مقتل زعيم تنظيم الدولة في إدلب.. هدف عسكري أم مكاسب سياسية؟
لم يكن معروفًا للعموم ولم يُشاهد سابقًا مثل سلفه، لكن بمقتل أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده "أزالت تهديدًا إرهابيًا كبيرًا".
بهذه الكلمات أعلن جو بايدن مقتل زعيم تنظيم الدولة أبو إبراهيم الهاشمي القرشي الذي فجّر نفسه بحسب الرواية الأميركية خلال عملية إنزال نفذتها وحدة كومندوس فجر الخميس على منزل شمالي غرب سوريا.
السيناريو نفسه
فقد تكرر السيناريو نفسه مجددًا، فبالأمس أبو بكر البغدادي واليوم القرشي الذي قُتل بالأسلوب ذاته الذي فارق فيه سلفه الحياة.
ولم تتغيّر لهجة البيت الأبيض بشأن الهدف من هذه العمليات، رغم تغيّر الهوية الحزبية للجالسين في المكتب البيضاوي.
فبالأمس أعلن الجمهوري دونالد ترمب أن العالم سيصبح أكثر أمنًا بعد مقتل البغدادي، واليوم يردد الديمقراطي بايدن تلك المقولة، وسط تساؤل عن صحتها فعلًا.
في المقابل، ينشط التنظيم بعمليات في أفغانستان وأخرى في العراق وهجوم على سجن في الحسكة يضم سجناء من تنظيم الدولة شرقي سوريا، ليبقى المشهد على حاله. أمّا المتغيّر هو أن التنظيم غيّر مخبأ قيادته فأصبح سوريا وتحديدًا قرب حدودها مع تركيا بدل العراق.
وتثبت وقائع العمليتين الأميركيتين أن نجاح واشنطن في استئصال قادة التنظيم لا تعني بالضرورة نهايته. فالمنظومة الفكرية والمعادلة السياسية المختلة في دول عدة بالمنطقة، توفر أرضية خصبة لنمو الأفكار والأنشطة المتطرفة.
سوريا ملاذ آمن للتنظيم
في هذا السياق، اعتبر الباحث في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أن المنطقة حيث قتل القرشي فيها تشكل ملاذًا آمنًا للتنظيم.
وقال في حديث إلى "العربي" من عمان: "تبدو هذه المنطقة مفضلة للتنظيم حتى مع مقتل الهاشمي". وأشار إلى أنها تخضع لنفوذ هيئة تحرير الشام وقوات تركية وأخرى روسية، إضافة لقوات قسد.
واعتبر أن وجود عمل استخباراتي على مدى أشهر ساعد في حدوث العملية التي لم تكشف في البداية أن القرشي هو الذي استهدف، حيث اعتُقد أن أحد قياديي القاعدة هو المستهدف.
وأشار أبو هنية إلى أن العملية الأميركية الأخيرية حققت نجاحًا تكتيكيًا وليس إستراتيجيًا، حيث يستبدل التنظيم القيادات بقيادات أخرى.
ورأى أبو هنية أن الأسباب الجوهرية للتنظيم لا زالت موجودة. كما اعتبر أن ما حدث في سجن غويران ذكّر بالتنظيم الذي تكيّف مع الهزائم المتكررة وعاد إلى العمل باعنباره منظمة.
توقيت العملية
وحول توقيت هذه العملية، رأى مدير وحدة تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث مروان قبلان أن العملية جاءت ردًا أميركيًا على ما حصل في سجن غويران بالحسكة قبل أسبوعين، حيث اعتُبر ذلك خرقًا كبيرًا، إذ أثبت تنظيم الدولة أنّه قادر من جديد على القيام بعمليات كبيرة.
وقال قبلان، في حديث إلى "العربي" من الدوحة: "تفيد هذه العملية بايدن باعتبارها نوعًا من رد الاعتبار له، وهو الذي عارض عملية مقتل أسامة بن لادن قبل سنوات". واعتبر أن هذه العملية تخدم بايدن على الساحة الداخلية الأميركية.
وأضاف: إن "الحرب الأميركية، أو ما يسمى حربًا، مستمرة على الإرهاب منذ عشرين عامًا".
وتابع: "إذا لم تعالج الأسباب التي أدّت إلى ظهور مثل هذه التنظيمات ستظل الولايات المتحدة تحاربها إلى ما لا نهاية".
هل كانت التوقيت سياسيًا؟
من جهته، وصف مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق مارك كيميت من يظن أن القرشي كان بمتناول اليد الأميركية، ولكن بايدن اختار توقيت العملية تبعًا لأجندة أميركية، بـ"الأحمق".
وقال، في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "هذه العملية كانت طويلة للغاية قبل أن نصل للدرجة التي نحصل فيها على ما يكفي من المعلومات الاستخبراتية لاستهداف هدف بهذه الأهمية".
وأضاف: "هذا أمر لا يتم بشكل لحظي، بل تكون هناك فرصة واحدة فقط، وإذا فقدت هذه الفرصة قد لا تحصل عليها مرة أخرى".
واستبعد أن تكون العملية الأخيرة قد تمت بسبب حملة الرئاسة أو إعادة الانتخاب، بل أكّد أن توقيتها هو الصحيح وفق معايير عسكرية.