حذّرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، اليوم الخميس، من أنّ الهجوم الروسي على أوكرانيا يشكّل "خطرًا اقتصاديًا كبيرًا على المنطقة والعالم"، الأمر الذي يهدّد النمو العالمي.
تزامنًا، سجّلت أسعار النفط ارتفاعًا حادًا إثر التطورات العسكرية، فتجاوزت عتبة 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ أعوام، مترافقة مع تراجع حاد في أسواق الأسهم.
كذلك، ارتفعت العقود الآجلة لشحنات القمح والذرة الأميركية وغيرها من السلع الغذائية مما أثار مخاوف من تأثر الإمدادات العالمية.
قلق صندوق النقد
وكتبت غورغييفا على تويتر: "أشعر بقلق كبير حيال ما يحصل في أوكرانيا، وقبل كل شيء، حيال العواقب على أناس أبرياء. هذا يشكّل خطرًا اقتصاديًا كبيرًا على المنطقة والعالم. نحن نقيّم التداعيات ومستعدّون لدعم أعضائنا عند الحاجة".
وأضافت: "نحن بصدد تقييم التداعيات ومستعدون لدعم أعضائنا عند الاقتضاء".
I am deeply concerned about what is happening in Ukraine and, first & foremost, impact on innocent people. This adds significant economic risk for the region & the world. We are assessing the implications & stand ready to support our members as needed.
— Kristalina Georgieva (@KGeorgieva) February 24, 2022
وشنّت روسيا فجر اليوم هجومًا عسكريًا واسع النطاق على أوكرانيا يشمل ضربات جوية وتحرّكات على الأرض حتى في اتجاه العاصمة كييف خلّف في غضون ساعات عشرات القتلى.
من جهته، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده لا تريد إلحاق الضرر بالنظام الاقتصادي العالمي ولا استبعادها منه.
ففي كلمة ألقاها أمام ممثلين روس لأوساط الأعمال اجتمعوا في الكرملين، قال بوتين: "لا تزال روسيا جزءًا من الاقتصاد العالمي، لا نعتزم إلحاق الضرر به. أعتقد أنه على شركائنا إدراك هذا الامر وإلّا يكون هدفهم دفعنا الى خارج النظام".
#عاجل | الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: على شركائنا أن يفهموا أننا جزء من النظام العالمي ولا ينبغي أن يدفعونا للخروج منه #أوكرانيا #روسيا #الحرب_الروسية_الأوكرانية
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 24, 2022
النفط يتجاوز الـ 100 دولار
ومع تصاعد المخاوف من اندلاع حرب في أوروبا قد تؤدي إلى اضطراب إمدادات الطاقة العالمية، صعدت أسعار النفط، اليوم الخميس، حيث تجاوز خام برنت 105 دولارات للبرميل لأول مرة منذ 2014.
وصعدت أسعار خام برنت 8.24 دولارات أو 8.5 % إلى 105.08 دولارات للبرميل، فيما زادت أسعار خام غربي تكساس الوسيط 7.78 دولار أو 8.5 % إلى 99.88 دولارًا للبرميل.
وسجل الخامان أعلى مستوياتهما منذ أغسطس/ آب ويوليو تموز 2014 على الترتيب، وفق "رويترز".
في هذا السياق، حذّر محللون من ضغوط تضخم على الاقتصاد العالمي نتيجة بلوغ النفط 100 دولار للبرميل، ولا سيما في آسيا التي تستورد معظم احتياجاتها من الطاقة.
وتعدّ روسيا من أبرز الدول المنتجة للنفط، وهي ضمن تحالف دول "أوبك بلاس" الذي يضم أعضاء منظمة الدول المصدّرة للنفط "أوبك" وأطراف من خارجها.
في المقابل، حقق سهم أرامكو مكاسب بلغت نسبتها 2% عند إغلاق البورصة السعودية اليوم بسبب ارتفاع أسعار النفط، مخالفًا التوجه العام للسوق الذي سجل هبوطًا واضحًا بسبب الهجوم الروسي.
من جهة ثانية، سجل سعر الغاز الطبيعي ارتفاعًا حادا بلغ 40%، وهو الأكبر خلال يوم واحد منذ 2019، فروسيا هي المصدر الأول في العالم للغاز الطبيعي، وتؤمن حوالي 40% من حاجات أوروبا.
ارتفاع كبير في أسعار الطاقة والمعادن وهبوط قياسي لمؤشرات البورصة العالمية على خلفية الهجوم الروسي على #أوكرانيا#روسيا_وأوكرانيا تابعوا المزيد عبر البث المباشر للتلفزيون العربي على يوتيوبhttps://t.co/VLgRtlxUjQ pic.twitter.com/zQnuhIFOFM
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 24, 2022
مستويات قياسية للمواد الأساسية
بالإضافة، عانت الأسواق طوال الأيام الماضية من التوتر المتصاعد بين روسيا من جهة، وأوكرانيا والغرب من جهة أخرى ليبلغ التوتر ذروته فجر الخميس، مع إعلان روسيا بدء العملية العسكرية ضد جارتها الشرقية.
وعليه، سجّلت أسعار الحبوب صباح اليوم مستويات قياسية في جلسات التداول في السوق الأوروبية، وبلغ سعر القمح سعرًا غير مسبوق إطلاقًا مع 344 يورو للطن الواحد لدى مجموعة "يورونكست" التي تدير عددًا من البورصات الأوروبية.
فارتفعت بشكل كبير أسعار القمح لتبلغ أعلى مستوى منذ أكثر من 9 أعوام، وقفزت أسعار الذرة إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر، إذ تعتبر أوكرانيا رابع مصدّر لهما عالميًا.
في حين سجلت أسعار فول الصويا أعلى مستوى منذ 2012، بعد هجوم القوات الروسية على أوكرانيا مما أثار مخاوف من تأثر الإمدادات العالمية.
بالتزامن، تهافت السكان في أوكرانيا إلى الأسواق خوفًا من ندرة السلع الاستهلاكية وإلى البنوك لسحب السيولة خشية تعطل النظام المصرفي.
تأثر أسعار المعادن
وفي وقت سابق من اليوم، وصل سعر الألمنيوم إلى مستوى قياسي، وارتفع سعر هذا المعدن الصناعي إلى 3382,50 دولارًا للطن متجاوزًا المستوى القياسي السابق البالغ 3380,15 دولارًا والذي سجّله في يوليو/ تموز 2008 خلال الأزمة المالية العالمية.
أما الذهب، فقفزت أسعاره بأكثر من 2% إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عام إذ أقبل المستثمرون على الملاذات الآمنة مع تصاعد التوتر العالمي.
وبالنسبة للعملات النفيسة الأخرى زادت الفضة في المعاملات الفورية 2.1% إلى 25.03 دولارًا للأوقية. وارتفع البلاتين 1% إلى 1102.43 دولار للأوقية، في حين صعد البلاديوم 1.3% إلى 2514.54 دولارًا للأوقية.
اضطرابات في التجارة البحرية
كما حذرت الغرفة الدولية للتجارة البحرية، الخميس، من تأثر شبكات الإمداد "في حال عرقلة حرية حركة تنقل البحارة الأوكرانيين والروس".
ودعت في بيان صدر من لندن إلى عدم جعل البحارة "يدفعون ثمن الأعمال التي قد تتخذها الحكومات أو غيرها"، مشيرةً إلى أنهم كانوا "في الخطوط الأمامية في الاستجابة للوباء من خلال الحرص على ضمان وصول الإمدادات الأساسية من أغذية ووقود وأدوية إلى وجهاتها".
ووفق وكالة "فرانس برس"، شكل الروس والأوكرانيون 14,5% من اليد العاملة في مجال الشحن البحري العالمي عام 2021، مع 198123 بحارًا روسيًا و76442 بحارًا أوكرانيًا.
والشحن البحري مسؤول عن نقل ما يقارب 90% من التجارة العالمية.
يذكر أن الأزمة الأوكرانية الروسية احتدمت في أعقاب إعلان الرئيس الروسي مساء الإثنين، اعتراف بلاده رسميًا باستقلال ما يُعرف بـ"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك" الانفصاليتين وسط رفض دولي واسع.