات، ما يجعل سكان المنطقة في حالة خوف مستمرّة.
وفرّ حوالي 3.5 مليون سوري إلى الشمال الغربي هربًا من المعارك في أجزاء أخرى من البلاد، وسط ظروف معيشية مزرية، فاقم من صعوبتها ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالتزامن مع تراجع المساعدات الخارجية وتفشي فيروس كورونا.
وقالت حسو: "أحيانًا يطلب منا الآباء إغلاق مباني المدرسة لأنهم يخشون أن يموت أطفالهم هناك"، في حين يُفترض أن تكون المدارس أماكن آمنة.
وعلى الرغم من ألم فقدان مساعده الشاب، قال الأسمر: "إن الرسم لا يزال وسيلة للاحتفاظ بالأمل، وتذكير العالم بأن السوريين ما زالوا يحلمون بالسلام والعدالة".