Skip to main content

ارتفاع قياسي للأسعار.. مخاوف من أزمة غذائية واضطرابات اجتماعية عالمية

الجمعة 4 فبراير 2022

أدت الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية وارتفاع أسعار الطاقة وتغيّر المناخ، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، مما يفرض أعباء ثقيلة على الفقراء، ويُهدّد بزيادة الاضطرابات الاجتماعية حول العالم.

وأثرت الزيادات على أنواع مختلفة من الغذاء على غرار الحبوب والزيوت النباتية والزبدة والمعكرونة ولحم البقر والقهوة، وتتزامن مع التحديات التي يواجهها المزارعون في جميع أنحاء العالم، وفي مقدّمتها الجفاف والعواصف الجليدية التي دمّرت المحاصيل، وارتفاع أسعار الأسمدة والوقود، ونقص العمالة بسبب وباء كورونا، واضطراب سلاسل التوريد التي تجعل من الصعب توصيل المنتجات إلى السوق.

وأشار المؤشر العالمي الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، أمس الخميس، إلى أن أسعار الغذاء في يناير/ كانون الثاني الماضي، ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ 2011، عندما ساهم الارتفاع الصاروخي في الأسعار باندلاع الانتفاضات السياسية في مصر وليبيا.

كما واصلت أسعار اللحوم ومنتجات الألبان والحبوب الارتفاع منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بينما وصل سعر الزيوت إلى أعلى مستوى منذ بدء تتبع المؤشر عام 1990.

أزمة غذاء عالمية

وفي هذا الإطار، قال موريس أوبستفيلد، كبير الاقتصاديين السابقين في صندوق النقد الدولي، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن ارتفاع أسعار الغذاء من شأنه أن يجهد الدخل في البلدان الفقيرة، ولا سيما في بعض أجزاء أميركا اللاتينية وإفريقيا، حيث ينفق السكان ما يصل إلى 50 أو 60% من دخلهم على الطعام.

وأضاف: "ليس من قبيل المبالغة القول إن العالم يقترب من أزمة غذاء عالمية، إذ أن تباطؤ النمو والبطالة المرتفعة والميزانيات المرهقة من الحكومات التي أنفقت بكثافة لمكافحة الوباء، قد أدت إلى عاصفة كاملة من الظروف المعاكسة".

وأوضح: "هناك الكثير من الأسباب التي تدعو للقلق بشأن الاضطرابات الاجتماعية على نطاق واسع".

تحوّلات في زمن كورونا

وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى قبل الوباء، كانت أسعار الغذاء العالمية تتجه نحو الارتفاع حيث قضى المرض على الكثير من قطعان الخنازير في الصين، وأدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى فرض رسوم جمركية صينية على السلع الزراعية الأميركية.

ولكن مع بدء جائحة كورونا في أوائل عام 2020، شهد العالم تحوّلات زلزالية في الطلب على الغذاء، حيث أغلقت المطاعم والكافيتريات والمسالخ أبوابها، وتحوّل المزيد من الناس إلى الطهي وتناول الطعام في المنزل، مما دفع بعض المزارعين الأميركيين، الذين لم يتمكنوا من إيصال منتجاتهم إلى المستهلكين، إلى إلقاء الحليب في حقولهم وإعدام قطعانهم.

ورغم ذلك، قال كريستيان بوغمانز، الخبير الاقتصادي في صندوق النقد الدولي للصحيفة، إنه بعد عامين على الجائحة، لا يزال الطلب العالمي على الغذاء قويًا، ولكن ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف الشحن، إلى جانب اختناقات سلاسل التوريد الأخرى مثل نقص سائقي الشاحنات وحاويات الشحن، أدت إلى استمرار الارتفاع في الأسعار.

كما أدى الجفاف وسوء الأحوال الجوية في البلدان الزراعية الرئيسة المنتجة مثل البرازيل والأرجنتين والولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا إلى تفاقم الوضع.

مستوى تضخّم عالٍ

وتُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن متوسط تضخّم أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم بلغ 6.85% على أساس سنوي في ديسمبر، وهو أعلى مستوى منذ عام 2014. وبين أبريل/ نيسان 2020 وديسمبر 2021، ارتفع سعر فول الصويا بنسبة 52%، كما ارتفع سعر القمح والذرة بنسبة 80%، بينما ارتفع سعر البن بنسبة 70%. وعزا الصندوق الأمر إلى حد كبير إلى الجفاف والصقيع في البرازيل.

وأكد بوغمانز أن الصراع في أوكرانيا (منتج رئيس للقمح والذرة)، وسوء الأحوال الجوية يزيدان من تهديدات عدم استقرار أسعار المواد الغذائية في العالم.

إفريقيا وانعدام الأمن

وتتفاوت تداعيات ارتفاع أسعار المواد الغذائية بين دول العالم. فبينما تتوفّر محاصيل الأرز في آسيا، تعاني أجزاء من إفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية بسبب اعتمادها على استيراد الغذاء.

وقال بوغمانز إن دولًا مثل روسيا والبرازيل وتركيا والأرجنتين عانت أيضًا حيث فقدت عملاتها المحلية قيمتها مقابل الدولار الأميركي، الذي يستخدم لدفع ثمن معظم السلع الغذائية.

وفي إفريقيا، أدى سوء الأحوال الجوية، والقيود المفروضة على انتشار الأوبئة، والصراعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان والسودان إلى تعطيل طرق النقل ورفع أسعار المواد الغذائية.

وقدّر جوزيف سيغل، مدير الأبحاث في مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني، أن 106 ملايين شخص في القارة يواجهون انعدام الأمن الغذائي، وهو ضعف العدد منذ عام 2018.

وقال: "إفريقيا تواجه مستويات قياسية من انعدام الأمن".

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة