Skip to main content

"يذكّر بحكم عمر البشير".. ارتفاع عدد الاعتقال السياسي في السودان

السبت 12 فبراير 2022

مع انزلاق السودان نحو مزيد من الاضطرابات، وسط احتجاجات شبه يومية في الشوارع مطالبة بالحكم المدني، بدأت المخاوف من عودة شاملة لأساليب نظام الرئيس السابق عمر البشير القمعية، خاصّة وأن السلطات العسكرية السودانية شنّت حملة اعتقالات تعسّفية واسعة في الأسابيع الأخيرة، طالت نشطاء وسياسيين.

وحصلت وكالة "اسوشييتد برس" على وثائق من جبريل حسبو، المحامي في نقابة المحامين في دارفور، وهي مجموعة قانونية تركز على حقوق الإنسان، تظهر أن 46 ناشطًا على الأقل محتجزون في سجن سوبا بالخرطوم، بينما جرى إرسال بعض الناشطات إلى سجن النساء بأم درمان.

وقال حسبو للوكالة: "إن العدد الدقيق للمعتقلين في دارفور لا يزال غير معروف، وهو وضع يذكرنا بحكم البشير".

وأضاف أن "أكثر من 200 ناشط وقائد احتجاج محتجزين في العاصمة السودانية وحدها. وتمّ أخذ العديد من النشطاء من منازلهم أو خطفهم من الشوارع".

اعتقال أميرة عثمان

ومن بين النشطاء الذين تمّ اعتقالهم أميرة عثمان التي كانت تستعدّ للنوم قبل منتصف الليل ببضع دقائق، عندما اقتحم حوالي 30 شرطيًا منزلها في الخرطوم في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي.

وقرع الرجال، وكثير منهم في ثياب مدنية ومسلحون ببنادق الكلاشنيكوف والمسدسات والهراوات، باب حمامها، متجاهلين مناشدات والدتها بالسماح لها على الأقل بارتداء ملابسها قبل أن يأخذوها.

ووصفت أماني، شقيقة أميرة ومحامية حقوقية المشهد قائلة: "وكأنهم يخوضون معركة أو يطاردون إرهابيًا خطيرًا، وليس امرأة ذات إعاقة جسدية".

وتستخدم أميرة عكازين للمشي جراء حادث تعرّضت له عام 2017. وسبق لها أن سُجنت مرتين في عهد البشير، بتهمة "انتهاك القوانين الصارمة التي تحكم سلوك المرأة ولباسها". ولكن هذه المرة، تمّ اعتقالها لتحدثها علنًا ضد الحكم العسكري.

قمع واغتصاب

وشنّت القوات الأمنية السودانية "حملة قمع مميتة" على المتظاهرين، حيث أطلق عناصر من قوات الأمن الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع على الحشود في الشوارع، وقطع شبكة الإنترنت والهاتف المحمول، في محاولة لمنع المحتجين من التجمع.

وأفادت لجنة أطباء السودان المركزية، بمقتل حوالي 80 شخصًا، معظمهم من الشباب، وإصابة أكثر من 2200 آخرين في الاحتجاجات.

كما اتُهم عناصر من قوات الأمن السودانية باستخدام العنف الجنسي ضد النساء المشاركات في المظاهرات. وقال مجلس السيادة الحاكم، الذي يقوده الجيش، إن تحقيقًا بدأ في مزاعم تتعلّق بالاغتصاب الفردي والاغتصاب الجماعي في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد أن دعت الأمم المتحدة إلى كشف ملابسات هذه الجرائم.

وليست هذه المرة الأولى التي تُتهم فيها قوات الأمن باستخدام الاغتصاب، فقد حدثت مثل هذه الاعتداءات في عهد البشير، وأيضًا تحت حكم الجيش خلال الفترة الانتقالية.

وقال كاميرون هدسون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، والخبير في الشأن السوداني بمركز أفريقيا التابع للمجلس الأطلسي، للوكالة إن "الجيش يقول للدبلوماسيين الدوليين إنه مهتم بالحوار السياسي وإحداث إصلاح جوهري في الدولة، لكنّه في الواقع يسعى للحفاظ على الوضع الراهن، وتقويض الجهود الرامية للإطاحة به".

ظروف اعتقال سيئة ومهينة

وقُوبل اعتقال أميرة بـ"إدانة وقلق" دوليين، إلى أن تمّ إطلاق سراحها الأحد الماضي.

ولمدة أسبوع تقريبًا بعد الاعتقال، لم يعرف أقاربها مكان احتجازها. وبعد ذلك، تلقّت العائلة مكالمة هاتفية تطلب منهم إرسال ملابس إلى سجن في أم درمان.

وأوضحت عثمان أنها أمضت الأيام الثلاثة الأولى في الحبس الانفرادي في "ظروف سيئة للغاية ومهينة". ثمّ انضمت إليها في الزنزانة ناشطة آخرى هي إيمان ميرغني التي لا تزال رهن الاعتقال.

واتهمت السلطات عثمان بحيازة أسلحة وذخائر غير قانونية، لكنّها قالت إن "الرصاصات الخمس القديمة" التي عُثر عليها في خزانة ملابسها، هي "هدايا تذكارية من البطولة الوطنية للرماية عام 2016 التي شاركت فيها".

ولم يُعرف من هم الضباط الذين اقتحموا منزل عثمان. فخلال المداهمة، قالوا إنهم من قوة مكافحة المخدرات، لكن أماني عثمان، المحامية الشقيقة، رجّحت أنهم من جهاز المخابرات العامة.

استُخدم الجهاز، الذي كان يُعرف سابقًا باسم جهاز الأمن والمخابرات الوطني، على مدى عقود أداة في حكومة البشير لقمع المعارضة. وبعد الانقلاب، أعاد الجيش صلاحيات الجهاز، والتي تشمل اعتقال الأشخاص دون إبلاغ عائلاتهم. ومن المعروف أنهم يحتجزون العديد من معتقليهم في سجون سرية تسمى "بيوت الأشباح".

اعتقال معارضين

وفي 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، اختطفت القوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع، وهي هيئة أمنية أخرى معروفة بالوحشية، الناشط والطبيب محمد عبد الرحمن نقد الله من أحد شوارع الخرطوم، وفقًا لأسرته.

وتتألف القوة إلى حد كبير من رجال ميليشيات سابقين وقد تورّطت في أعمال وحشية في عهد البشير في المنطقة الغربية من دارفور. ويرأسها ثاني أقوى جنرال في البلاد محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، وتُدير مراكز احتجاز خاصة بها في الخرطوم وأماكن أخرى في البلاد.

وهذا الأسبوع، أعادت السلطات اعتقال خالد عمر يوسف، الوزير في الحكومة الانتقالية المخلوعة. واعتُقل عمر في انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأطلق سراحه بعد شهر في إطار صفقة بين الجيش والقادة المدنيين.

لكن حزبه "المؤتمر السوداني" المعارض أشار إلى أن عمر اقتيد الأربعاء الماضي من مقر الحزب.

كما أفاد "تحالف قوى الحرية والتغيير" المؤيد للديمقراطية، أن وجدي صالح، عضو وكالة حكومية مكلّفة بتفكيك إرث نظام البشير، اعتُقل الأربعاء أيضًا.

وقال شهاب إبراهيم الطيب، المتحدث باسم "قوى الحرية والتغيير" في حديث إلى "العربي"، إن العسكر وسّع المواجهة الشاملة مع الناشطين إلى "اعتقال سياسي" يطال قيادات المعارضة.

وعبّرت مجموعة دول تشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وكندا وسويسرا، عن قلقها من هذا الوضع، وحثّت على إطلاق سراح "جميع المعتقلين ظلمًا".

وقالت لوسي تاملين، القائمة بالأعمال الأميركية في السودان: "الاعتقالات والاحتجاز التعسفي لشخصيات سياسية ونشطاء المجتمع المدني والصحفيين تقوّض الجهود المبذولة لحل الأزمة السياسية في السودان".

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة