أعلنت وزارة الداخلية اللبنانية، اليوم الأربعاء، إحباط ثلاث عمليات تفجير، كانت شبكة مرتبطة بـ"تنظيم الدولة" تعتزم تنفيذها بشكل متزامن ضد ثلاثة أهداف في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله.
وقال وزير الداخلية بسام المولوي خلال مؤتمر صحافي في مقر قيادة قوى الأمن الداخلي: إن التفجيرات في حال حصولها كانت "ستوقع لا سمح الله الكثير من الضحايا"، بحسب ما نقلت وسائل إعلام محلية.
وأشار إلى توقيف "جماعة إرهابية تجند شبانًا لتنفيذ عمليات انتحارية بأحزمة ناسفة وقذائف صاروخية"، لافتًا إلى أنّ "قوى الأمن الداخلي هم أبطال هذه العملية"، على حدّ وصفه.
الأجهزة الأمنية "حاضرة وواعية"
وهنأ وزير الداخلية اللبناني قوى الأمن وعميد شعبة المعلومات والمدير العام على "الإنجازات من ضبط المخدرات إلى تفكيك شبكة التجسس إلى ضبط شبكة تكفيرية إرهابية من جنسيات فلسطينية تجنّد شبابًا لتنفيذ عمليات تفجيرية كبيرة بأحزمة ناسفة وصواريخ كانت لتوقع العديد من الضحايا".
وأكد مولوي أنّ الأجهزة الأمنية "حاضرة وواعية لتوقف أي عملية إرهابية في أي منطقة"، مشيرًا إلى أنّ لبنان "محمي بقوة الله وقوة أبنائه وبقوة أجهزته الأمنية"، على حدّ تعبيره.
وفيما اعتبر ما حصل "رسالة بأنّ الأجهزة الأمنية ساهرة على حماية اللبنانيين وأمنهم"، شدّد على أنّ التحضيرات للانتخابات النيابية المفترضة في 15 مايو/ أيار المقبل بلغت "شوطًا كبيرًا". وجزم بأنّ الاستحقاق سيحصل في موعد "بالتزام من الحكومة ومنّي شخصيًا".
ماذا في التفاصيل؟
وأعلنت قوى الأمن الداخلي أنها تمكّنت من تجنيد مصدر داخل "مجموعات تواصل" تعمل لصالح التنظيم المتطرف. وتلقى الأخير التعليمات من قيادي في التنظيم مقيم في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، وعلى تواصل مع التنظيم في سوريا.
وتولى المشغل التواصل والتنسيق للهجمات مع المصدر الذي جنّدته قوى الأمن الداخلي. وفي 7 فبراير/ شباط، تبلّغ الأخير تعليمات بـ"تنفيذ ثلاث عمليات انغماسية متزامنة في الضاحية الجنوبية لبيروت" ضد ثلاثة أهداف حددها بمجمّع الكاظم في حي ماضي وحسينية الناصر في الأوزاعي ومجمع الليلكي.
وتم تبلغه لتعليمات بعد أيام من تسلمه ثلاث سترات ناسفة وقنبلتين يدويتين ومبلغ مالي، وفق قوى الأمن الداخلي.
وفي 16فبراير، طلب المشغّل تنفيذ "العمليات الانغماسية في الأيام القليلة المقبلة" و"تسجيل مقطع فيديو للمنفذين الثلاثة على أن تكون الراية (راية تنظيم الدولة) خلفهم يعلنون خلاله أن العملية هي وفاء لدماء الخليفة أبو ابراهيم القرشي".
وقتل زعيم التنظيم المتطرف ليل 2-3 فبراير، خلال عملية نفذتها القوات الأميركية الخاصة في شمال غرب سوريا.
وحددت قوى الأمن الداخلي هوية أربعة أشخاص شاركوا في التحضير للهجمات وتسليم السلاح، مقيمين في مخيم عين الحلوة. وتم وفق وزير الداخلية توقيف شخصين في القضية.
ويعد مخيم عين الحلوة أكثر المخيمات كثافة سكانية في لبنان ويعرف عنه إيواؤه مجموعات مسلحة وخارجين عن القانون، ومجموعات عسكرية متعددة المرجعيات. ولا تدخل القوى الامنية اللبنانية المخيمات بموجب اتفاق غير معلن بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطات اللبنانية.
استهداف ليس الأول من نوعه
وسبق لـ"تنظيم الدولة" أن استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت عدّة مرّات في السابق، ردًا على تدخّل "حزب الله" في سوريا وقتاله إلى جانب قوات النظام هناك، وذلك من خلال سلسلة تفجيرات انتحارية أوقعت العديد من الضحايا. لكنّ نشاط التنظيم تراجع إلى حدّ كبير في السنوات الأخيرة، رغم بعض الإعلانات عن إحباط بعض المخططات.
ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي. ويترافق ذلك مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من ثمانين في المئة منهم تحت خط الفقر.
وينظر كثيرون إلى الانتخابات المقبلة بوصفها فرصة لإحداث تغيير، ولو ضئيل. إلا أن تداعيات الأزمة الاقتصادية وانفجار الرابع من أغسطس/ آب 2020 الذي دمر جزءًا كبيرًا من بيروت وقتل أكثر من مئتي شخص، ساهمت في إحباط اللبنانيين تدريجيًا.