حذّر الكرملين اليوم الخميس، من أن نشر الولايات المتحدة قوات إضافية في شرق أوروبا يزيد حدة التوتر في المنطقة.
ويأتي هذا التصريح بعد إعلان واشنطن نيتها إرسال جنود إضافيين إلى بولندا ورومانيا.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية أكدت أمس الأربعاء، أن الرئيس جو بايدن سيرسل 3 آلاف جندي إلى شرق أوروبا هذا الأسبوع، وسط تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا، في وقت اعتبرت فيه الخارجية الروسية، أن هذا التحرك الجديد هو "خطوة مدمرة تزيد من التوترات العسكرية".
زيارات غربية إلى موسكو
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" محمد حسن، من موسكو، بوصول كتيبتين روسيتين من صواريخ "أس-400" للدفاع الجوي إلى بيلاروسيا، في وقت صرح فيه الكرملين بأن الخطوة الأميركية لا تخدم بأي شكل تخفيف التصعيد بشأن الأزمة الأوكرانية.
ولفت المراسل، إلى أنّ روسيا لم تشهد زيارات من قبل زعماء أوروبيين كبار في الفترة الأخيرة على خلفية تدهور العلاقات بين روسيا والغرب التي سادت فيها لغة العقوبات، إلا أن المستشار الألماني أولاف شولتس سيزور موسكو في الأيام القادمة، كما أن هناك نية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة روسيا.
وتابع أن الحديث يدور عن زيارة سيقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا للقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان في نهاية فبراير/ شباط.
وبين مراسل "العربي" أن هذا الحراك الديبلوماسي يهدف إلى إحياء اتفاقات "مينسك" والتوصل إلى حل لموضوع أوكرانيا.
أردوغان في أوكرانيا
في الأثناء، استقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، نظيره التركي رجب طيب أردوغان، بمراسم رسمية في العاصمة كييف.
ورحب الرئيس الأوكراني بأردوغان عند بوابة قصر "مارينسكي" الرئاسي، ومن ثم عُزف النشيد الوطني لكلا البلدين. وعقب ذلك قدم أردوغان وزيلينسكي وفدي البلدين، قبل أن يلتقط الجانبان صورًا تذكارية ومن ثم التوجه لعقد اجتماع ثنائي، يعقبه آخر على مستوى الوفود.
وقبيل وصوله إلى كييف، دعا الرئيس التركي جميع الأطراف في الأزمة الروسية الأوكرانية إلى ضبط النفس والحوار من أجل إرساء السلام في المنطقة.
وفي هذا الإطار، قال مراسل "العربي" صابر أيوب، من دونباس: إنه "على الرغم من أن تركيا على مسافة واحدة من أوكرانيا وروسيا، لكن في نفس الوقت هناك تحفظات روسية كثيرة على تركيا في الملف الأوكراني من بينها المطالب المستمرة لأنقرة بضرورة أن تستعيد أوكرانيا شبه جزيرة القرم التي كان يقطنها حوالي مليوني من تتار القرم ذوي القومية التركية.
وأضاف أن هذا الموقف يغضب موسكو لأنها تعتبر أن شبه جزيرة القرم باتت بشكل نهائي أرضًا تابعة للفيدرالية الروسية.
وتابع أن ما يغضب روسيا أيضًا هو الدعم التقني التي تقدمه تركيا للجيش الأوكراني في إطار العلاقات الثنائية التجارية الاقتصادية والتي من بينها الطائرات المسيرة التي تزعم موسكو أنها تُستخدم في إقليم دونباس لمطاردة الانفصاليين الموالين لها.
وأردف أيوب أن روسيا ترى في الموقف التركي من تمدد حلف شمال الأطلسي "الناتو" أنه يجري على حساب أراضٍ تابعة للنفوذ الجيوسياسي للاتحاد السوفييتي سابقًا.
ولفت مراسل "العربي" إلى أن 5 وزراء خارجية من دول الاتحاد الأوروبي سيزورن كييف الأسبوع المقبل من أجل السعي لتفادي الحرب بين موسكو وكييف.
خارطة طريق تركية
من جهته، ذكر مراسل "العربي" في إسطنبول أحمد غنام أن الرئيس التركي صرّح قبيل سفره إلى كييف أنه يريد الاطلاع على الموقف الأوكراني، ومن ثم سينتظر زيارة الرئيس الروسي إلى تركيا بهدف الاطلاع على موقف موسكو، لتضع أنقرة بعدها خارطة طريق لخفض التصعيد الحاصل بين روسيا وأوكرانيا.
وتابع غنام، أن الرئيس التركي أكد أيضًا خلال تصريحاته على دعم وحدة وسيادة الأراضي الأوكرانية، واعتبر أن كييف تعد شريكًا إستراتيجيًا، مشيرًا إلى اتفاقات تجارية سيعقدها مع الجانب الأوكراني خلال زيارته.
وتعتبر تركيا نفسها من أكثر البلدان تضررًا في حال نشبت الحرب بين أوكرانيا وروسيا لقربها من مكان النزاع، إضافة إلى العلاقات التجارية والسياسية التي تربطها مع روسيا وأوكرانيا.
الموقف الفرنسي
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أكد أمس الأربعاء، أن لا وجود لدلائل في هذه المرحلة تشير إلى أنّ روسيا مستعدة للتحرك في أوكرانيا.
واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء، الغرب بتعمد جرّ بلاده إلى حرب وبتجاهل مخاوفها الأمنية المتعلقة بأوكرانيا.
وحول الموقف الفرنسي، أكد مراسل "العربي" شوقي أمين، أن هناك إرادة سياسية كبيرة في باريس لتفعيل العمل الدبلوماسي مع موسكو، مشيرًا إلى أن الرئيس الفرنسي سيجري مكالمة هاتفية مع بوتين، وأن في أجندته زيارة مرتقبة إلى موسكو لتذليل كل الصعوبات بهدف تخفيف التوتر.
ولفت أمين من باريس إلى أن هناك "عملية نفسية" بين باريس وموسكو بهدف ممارسة الضغط على الرئيس الروسي حتى لا يتكرر سيناريو ضم جزيرة القرم.
"حلّ سلمي" للأزمة الأوكرانية
ووسط تصاعد التوتر والتحشيد الأميركي الروسي المتبادل حول أوكرانيا، توافق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والرئيس الروسي، خلال مكالمة هاتفية بينهما الأربعاء، على ضرورة إيجاد "حلّ سلمي" للأزمة الأوكرانية.
وقال متحدّث باسم رئاسة الوزراء البريطانية في بيان: إنّ جونسون وبوتين اتفقا على التزام "روح من الحوار" في ظلّ التوتّرات الراهنة بهدف "إيجاد حل سلمي".
وأضاف المتحدث أنّ الزعيمين "اتّفقا على أنّه ليس من مصلحة أحد حصول تصعيد"، مشيرًا إلى أنّ رئيس الوزراء البريطاني حذّر الرئيس الروسي من أنّ "أيّ توغّل روسي آخر في أوكرانيا سيشكّل خطأ مأسويًا في التقدير".
ولفت البيان إلى أنّ جونسون وبوتين، شدّدا خلال محادثتهما على أهمية الحوار بين بلديهما حول موضوعات مثل التغيّر المناخي وأفغانستان والبرنامج النووي الإيراني.
وأضاف أنّهما "اتفقا على تطبيق روح الحوار هذه في مواجهة التوتّرات الحالية من أجل إيجاد حلّ سلمي".
من جهتها، قالت موسكو: إن بوتين ندّد في محادثته مع جونسون برفض حلف شمال الأطلسي تبديد المخاوف الأمنية الروسية.
ومنذ نهاية العام الماضي تتّهم كييف وحلفاؤها الغربيون روسيا بحشد ما يصل إلى مئة ألف جندي على حدودها مع جارتها الموالية للغرب تمهيدًا لغزو هذا البلد.
لكنّ موسكو تنفي وجود أيّ مخطّط لديها من هذا القبيل، مطالبةً في الوقت نفسه بضمانات خطّية لأمنها، وفي مقدّمها التعهّد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي أبدًا وبوقف توسّع الحلف شرقًا.