في مواجهة الحظر الذي فرضه الكرملين على مواقع التواصل الاجتماعي في روسيا، بعد الهجوم على أوكرانيا، توجّه الأوكرانيون إلى تطبيق "تليغرام" للوصول إلى جيرانهم الروس وإقناعهم بأحقية قضيتهم.
ورأت مجلة "أتلانتك" الأميركية أن حظر وسائل التواصل الاجتماعي دليل على أن موسكو تشعر بالقلق من الانتقادات العلنية الصاخبة التي غذّت العديد من حركات الاحتجاج العالمية على مدى العقد الماضي.
ويعتبر تطبيق "تليغرام" وسيلة أكثر هدوءًا وتركيزًا وخصوصية"، وواحدًا من أكثر تطبيقات الدردشة شعبية في أوروبا الشرقية. ويحتل الروس المرتبة الثانية في عمليات تنزيل التطبيق الذي أظهر منذ طرحه في عام 2013، أنه مفيد للغاية للمتظاهرين في أماكن مثل هونغ كونغ وبيلاروسيا.
ويتشابه "تليغرام" مع برامج المراسلة الأخرى مثل "واتساب"، لكنه على عكسها، يحتوي على قنوات عامة، تسمح باتصال مرسل واحد بعدد كبير من المشتركين.
"إنترنت مظلم"
وتجذب صحف أوكرانية عشرات آلاف المشتركين إلى قنواتها على التطبيق، وهي مستمرة بتقديم الأخبار والصور والفيديو للجمهور الأوكراني، وأيضًا للجمهور الروسي.
وأوضحت المجلة أن "تليغرام" يُعرف بأنه "موطن لمنظّري المؤامرة، والمتطرفين، وتجار المخدرات". ووصفته مجلة "دير شبيغل" الألمانية بأنه "إنترنت مظلم في جيبك".
وفي هذا الإطار، قالت إنه "يمكن للمرء أن يتخيل بسهولة كيف يمكن استخدام مثل هذا التطبيق في روسيا وأوكرانيا لنشر معلومات مضللة، أو إعطاء الجهات الفاعلة السيئة مكانًا للتسكع".
واعتبرت أن هذا "لا ينتقص من أهمية هذه الأداة للنشطاء والمعارضين"، مستشهدة بأهمية هذا التطبيق في أحداث "الربيع العربي" قبل أكثر من عقد.
مشاكل رغم الأهمية
وبالنسبة للأوكرانيين والروس الذين يقاومون الحرب، رأت المجلة أن الطرق المختلفة للاشتراك بتليغرام تسمح بتلقي المعلومات من خلال قنوات مخصصة، أو تشكيل مجموعات ملتزمة بموضوع واحد، وتفيد شعبًا من المرجح أن يضطر إلى الخوض في حرب طويلة.
لكن التطبيق ما يزال يعاني من مشاكل، حيث يحتوي على مصاعب تتعلق بالأمان ولا يحتوي على تشفير من المرسل إلى المستلم.
ولهذا نصحت ايفا غالابيرن، مديرة الأمن السيبراني في "Electronic Frontier Foundation"، المستخدمين بتشغيل وظيفة التدمير الذاتي للرسائل بحيث إذا تمت مصادرة هواتفهم، فلن تتمكن السلطات من رؤيتها.
ويعتبر الغموض الذي يحيط الشركة المسؤولة عن التطبيق عامل قلق أيضًا. فمؤسس تليغرام بافل دوروف، هو مواطن روسي لا يعرف عنه سوى القليل بخلاف الصور التي ينشرها لنفسه بدون قميص وهو يمارس اليوغا في دبي.
وفي الأيام الأولى من الحرب، فاجأ دوروف المستخدمين بإخبارهم أنه قد يغلق التطبيق لأنه "أصبح بشكل متزايد مصدرًا للمعلومات التي لم يتم التحقق منها".
لكنه تراجع بسرعة عن قراره. وليثبت أنه "ليس صديقًا للسلطات الروسية"، كتب أنه اضطر إلى مغادرة روسيا وشركته الأولى عام 2013 "عندما رفض تسليم بيانات عن المتظاهرين الأوكرانيين".
وأشارت المجلة إلى أن هناك القليل من الشفافية حول قرارات الشركة، أو حالة خوادمها، أو كيفية مراقبتها لما يحدث على منصتها.
ورغم كل هذه الصعوبات، رأت المجلة أن "ما يهم هو أن الأوكرانيين المحاصرين والروس المناهضين للحرب، يحاولون ممارسة الخصوصية والتواصل الهادئ، وهي فضائل ضرورية لحركة المقاومة".